هل "تغيّر الموقف"؟!
محمد أبو رمان
جو 24 : لو قرّر رئيس الوزراء أن يأخذ مكاناً منعزلاً عن الجلبة التي حوله، ويجلس وحيداً يفكّر بهدوء، ويقارن بين اللحظة التي كلف فيها بتشكيل الحكومة (قبل قرابة 6 أشهر) وما كان يحمله من طموح وتوقعات وما وصل إليه حالياً، بعيداً عن التبريرات والمشاعر المحبطة من المفاجآت التي وجدها أمامه... فبماذا سيخرج؟
لو تحدثنا عن الملف الأكثر أهمية له ولنا، وهو الإصلاح السياسي، فما كان يتحدث عنه من إطلاق الحريات العامة وترسيخ الولاية العامة، وضبط المنظور الأمني ضمن حدوده المعروفة، وإطلاق مبدأ حكم القانون.. هذا كله، على الأقل بنظر الشارع، تبخّر تماماً خلال الأسابيع الأخيرة!
هنالك، بالضرورة، خطاب آخر داخل مؤسسات الدولة ومن "الحرس القديم"، يراهن على أنّه من الخطورة التساهل أمام الإساءات التي تحدث أو التراخي معها، وتكريسها في الشارع. وربما يواجه الرئيس في تلك النقاشات أصواتاً مرتفعة تهوّل من خطورة ما يجري، وضغوطا لاتخاذ الإجراءات القاسية، فيكون قراره هو النأي بنفسه عن هذه الإجراءات، وفي الوقت نفسه عدم ممانعتها. لكنه في عرف الشارع، وقبل ذلك الدستور والقانون، هو المسؤول عنها أولاً وأخيراً بمنطق الولاية العامة!
المخطئ ليس محصّناً، سواء كان صحفياً أو "حراكياً"، هذا صحيح. لكن المطلوب هو الالتزام بالقانون، وبالإجراءات القضائية المتبعة، سواء في قضايا القدح والذم أو في المطبوعات والنشر، أمّا اختزال المعادلة بمنطق التأديب في المراكز الأمنية، وبمحكمة أمن الدولة، فهذا يعيدنا إلى ما قبل المربع الأول!
لو تأمّل الرئيس ما تم تحقيقه من مهمته الرئيسة؛ إصدار التشريعات المؤسسة للمرحلة القادمة، فسيجد أنّ القانون الأكثر أهمية، وهو قانون الانتخاب، لم يحظ بأي قبول لدى القوى السياسية الرئيسة في البلاد، ومن المجتمع المدني، وهو مشروع أقل ما يقال فيه إنّه استسلم للفزّاعات التقليدية، وحسابات ما قبل الربيع الديمقراطي العربي، وهو بمثابة إعلان وفاة مبكرة لمشروع الإصلاح السياسي الحقيقي.
بعد أن تبيّن الصدى السلبي الهائل؛ لماذا يصرّ الرئيس على عدم سحب المشروع، ويضع رقبته بين يدي مجلس نواب لن يرحمه، وليس في مصلحته تمرير قانون يعيد هيكلة منتج الانتخابات القادمة، بل سيماطل المجلس وسيأتي في النهاية بتعديلات تضعف المشروع أكثر؟!
اليوم، مصداقية خطاب الرئيس في الشارع على المحك؛ فمهما ساق في الرد على ذلك من مبررات، فلن يغيّر من الأمر شيئاً، لأنّ الرؤساء الذين قبله يستطيعون الإتيان هم كذلك بأطنان من المبررات والادعاءات لتبرير ما قاموا به، لكن الشارع والمراقبين معنيون فقط بما يرونه أمام أعينهم، وهي مخرجات لو فكّر فيها الرئيس بتجرّد وموضوعية، لا تعكس أبداً روح الخطاب الذي بدأ به، ولا طموحه بما سيتركه وراءه من سمعة وإرث مكتوب في الحياة السياسية!
هذا إذا وضعنا جانباً القرارات الاقتصادية الأكثر خطورة التي سيقدم الرجل على اتخاذها في الأسابيع القادمة، وهي التي كان من الممكن أن يدافع عنها لو سار بصورة أفضل بمشروع الإصلاح السياسي، وتمسّك بما جاء به من طموحات، وقدم قانون انتخاب توافقيا، ومهّد بقوة لانتخابات قريبة نزيهة، وصان الحريات العامة، وأصرّ على الالتزام بمبدأ سيادة القانون، واحترام التعديلات الدستورية التي تم إقرارها مؤخراً.
