فيلتمان المندوب السامي وسورية
لميس أندوني
جو 24 : عندما كان جيفري فيلتمان سفيراً للولايات المتحدة في لبنان، لفت الأنظار واستفز المشاعر، بوقاحته المتناهية إذ تصرف وكأنه الحاكم بأمره يطلق تصريحات - كأنها أوامر إلى الشعب اللبناني لعل أشهرها الطلب من الشعب اللبناني أن يتوحد ضد حزب الله - احتوت تحريضا ضمنيا للنزول إلى الشارع والقتال!
فيلتمان العلني في صهيونيته الداعمة لعدوانية إسرائيل حتى التطرف، لم يكن يهمه من موقف حزب الله، إلا ما يشكله الحزب من خطر أو تهديد لإسرائيل، فجاهر بمهمته الرئيسية في القضاء على حزب الله، مستغلاً الخلافات السياسية والتناقضات الطائفية اللبنانية، وزاد من سطوته استعداد أطراف لبنانية لاعتبار كلمته وتوجيهاته بمثابة مرجعية عليا لا فوقها أو قبلها مرجعية.
مناسبة الحديث عن فيلتمان، انه ما زال يلاحقنا كالكابوس، فبصفته مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، وهو ملف يشمل "جميع النزاعات الإقليمية والعالمية" ، يضعنا تحت عباءة رحمته، فالرجل في موقع مؤثر على الملف السوري بشكل خاص، ولا يخفي محاولاته لإكمال مهمته، بل مهماته القديمة.
انتقال فيلتمان في صيف العام الماضي من منصب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشرق الأدنى، إلى الأمم المتحدة كان مؤشرا على توجه بل على نجاح صهيوني بتدعيم دور فيلتمان المنشود ، الذي كان يمارسه عملياً في درجات متفاوتة تتناسب مع مواقعه المختلفة ، في العراق وثم فلسطين والسفارة الأمريكية في تل أبيب ، ألا هو المندوب السامي الجديد للعالم العربي والإسلامي.
فيلتمان يتحرك الآن مجدداً ، فعشية اللقاء المقرر بين وزيري الخارجية الأمريكي جون كيري و الروسي سيرجي لافروف، حذر فيلتمان من مرور السلاح بين سورية ولبنان، بالاتجاهين، معبرا عن قلقه حول تداعيات العملية على الوضع اللبناني.
قلق فيلتمان ليس له علاقة بأمن وأمان الشعب السوري، أو الشعب اللبناني، بل لا يهمه عدد من قتل وشرد من السوريين، ولا جرائم النظام، بل المهم لديه، هو استثمار الدم السوري، في إنهاء أي خطر على إسرائيل ، أو حتى قوة رادعة لبطشها وضمان تفوقها العسكري والسياسي في المنطقة.
وهو ليس معنيا بحل سياسي للأزمة السورية، ولا حتى بحل عسكري، إذ لم يتناسب مع رؤيته، وهو الآن "يدب الصوت"، لأن جون كيري، ورغم عدم تعارض جوهري لوزير الخارجية الجديد مع السياسات الأمريكية، لكنه كان من أبرز - ولوقت طويل- معارضي مقاطعة النظام السوري، وكان من الداعين لاحتواء النظام ، واعتمد الرئيس الأمريكي باراك أوباما عليه في الوصول إلى تفاهمات سابقة مع الرئيس بشار الأسد .
أي أن فيلتمان ، و صهاينة آخرون في أمريكا، يشعرون، أن واشنطن، قد تقبل بتسوية هي في جوهرها مساومة مع روسيا، لا تصفي حسابات إسرائيل كلها ولا تعيد ترتيب الوضع كلياً وجذرياً بما يفيد مصالح إسرائيل.
لست من المدافعين عن النظام السوري وأصر على موقفي، فلن أدافع عن أي نظام تعسفي أو دموي ولا يهمني في ذلك توجهاته الأيديولوجية، كما أعي تماما دور قطر والسعودية ، فالتدخل السعودي والقطري، جاء من باب مصادرة الانتفاضة السورية وتضحياتها ، في تنافس على دور وظيفي في خدمة القوة الأكبر ،أمريكا، عدا عن كونه صراع نفوذ سياسي واقتصادي، في السيطرة على مستقبل سورية.
لكن كوني أحترم حق الشعب السوري برفضه القمع والظلم، لا يعني عدم وضوح الرؤية، في كيفية استغلال الأطراف الإقليمية والدولية، لما يحدث، وأهمها أن تكون أية تسوية أو حل عسكري للأزمة في سورية، مدخلاً، لتحقيق الأهداف الإسرائيلية.
لم تكن استقالة فيلتمان من منصبه في وزارة الخارجية الأمريكية في أيار الماضي صدفة، فإعادة ترتيب الوضع الإقليمي ، تطلبت نفوذا ودورا مباشراً لفيلتمان، ومن وراء فيلتمان، لأنه لا مجال حتى لمراعاة، حدود القوة الأمريكية وحساباتها حتى التكتيكية منها، فكان لا بد من الانتقال إلى تحكيم السيطرة، حيث تؤخذ القرارات ، لحماية إسرائيل، ففيلتمان لا يختلف عن الصهيوني الأمريكي العتيد دينيس روس، و يتفق مع بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل لا تستطيع الاعتماد الكلي على أمريكا لتنفيذ أجندتها.
