مخيم بلا فلسطينيين
نقرأ تقارير مهمة، حول الفلسطينيين في سوريا، وبين يدي تقرير عن مخيم اليرموك، الذي كان يسكنه مئات الاف الفلسطينيين، الذين تشردوا لاحقا، وتوزعوا في احياء دمشق ومناطق اخرى.
مخيم اليرموك بحاجة الى اعادة اعمار، والمراهنة هنا تبقى على العالم العربي، والمؤسسات الدولية، لان اكثر من خمسين بالمئة، من بيوت المخيم ومدارسه ومحلاته التجارية، تم تدميرها، وهدمها، ونهبها، هذا اضافة الى خراب كل الخدمات الصحية والبيئية، داخل المخيم.
مخيم اليرموك، الذي تأسس مطلع الخمسينيات، تحول تدريجيا، الى موقع كبير للفلسطينيين في سوريا، الذين انتقلوا اليه تدريجيا، وتحول الى منطقة تجارية مزدهرة جدا، يسكنها السوريون ايضا، الى درجة ان بعض التقديرات كانت تشير الى وصول عدد سكان المخيم الى اكثر من مليون شخص، ما بين فلسطيني، او سوري، او حتى عراقي.
الامم المتحدة، لا تصنف المخيم، باعتباره مخيما رسميا، لكنها برغم ذلك، تدير خدمات معينة داخل المخيم، على مستوى التعليم والصحة، حيث توجد مدارس ومستشفيات ومراكز صحية.
كارثة المخيم، تسببت بها تعقيدات كثيرة، ابرزها تسلل الجماعات المتشددة الى المخيم، مما حوله الى هدف للسلطات السورية، اضافة الى تورط تنظيمات فلسطينية في الفوضى السورية، سواء دعما للنظام، او محاربة للنظام، ما اضطر دمشق الرسمية، لحصاره، وقصفه، فيما اضطر المدنيون لهجرته الى بيوت داخل دمشق، او الى مخيمات فلسطينية اخرى، داخل سوريا، وهذا كله تسبب بكلف مالية كبيرة، على اللاجئين الذين خسروا كل شيء، وتعرضوا فعليا لنكبة جديدة.
في اكثر من بلد عربي، وجد الفلسطينيون انفسهم وسط تعقيدات الازمات الداخلية، ودفعوا الثمن، جراء الزج بهم، وجراء التعقيدات، وهذا شهدناه في العراق ولبنان، حيث لعبت عوامل كثيرة دورا في مراحل سابقة، في اشراك الفلسطينيين عنوة، في هذه الازمات، سواء عبر تنظيمات تعمل مع انظمة ودول، وتنطق بأسم الفلسطينيين، او بسبب معادلات معينة، لكننا في كل الحالات كنا نشهد كلفا مرتفعة جدا، تتنزل على الفلسطينيين بسبب تصرفات البعض، او تعمد قوى معينة الزج بهم، في هذه الازمات، لاعتبارات لا يعرف احد، من المستفيد منها، لكن في ظلالها نقرأ ضربات للمجموع الفلسطيني المستقر، في دول كثيرة، وكأنه مطلوب هز استقرارهم المؤقت، تحت عناوين مختلفة.
النظام السوري لا يسمح حتى اليوم، لسكان المخيم بالعودة، اما لاعتبارات امنية، او لاعتبارات تتعلق بمعاقبتهم، ظنا من النظام انهم شركاء في الفوضى السورية، وفي كل الحالات، لا يمكن ان يستمر الحال هكذا في المخيم، الذي تحول الى انقاض، ولابد من حل جذري له.
تموضع المكون الفلسطيني في سوريا، واستقراره، امر مهم، فقد كان يعيش بشكل جيد، آمنا، دون مشاكل، وهذه شهادة كثرة منهم، بحق سوريا، ومن المفترض هنا، ان يقوم نظام دمشق الرسمية، الذي يرفع شعارات الممانعة والمقاومة، برفع قيوده عن المخيم وسكانه، اضافة الى ما يمكن ان يقدمه العرب والعالم، من اجل اعادة اعمار المخيم، وعودة سكانه اليه، من اجل استرداد حياتهم الطبيعية.
في حالات كثيرة، يدفع الفلسطيني، ثمن ازمات العرب، والادلة على ذلك كثيرة، وما يمكن قوله، ان ازمة اللجوء الفلسطيني، باتت ازمة مركبة، اذ ان الفلسطينيين، كل عقد من الزمن، يتلقون ضربة كبرى، في بلد ما، لاسباب مختلفة، ولو عدنا الى تواقيت اللجوء، وماذا يجري كل عقد من الزمن، لاكتشفنا بكل بساطة، ان كل مجموع ومكون يستقر ويزدهر، يتم تركه حتى يصبح في احسن احواله، فتأتيه الضربة من حيث لا يحتسب، بما ادى نهاية المطاف الى تحول الفلسطيني الى شخص مشكوك به، في كل مكان، وتحت ما تقدحه الاعين الحمراء، باعتباره الطاعون بين العرب.
الدستور