الخصاونة استقال بعد فوات الاوان ..
معاذ أبو الهيجاء - جاءت استقالة رئيس الوزراء القاضي عون الخصاونة لتطرح المزيد من التسآؤلات السياسية في الشارع الاردني، وتثير حالة من الجدل "السياسي" حول مسيرة الاصلاح الشامل في الاردن.
ولكن الأهم من كل ذلك أن استقالة " الخصاونة أحدثت معضلة أمام القصر الملكي وصدمة كبيرة جدا لا تقل عن صدمة " الكباريتي" الذي رفض الذهاب للتعزية بأطفال اليهود، واستقال بعد ذلك.
القصر الآن يواجه عدة مشاكل لأن استقالة الخصاونة جعلت القصر في حيرة كبيرة إذ ظهر أن رؤساء الوزراء لا يملكون الولاية العامة والأمور كلها بيد القصر، وما عليهم إلا التنفيذ فقط.
فهل سيكون رئيس الوزراء الجديد فايز الطراونة قادرا على معالجة ملف الحراك الشعبي، والازمة في التشريعات السياسية،" قانوني الاحزاب، والانتخابات، وغرق الاردن في بحر" لُجي" من الديون، اضافة إلى فقدان معظم الشعب الاردني ثقته بالحكومات الاردنية، ومجالس نوابها واعيانها بمختلف تشكيلتها.
قاضي لاهاي أكمل 6 شهور في رئاسة الوزراء، تحديات ربما كانت أكبر من قاضي المحكمة الدولية، الذي ظهر أنه غير ضليع في معالجة الأزمات والقضايا، كما كان بارعا في اصدار الاحكام عليها وهو قاض ليتضح له أن الأردن لم يكن محكمة "لاهاي" التي رضي أن يكون رئيساً لوزرائها.
وإن استعرضنا انجازات القاضي الخصاونة فإننا سنجد أنه وطاقمه الوزاري " الباهت" لم يختلف كثيرا عما سبقه بل ربما كان الاسوأ في معظم الحكومات خصوصا بعد عمل عدوا للحريات وسعى بشكل حثيث لضرب -الصحافة الالكترونية وكان اعتقال الصحافي جمال المحتسب انموذجا على ذلك.
الاصلاحات السياسية الاقتصادية: فشل في الحلول وتعميق أكبر للأزمات
أما الاصلاحات السياسية فلم تنجح حكومة الخصاونة في وضع مشروع قانون انتخابات عصري يلبي طموح الشعب الاردني والذي رفض كليا من قبل كافة الأطياف السياسية، والحزبية ولم يقتنع به إلا واضعوه، ونفس الشيء انطبق على قانون الاحزاب السياسية.
فلم تحقق حكومة الخصاونة أي انجاز على صعيد الاصلاحات السياسية، بل زادت الامور تعقيدا في وجه الحكومة القادمة
أما على صعيد الاصلاحات الاقتصادية فحدث عن ذلك ولاحرج فقد فشلت حكومة الخصاونة في وضع الخطط والاستراتيجيات الكفيلة بإخراج الاردن من أزمة اقتصادية هي الاصعب منذ نشوء الدولة الاردنية، وبدل ان تعكف على التفكير في بدائل جديدة لعلاج أزمة المديونية العالية التي اغرقنا بها اقتصاديو وسياسيو الاردن عبر سنوات طويلة، سارت على نفس القاعدة التي سار عليها أسلافها وهي " جيب المواطن أغلى ما نملك" فشرعت إلى زيادة فاتورة الكهرباء ورفع الدعم عن السلع الأساسية لتزيد من ارهاق المواطن المكتوي أصلا بنار غلاء المعيشة.
حقوق الانسان: قاضي العدل يمارس التعذيب والترويع لشباب الحراك
وفي مجال حقوق الانسان فإن الدوار الرابع ومدينة الطفيلة ومعتقليها ستبقى شاهدا على أبشع ممارسات التعذيب والذل والمهانة لشباب الاردن الاحرار الذين كان كل ذنبهم انهم طالبوا باجراء الاصلاحات الشاملة.
وأخيرا تفعيل محكمة أمن الدولة أضعافا مضاعفة لما كانت عليه قبل التعديلات الدستورية.
الحريات الاعلامية: أكثر حكومة أرقها وجود الصحافة الالكترونية.
حكومة القاضي عون الخصاونة من أكثر الحكومات التي عملت على احتواء الصحافة الإلكترونية، فقد حاولت أن تعيد تفسير قانون المطبوعات والنشر، من أجل العمل على اغلاق أي موقع اخباري لا يقبل السير وفق رغبات وأهواء الدولة، ولكنها فشلت في ذلك، فلجأت إلى تكليف لجان " مسيسة" من أجل وضع قانون جديد للمطبوعات والنشر من شانه أن يحول المواقع الإلكترونية إلى صحافة رسمية.
ولكن الخصاونة فشل في تحقيق ذلك، وكان آخر عمل قام به هو اللجوء للأسلوب الامني القائم على الاعتقال....والترهيب...وقرصنة المواقع الاخبارية، والتهمة جاهزة بالطبع في وجه أي جهة معارضة وهي العمل على "مناهضة" نظام الحكم.
تهمة ابتكرتها أجهزة المخابرات العربية في العقود الماضية كمبرر لتصفية كل معارض سياسي للأنظمة التي تحرسها، ولكن يبدو أنهم توسعوا في هذه الاجراء حتى بات يشمل الصحفيين كما حدث مع الزميل جمال المحتسب، وقبله شباب الحراك من الرابع و الطفيلة.
لقد أثبت الواقع أن الصحافة الإلكترونية أطول عمر من جميع الساسة الذين سعوا لكي يكبلوها ويختطفوا حريتها حتى لا تفضح المستور.
وأخيرا الفراغ السياسي بين الخصاونة والقصر يدفعه للاستقالة بعد أن وجد نفسه أمام مفترق طرق، إما أن يبقى مجردا من ولايته العامة، بعد أن رفض القصر قراره بوقف الدورة العادية لمجلس النواب، وقرر تمديدها.
اذن لم يستطع الخصاونة أن يخرج من أزمات باتت مثل الرمال المتحركة كلما حاولت حكومته الخروج منها ما زاد من غرقها.
وسواء أكان الخلاف مع القصر هو سبب تقديم الاستقالة أم كان نتيجة لتفكير عميق من قبل القاضي جعله يدرك أنه بات عاجزا عن تقديم أي شيء للشعب الاردني، فلاشك أن الخصاونة خرج من رئاسة الوزراء وهو يجر ذيل الفشل وربما الندم العميق في النفس.
ونظرة خاطفة لموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك سندرك فورا مدى فرحة الشعب الاردني باستقالة الخصاونة.
خسر الخصاونة الكثير ولا نظن أنه سيكون قادراً على تعويض ما خسره .... لقد كان لباس القضاة أجمل عليه من لباس السياسيين !.