إذ يقترب موعد لقاء كيري -لافرف، لا بد من التنبه والانتباه إلى ما يصدر عن فيلتمان، ليس لشخصه، بل بحكم موقعه المؤثر، لست أتحدث عن "مؤامرة يهودية"، ولا عن تبرئة الإدارة الأمريكية، من سياستها الاستعمارية، لكن اعترافاً بأن قوى الاستعمار نفسها، تتنافس أجنداتها، الجزئية، وتطمح في تصفيتها على حسابنا.العرب اليوم
فيلتمان العلني في صهيونيته الداعمة لعدوانية إسرائيل حتى التطرف، لم يكن يهمه من موقف حزب الله، إلا ما يشكله الحزب من خطر أو تهديد لإسرائيل، فجاهر بمهمته الرئيسية في القضاء على حزب الله، مستغلاً الخلافات السياسية والتناقضات الطائفية اللبنانية، وزاد من سطوته استعداد أطراف لبنانية لاعتبار كلمته وتوجيهاته بمثابة مرجعية عليا لا فوقها أو قبلها مرجعية.
مناسبة الحديث عن فيلتمان، انه ما زال يلاحقنا كالكابوس، فبصفته مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، وهو ملف يشمل "جميع النزاعات الإقليمية والعالمية" ، يضعنا تحت عباءة رحمته، فالرجل في موقع مؤثر على الملف السوري بشكل خاص، ولا يخفي محاولاته لإكمال مهمته، بل مهماته القديمة.
انتقال فيلتمان في صيف العام الماضي من منصب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشرق الأدنى، إلى الأمم المتحدة كان مؤشرا على توجه بل على نجاح صهيوني بتدعيم دور فيلتمان المنشود ، الذي كان يمارسه عملياً في درجات متفاوتة تتناسب مع مواقعه المختلفة ، في العراق وثم فلسطين والسفارة الأمريكية في تل أبيب ، ألا هو المندوب السامي الجديد للعالم العربي والإسلامي.
فيلتمان يتحرك الآن مجدداً ، فعشية اللقاء المقرر بين وزيري الخارجية الأمريكي جون كيري و الروسي سيرجي لافروف، حذر فيلتمان من مرور السلاح بين سورية ولبنان، بالاتجاهين، معبرا عن قلقه حول تداعيات العملية على الوضع اللبناني.
قلق فيلتمان ليس له علاقة بأمن وأمان الشعب السوري، أو الشعب اللبناني، بل لا يهمه عدد من قتل وشرد من السوريين، ولا جرائم النظام، بل المهم لديه، هو استثمار الدم السوري، في إنهاء أي خطر على إسرائيل ، أو حتى قوة رادعة لبطشها وضمان تفوقها العسكري والسياسي في المنطقة.
وهو ليس معنيا بحل سياسي للأزمة السورية، ولا حتى بحل عسكري، إذ لم يتناسب مع رؤيته، وهو الآن "يدب الصوت"، لأن جون كيري، ورغم عدم تعارض جوهري لوزير الخارجية الجديد مع السياسات الأمريكية، لكنه كان من أبرز - ولوقت طويل- معارضي مقاطعة النظام السوري، وكان من الداعين لاحتواء النظام ، واعتمد الرئيس الأمريكي باراك أوباما عليه في الوصول إلى تفاهمات سابقة مع الرئيس بشار الأسد .
أي أن فيلتمان ، و صهاينة آخرون في أمريكا، يشعرون، أن واشنطن، قد تقبل بتسوية هي في جوهرها مساومة مع روسيا، لا تصفي حسابات إسرائيل كلها ولا تعيد ترتيب الوضع كلياً وجذرياً بما يفيد مصالح إسرائيل.
لست من المدافعين عن النظام السوري وأصر على موقفي، فلن أدافع عن أي نظام تعسفي أو دموي ولا يهمني في ذلك توجهاته الأيديولوجية، كما أعي تماما دور قطر والسعودية ، فالتدخل السعودي والقطري، جاء من باب مصادرة الانتفاضة السورية وتضحياتها ، في تنافس على دور وظيفي في خدمة القوة الأكبر ،أمريكا، عدا عن كونه صراع نفوذ سياسي واقتصادي، في السيطرة على مستقبل سورية.
لكن كوني أحترم حق الشعب السوري برفضه القمع والظلم، لا يعني عدم وضوح الرؤية، في كيفية استغلال الأطراف الإقليمية والدولية، لما يحدث، وأهمها أن تكون أية تسوية أو حل عسكري للأزمة في سورية، مدخلاً، لتحقيق الأهداف الإسرائيلية.
لم تكن استقالة فيلتمان من منصبه في وزارة الخارجية الأمريكية في أيار الماضي صدفة، فإعادة ترتيب الوضع الإقليمي ، تطلبت نفوذا ودورا مباشراً لفيلتمان، ومن وراء فيلتمان، لأنه لا مجال حتى لمراعاة، حدود القوة الأمريكية وحساباتها حتى التكتيكية منها، فكان لا بد من الانتقال إلى تحكيم السيطرة، حيث تؤخذ القرارات ، لحماية إسرائيل، ففيلتمان لا يختلف عن الصهيوني الأمريكي العتيد دينيس روس، و يتفق مع بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل لا تستطيع الاعتماد الكلي على أمريكا لتنفيذ أجندتها.
إذ يقترب موعد لقاء كيري -لافرف، لا بد من التنبه والانتباه إلى ما يصدر عن فيلتمان، ليس لشخصه، بل بحكم موقعه المؤثر، لست أتحدث عن "مؤامرة يهودية"، ولا عن تبرئة الإدارة الأمريكية، من سياستها الاستعمارية، لكن اعترافاً بأن قوى الاستعمار نفسها، تتنافس أجنداتها، الجزئية، وتطمح في تصفيتها على حسابنا.العرب اليوم