jo24_banner
jo24_banner

صفقة القرن.. هل يدفع الأردن الثمن؟!

صفقة القرن.. هل يدفع الأردن الثمن؟!
جو 24 :
تامر خرمه - في كل بقاع الدنيا، وفي أية دولة من دول العالم، يُعدّ السلب جريمة يعاقب عليها القانون، وتضع مقترفها في زاوية الازدراء الاجتماعي، والاحتقار الأخلاقي.. هذا ينطبق على الأفراد، ولكن لسبب غير موجود يتم استثناء الدول عندما تقرر سلب واغتصاب أراضي غيرها من الشعوب.

الأمثلة على جرائم السلب التي تقترفها الدول قد يصعب حصرها بعدد محدد، ولكن أبرزها جريمة بلفور، الذي "منح" ما لا يملك لمن لا يستحق، فكانت دولة الاحتلال الصهيوني، وما زالت النكبة مستمرة منذ سبعين سنة. واليوم يجتر التاريخ ذاته في الولايات المتحدة، حيث قرر رئيسها العنصري، المتخم بخطاب الكراهية، نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، في خطوة خطيرة باتجاه صفقة القرن، التي قد تجبر عربدة اليانكيز الأردن على دفع وجوده ثمنا لها.

أجهزة الاستخبارات الصهيونية بدأت ببث سمومها عبر موقع دبيكا، في محاولة للترويج لهذه الصفقة، عبر بالونات اختبار تحفز على القيء، وبلغة متعجرفة يعتبر قاموسها أن قرية أبو ديس هي عاصمة فلسطين! وأن حركة المقاومة الإسلامية مجبرة على نزع سلاحها، لضم قطاع غزة إلى الدولة الفلسطينية المقترحة على أجزاء من الضفة الغربية !

وبالطبع، يصر إعلام الاحتلال الاستخباري على بقاء معابر الحدود ومنطقة الغور تحت سيطرة الجيش الصهيوني، ما يعني أن الدولة الفلسطينية المقترحة لن تمتلك أية سيادة، وأن الدور المناط بسلطة رام الله لن يتجاوز حدود التنسيق الأمني.. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هو انعكاسات ذلك على الساحة الفلسطينية والدولة الأردنية؟

بالتأكيد لن يتم تطويع الشعب الفلسطيني لقبول صفقة ترامب كأمر واقع. عهد التميمي خير إثبات على ذلك. صحيح أن فصائل المقاومة تراجعت إلى حد يدعو لليأس، بيد أن البديل بدأ بالتشكل منذ اندلاع انتفاضة السكاكين. جيل اليوم يخلق البدائل، والقادم سيكون عصيبا على دولة الاحتلال.

الأجدى بالسلطة الفلسطينية حل ذاتها وتحميل الاحتلال مسؤولية جريمته المستمرة، ولكن "الختايرة" لن يقومون بهذه الخطوة كما هو واضح. النتيجة الحتمية لهذا الواقع، وفقا للقوانين السيكو- سوشيولوجية التي تحكم حركة الشعوب، خلق بديل لسلطة منظمة التحرير، واندلاع الربيع الفلسطيني ليشكل منعطفا أكثر أهمية حتى من الإنتفاضة الأولى.

أما بالنسبة للأردن، بمساحة المناورة واسعة للغاية. مصافحة طهران كانت خطوة سديدة، ورسالة واضحة للأخوة الأعداء، تفيد بأن السلطة الأردنية لن تتخلى عن دورها السياسي، الذي يقود تهويد القدس إلى إجهاضه.

الأمل معقود على المقاومة الفلسطينية والدبلوماسية الأردنية، بيد أن العربدة الأميركية لا تبشر بالخير.. قانون الغاب هو السائد اليوم.. والاحتلال الذي تدعمه واشنطن يأبى إلا تهويد القدس.. ترى، هل ستتمكن القيادة الأردنية من مواجهة هذا الواقع دون تغيير جذري في استراتيجية التحالفات؟

"صفقة القرن" ستقود حتما إلى ترجمة مشروع الوطن البديل، لذا لا مناص من إعادة النظر بالسياسة الخارجية، وتصنيف معسكري الأعداء والأصدقاء وفقا للمصلحة الوطنية، عوضا عن علاقات القوى التي تفرضها البلطجة الأميركية.

 
تابعو الأردن 24 على google news