2024-05-13 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

نواب الشعب.. حتى الجاهلية ترفض وجودكم المحض

نواب الشعب.. حتى الجاهلية ترفض وجودكم المحض
جو 24 :
تامر خرمه - الدولة "الحديثة" منظومة كان للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، الفضل في إقناع الشعوب بقبولها، وذلك عبر مقاربته التي سجلها ب "العقد الاجتماعي" ، والتي تفيد بأن الدولة تقوم على تفويض الناس لفئة منهم بإدارة شؤونهم.. وأهم سلطة في تلك المنظومة يفترض أن تكون السلطة التشريعية، بحيث ينتخب الشعب من ينوب عنه في تقرير شؤونه وإدارة مصالحه.

المعنى الذي أراده "روسو"، وفق ما يبدو، هو أن يكون للشعب موظفين منتخبين من قبله، يقبلون بتحمل مسؤولية الإدارة والرقابة على الحكم.. ولكن ماذا إن كان أولئك المنتدبون من قبل الناس يعملون ضد مصالح العامة، ويستغلون مناصبهم لإشباع رغبات شخصية ضيقة للغاية، على حساب مصلحة الأغلبية المقترعة؟! هل يليق ذلك يا ترى بمفهوم الدولة الحديثة كما نعرفه؟

يحدث هذا في الأردن، حيث ينتخب الناس موظفي الإدارة التشريعية والرقابية، الذين ينسلخون بدورهم عن قواعدهم الانتخابية، ويلهثون خلف تنفيعات السلطة التنفيذية، التي يفترض أن يضبطوا إيقاع سياساتها، على لحن الإرادة الشعبية الناخبة.

ولم يكتف نواب الشعب الأردني بذلك، فبعد أن "بصموا" على كافة القرارات الحكومية، غير الشعبية، عمدوا إلى التستر بورقة التوت، ومحاولة إخفاء حقيقة أمرهم -بطريقة مفضوحة للغاية- عبر الاختباء عن أعين الكاميرات، التي رصدت رسائلهم الغزلية، وإقامة جدار فصل زجاجي بينهم وبين الرأي العام.

أصحاب "السعادة" تناسوا أنهم موظفون لدى الشعب الذي يدفع رواتبهم من الضرائب التي لم يخجلوا من مضاعفتها.. وفي نهاية المطاف يريدون الاستمرار في ذات اللعبة غير البريئة، ولكن هذه المرة في غرفة مغلقة، وكاتمة للصوت!!

تأمل الأردنيون خيرا ذات ربيع، من تعديل قانون الانتخاب، كما تأملوا أيضا بالأوراق النقاشية الملكية، وكان التعديل و"الإصلاحات".. ولكن ما تمخض عن الجبل كان أقل من مجرد فأر.. فالمجلس النيابي الحالي لا يفوقه سوء إلا المجلس الذي بصم على معاهدة " وادي عربة" المشؤومة.. استعراض القوانين التي مررها هذا البرلمان تكفي لإثبات ذلك.

مجلس تنفيعي لا يغني ولا يسمن من جوع تأسيس الدولة الحديثة، فما الحاجة إليه؟! هل نحن حقا بحاجة ماسة لإقناع دول العالم بأننا نسير على شريعة "ديمقراطيتهم"؟! بصراحة، هذه المقاربة لا مبرر لها، دعونا نعود إلى القرون الوسطى، ونتأبط " موناركية" مطلقة، فذلك خير من هذا العبث والتزييف لمفهوم دولة المؤسسات.. أو ربما لو عدنا إلى قبلية ما قبل الإسلام سنكون بألف خير، فمفاهيم ما قبل الحداثة أكثر ملائمة لما نشهده اليوم من تزييف.. على الأقل في تلك المرحلة كان المتحدثون باسم الناس أكثر صدقا ونزاهة!
 
تابعو الأردن 24 على google news