ما الذي سيأتي به تيلرسون ؟
يزور وزير الخارجية الاميركي المنطقة، في جولة تشمل خمس دول، من بينها الاردن، وواقع الحال، يقول ان جولات المسؤولين الاميركان، لم تعد تحظ بأي اهتمام، في ظل الادارة الحالية حصرا.
السياسة الخارجية الاميركية، في هذه المرحلة، تتسم بسمتين اساسيتين، إما خشنة وتميل الى التهديد والرعونة والاستخفاف بالدول، وهذا حصرا نرصده في تصريحات الرئيس الاميركي، ازاء قضايا عديدة، فيما السمة الثانية، التعبير عن المواقف بشكل اكثر دبلوماسية، لكن دون تأثير فعلي على قضايا المنطقة، وهذا نرصده في اداء الخارجية الاميركية حصرا.
في الحالتين، لا تحفر السياسة الاميركية اي اثر في المنطقة، إذ إنها في ملفات سوريا، فلسطين، وبقية الملفات، إما تعبر عن توتر شديد، وإما عن عدم قدرة على التأثير، واللافت للانتباه، أن السمتين تلتقيان معا من حيث النتيجة، حول ان المنطقة لا تقف مطولا في اعماقها، عند جدوى اي جولات لمسؤولين اميركان، مقارنة بفترات سابقة، لاعتبارات كثيرة.
تيلرسون يزور الاردن، واذا كان الاردن يتطلع الى العلاقة مع واشنطن، باعتبارها علاقة تحالف استراتيجي، سياسا واقتصاديا، وعلى مستويات اخرى، الا ان هذه العلاقة تم تلغيمها بعد ملف القدس، وبعد المعلومات التي تسربت حول وصفة الحل للقضية الفلسطينية، سواء بصيغتها التي تسربت، او الصيغة التي يجري تعديلها اليوم، جزئيا، اعتقادا من واشنطن انها قد تكون افضل.
بقصد او دون قصد، تدفع واشنطن المنطقة، باتجاه حلفاء جدد، مثل الروس، او حلفاء قيد الانتظار، اذ بات واضحا ان التحالف مع واشنطن من جانب دول المنطقة، مكلف، في ظل الادارة الحالية التي تميل علنا، الى المطالبة بأكثر مما تعطي، اضافة الى ممارستها للضغط على دول كثيرة، بشأن ملفات متعددة، دون ان تحسب كلفة هذه الضغوطات على العواصم في هذه المنطقة.
الاردن في هذا التوقيت يتطلع الى تطوير علاقاته مع الولايات المتحدة لاعتبارات اقتصادية، لكن هناك مشكلة سياسية عالقة بين الطرفين، تتعلق بملف القدس من جهة، وملف الحل النهائي، والمعلومات التي تتسرب عن ملف اللاجئين والحدود وغير ذلك، وبهذا المعنى لا تتوقع عمان الرسمية، اي تغييرات فعلية يحملها وزير الخارجية الاميركي في جولته، بل لربما ان الازمة سوف تستعصي اكثر حين تكتشف عمان، ان مواقف واشنطن ما زالت كما هي، مثلما اعلنها ترمب، وتبناها نائب الرئيس الاميركي خلال جولته، ولم يعد كافيا الاستناد الى النظرية القديمة التي تقول ان عهد المحافظين اصعب دوما، فقد خبر الاردن هذه المراحل واستطاع ان يعبر منها، بأقل خسائر ممكنة.
ما الذي سيأتي به تيلرسون الى الاردن، هذا هو السؤال المطروح، وعلى الاغلب ان زيارته لن تأتي بجديد، بغير من منسوب الحساسيات التي استجدت خلال الشهور الاخيرة، فيما هناك حذر من احتمال تأكيد وزارة الخارجية على مواقف الفريق المحيط بالرئيس الاميركي، وهو الفريق الاستشاري الذي دفع باتجاه الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، ويتبنى حلا سياسيا انتحاريا، واذا كانت المعلومات تتحدث سابقا، عن تباينات بين وزارة الخارجية وهذا الفريق ازاء هذه القضايا، فإن توقع سياسة مختلفة، قد يحملها وزير الخارجية، مجرد مبالغة، ومراهنة على الوقت الضائع.
يبقى الملف الثالث الذي قد يحمله تيلرسون، بعد القدس، ووصفة الحل النهائي، اي الملف السوري، وعلى الارجح لا تغييرات ايضا على هذا الملف الذي تتم معالجته حتى الان بشكل فني متواصل، ولا خلاف عليه بين واشنطن وعمان، واذا كانت التصريحات اللاحقة تتحدث عن هذا الملف، فإنها لن تأتي بجديد، بل ستعيد المواقف السابقة ذاتها.