هل يمكن لصوت الحكمة وقف هذا العبث الحكومي ؟
جو 24 :
تامر خرمه –طيلة سنوات الربيع العربي، كان هدف الناس في الأردن، كغيره من دول الجوار، هو تحقيق العدالة الاجتماعية. المطالب النخبوية المتعلقة بتعديل قانون الانتخاب، أو قانون الأحزاب السياسية، أو الاجتماعات العامة، لم تحتل على الإطلاق أولوية الجماهير، المطالبة بالخبز والعدالة.
وبعد تكيف الدولة الأردنية مع التطورات التي شهدتها المنطقة، نتيجة الحكمة في التعامل الأمني مع الاحتجاجات، شهدت البلاد جملة من "الإصلاحات" السياسية، فقانون الانتخاب مثلا جرى تحريره من مبدأ الصوت الواحد.. ولكن هل غير هذا شيء في واقع الحياة الاجتماعية - الاقتصادية؟!
المجلس النيابي الحالي، الذي أفرزه قانون معالي د. خالد كلالدة، كان أسوأ من كل المجالس السابقة، والتي أنتجها الانتماء العشائري، وقانون الصوت الواحد، فهذا المجلس هو الوحيد الذي تجرأ على المساس بخبز الناس، وعلى اجترار ظروف هبة نيسان.
الإصلاح الذي ينشده الشعب الأردني لا علاقة له بأسس المنظومة "الديموقراطية" المستندة إلى مبدأ: قل ما تريد.. ونحن نفعل ما نريد! كل ما تريده الجماهير هو التوقف عن الإنفاق على الحيتان المحتكرين للسلطة والثورة.
خلال عهد حكومة د. عبدالله النسور، شهدت البلاد موجات احتجاجات كان يمكن أن تفضي إلى ثورة عارمة، لولا تخوف الناس من لقاء ذات المصير الذي تواجهه سورية اليوم.. الأردن نجح بامتصاص تلك الاحتجاجات، وتكيف مع التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، ولكن ما هو مبرر إعادة تهيئة الظروف لإشعال ثورة، لا يعلم أحد إلى أين ستؤول نتائجها؟!
حكومة د. هاني الملقي، التي تتشدق بلغة الأرقام، تعمد إلى تجاهل حقيقة يستحيل تغطيتها بغربال، وهي غياب العدالة.. لماذا لا يتحمل الأغنياء مسؤوليتهم الوطنية؟ البنوك والشركات العملاقة التي استولت على كافة مقدرات الدولة، هي المطالبة بدفع الضرائب للخزينة، وليس الفقير الذي بالكاد يستطيع تأمين قوت يومه.. ينكر دولة الرئيس أن الأردنيين "مسخمين" لأنه لم يعش أحوال "السخام" و"الشحار".
الأردنيون وصلوا إلى أعلى مراحل الغضب الذي لا يمكن التحكم بنتائجه، فلمصلحة من يتم اتخاذ مثل هذه القرارات؟ لماذا تصر الحكومة على تفجير ثورة في هذه المرحلة بالذات، وفي ظل إصرار واشنطن على إبرام صفقة القرن؟! بعيدا عن نظرية المؤامرة.. ولكن ما نشهده هو مقامرة غير مدروسة، بأمن البلاد ومستقبلها، فهل يمكن لصوت الحكمة وقف هذا العبث؟