الأمن ينفي !!
الرواية الأمنية حول اعتقال 30 عاملا من مفصولي شركة "نافذ" للخدمات اللوجستية، تصلح لاستخدامها كإضافة على مغامرات "أليس في بلاد العجائب"، حيث بلغت من الطرافة والغرابة ما عجز خيال كاتب تلك الرواية عن إدراكه.
خيال الرواية الأمنية حول اعتقال عمال "نافذ"، خلال اعتصامهم أمام دار المحافظة في مدينة العقبة، بلغت في جموحها أقصى درجات الغرابة، ولم يكن ينقصها سوى إضافة بعض التفاصيل الصغيرة، كظهور الأطباق الطائرة وتحليقها فوق المعتصمين، على سبيل المثال.
الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام، المقدم محمد الخطيب، كان قد صرح لوسائل إعلام بأن قوّات الامن لم تعتقل أيا من المعتصمين، بل إن "15 عاملا صعدوا بإرادتهم الى مركبة الاحتجاز التابعة لقوات الدرك خوفا من تعرضهم للضرب" !! نقلا عن رواية مدير إقليم الجنوب.
كثيرة هي الغرائب والعجائب التي تدعو إلى الدهشة وتوفر مادّة دسمة للتسلية، غير أن غرائب وعجائب الرسميين، وتصريحاتهم التي يعبرون فيها عن مدى استخفافهم بعقول الناس، وتجاهلهم لأبسط حقوق المواطنين، تدعو إلى الرثاء أكثر من كونها طرفة مسلية، فمن جهة يقول رئيس سلطة العقبة الاقتصادية كامل محادين للعمال "اذا مش عاجبكم هي الشارع ومجلس النواب أمامكم"، ومن جهة أخرى تحاول الرواية الأمنية إقناع الناس بأن المعتصمين صعدوا إلى مركبة الاحتجاز بملء إرادتهم، وربّما قيّدوا أنفسهم ووجهوا لبعضهم البعض تهما غريبة، من طراز تهمة "تقويض النظام" أو "التجمهر غير المشروع".. فمثل هذه التفاصيل قد تسقط سهوا من الرواية الأمنية، التي تعبّر عن ذات العقليّة "الفذة" التي تدار شؤون الدولة وفقاً لنزقها ومزاجيتها.. ولا عزاء للمواطنين !!