jo24_banner
jo24_banner

إلى متى نعادي اسرائيل؟

ماهر أبو طير
جو 24 :

تظهر بين فترة واخرى، اصوات عربية سياسية واعلامية، تسأل بشكل مباشر، او غير مباشر السؤال الذي يتعلق بالسقف الزمني الذي نعتمده لمعاداة اسرائيل، وهؤلاء يريدون ان يقولوا ان العالم كله يعترف بإسرائيل، وليس منطقيا ان نعادي نحن اسرائيل الى ما لا نهاية.
واقع الحال مؤلم جدا، لان بقاء اسرائيل طوال هذه العقود اعتمد على عدة عوامل، من بينها الضعف الشديد للنظام الرسمي العربي، وعدم نيته اساسا محاربة اسرائيل، ايا كانت شعاراته، اضافة الى ما تعرضت له المنطقة العربية، من اضعاف بوسائل مختلفة.
سؤال معاداة اسرائيل، وما يتعلق بالسقف الزمني، قد يكون توطئة لتحويل العلاقات السرية الى علنية مع اسرائيل، وقد يكون سؤالا من قبيل استنكار ما ضاع من سنين دون جدوى، لا سلم ولا حرب، وقد يكون ايضا طعنا في الروح المعنوية للناس، عبر اثارة هكذا اسئلة تقول فعليا، ان فلسطين ضاعت، وان التعامل مع اسرائيل لم يعد مشكلة، لانها الواقع الحاضر، برأي هؤلاء، فيما فلسطين الواقع الغائب او المتخيل، وفقا لبعضهم.
لكن هذا السؤال في حقيقته يمهد لكارثة اكبر، اي كارثة الانفتاح على اسرائيل، بلا حدود، باعتبار ان ازالة اسرائيل وفقا لهؤلاء مستحيلة، وازالتها جزئيا من بعض مناطق فلسطين، باتت استحالة ايضا.
هكذا اذا يراد تغييب كل الاستنادات الدينية والسياسية والثقافية عند العرب بخصوص اسرائيل، وهذه الاستنادات التي تقول ان اسرائيل زائلة نهاية المطاف، يراد هزها كليا، ليس لان الصبر قد نفد عند عامة الناس، لكن لان اصحاب هذا التيار يريدون اختصار المستقبل، وتكريس اسرائيل كينونة شرعية علنية، على حساب الشعب الفلسطيني والعرب والمسلمين، وامن المنطقة، وهويتها التي تأبى وجود هذه الكينونة لاعتبارات بنيوية.
اغلب الاصوات التي تطرح هذا السؤال تدّعي انها مثقفة سياسيا، ولو كانت مثقفة، لما افترضت في الاساس ان هناك سقفا زمنيا، حتى لو لم يكن هناك متكأ ديني او ثقافي او سياسي، يؤكد للكل ان هذه الكينونة زائلة نهاية المطاف، فلماذا نشهد لاول مرة، على عكس كل الاحتلالات التي شهدناها في المنطقة، ارادة لمصالحة الاحتلال، وشرعنته، واثارة الاسئلة حول جدوى عدم وجود سقف زمني لمعاداة اسرائيل، يحدد بالتالي مواصلة العداء او مصالحتها، فيما كلنا يعرف ان هكذا اسئلة يراد منها التوطئة للتطبيع معها، وكأن العرب بعد تلك اللحظة، سيتنزل عليهم المن والسلوى وسوف تزدهر حياتهم، ويأمنوا على انفسهم، ويتم حل كل مشاكلهم.
ان السؤال بحد ذاته يفترض ان هذه الشعوب، قد تعبت ونفد صبرها بعد ان انتظرت طويلا، ولم يتم تحرير فلسطين او استعادتها، وعلى اصحاب السؤال، ان يتخلوا عن مهمتهم في خدمة الاحتلال عبر تطويع الذاكرة والوجدان والروح، وان يتركوا هكذا اسئلة، مهينة لكل البنية العربية والاسلامية، التي على ما فيها من ضعف وهوان، الا انها لم تعترف بإسرائيل، ولم تتنكر لفلسطين بما تعنيه من قيمة تاريخية وانسانية وعروبية واسلامية ايضا.

 
تابعو الأردن 24 على google news