ثمة وجهات نظر مختلفة حول الرئيس في تقييم ما يحدث، وهنالك من يتبنى الموقف المعاكس تماما. وما أطلبه منه هو أن يعتبر هذه الأفكار وجهة نظر أخرى، أعتقد أنّها تنسجم أكثر مع أفكاره هو، وأرجو أن يعيد تقييم الأوضاع، إلاّ إذا كان "الموقف قد تغيّر" لديه!
الغد
لو تحدثنا عن الملف الأكثر أهمية له ولنا، وهو الإصلاح السياسي، فما كان يتحدث عنه من إطلاق الحريات العامة وترسيخ الولاية العامة، وضبط المنظور الأمني ضمن حدوده المعروفة، وإطلاق مبدأ حكم القانون.. هذا كله، على الأقل بنظر الشارع، تبخّر تماماً خلال الأسابيع الأخيرة!
هنالك، بالضرورة، خطاب آخر داخل مؤسسات الدولة ومن "الحرس القديم"، يراهن على أنّه من الخطورة التساهل أمام الإساءات التي تحدث أو التراخي معها، وتكريسها في الشارع. وربما يواجه الرئيس في تلك النقاشات أصواتاً مرتفعة تهوّل من خطورة ما يجري، وضغوطا لاتخاذ الإجراءات القاسية، فيكون قراره هو النأي بنفسه عن هذه الإجراءات، وفي الوقت نفسه عدم ممانعتها. لكنه في عرف الشارع، وقبل ذلك الدستور والقانون، هو المسؤول عنها أولاً وأخيراً بمنطق الولاية العامة!
المخطئ ليس محصّناً، سواء كان صحفياً أو "حراكياً"، هذا صحيح. لكن المطلوب هو الالتزام بالقانون، وبالإجراءات القضائية المتبعة، سواء في قضايا القدح والذم أو في المطبوعات والنشر، أمّا اختزال المعادلة بمنطق التأديب في المراكز الأمنية، وبمحكمة أمن الدولة، فهذا يعيدنا إلى ما قبل المربع الأول!
لو تأمّل الرئيس ما تم تحقيقه من مهمته الرئيسة؛ إصدار التشريعات المؤسسة للمرحلة القادمة، فسيجد أنّ القانون الأكثر أهمية، وهو قانون الانتخاب، لم يحظ بأي قبول لدى القوى السياسية الرئيسة في البلاد، ومن المجتمع المدني، وهو مشروع أقل ما يقال فيه إنّه استسلم للفزّاعات التقليدية، وحسابات ما قبل الربيع الديمقراطي العربي، وهو بمثابة إعلان وفاة مبكرة لمشروع الإصلاح السياسي الحقيقي.
بعد أن تبيّن الصدى السلبي الهائل؛ لماذا يصرّ الرئيس على عدم سحب المشروع، ويضع رقبته بين يدي مجلس نواب لن يرحمه، وليس في مصلحته تمرير قانون يعيد هيكلة منتج الانتخابات القادمة، بل سيماطل المجلس وسيأتي في النهاية بتعديلات تضعف المشروع أكثر؟!
اليوم، مصداقية خطاب الرئيس في الشارع على المحك؛ فمهما ساق في الرد على ذلك من مبررات، فلن يغيّر من الأمر شيئاً، لأنّ الرؤساء الذين قبله يستطيعون الإتيان هم كذلك بأطنان من المبررات والادعاءات لتبرير ما قاموا به، لكن الشارع والمراقبين معنيون فقط بما يرونه أمام أعينهم، وهي مخرجات لو فكّر فيها الرئيس بتجرّد وموضوعية، لا تعكس أبداً روح الخطاب الذي بدأ به، ولا طموحه بما سيتركه وراءه من سمعة وإرث مكتوب في الحياة السياسية!
هذا إذا وضعنا جانباً القرارات الاقتصادية الأكثر خطورة التي سيقدم الرجل على اتخاذها في الأسابيع القادمة، وهي التي كان من الممكن أن يدافع عنها لو سار بصورة أفضل بمشروع الإصلاح السياسي، وتمسّك بما جاء به من طموحات، وقدم قانون انتخاب توافقيا، ومهّد بقوة لانتخابات قريبة نزيهة، وصان الحريات العامة، وأصرّ على الالتزام بمبدأ سيادة القانون، واحترام التعديلات الدستورية التي تم إقرارها مؤخراً.
ثمة وجهات نظر مختلفة حول الرئيس في تقييم ما يحدث، وهنالك من يتبنى الموقف المعاكس تماما. وما أطلبه منه هو أن يعتبر هذه الأفكار وجهة نظر أخرى، أعتقد أنّها تنسجم أكثر مع أفكاره هو، وأرجو أن يعيد تقييم الأوضاع، إلاّ إذا كان "الموقف قد تغيّر" لديه!
الغد