عودة إلى محكمة أمن الدولة
لميس أندوني
جو 24 : مثول عدد من شباب الحراك أمس أمام محكمة أمن الدولة، بتهم تتراوح بين التجمهر غير المشروع والتحريض على تقويض النظام، يطرح تساؤلات جدية حول التصريحات الرسمية بدخول الأردن، مرحلة إصلاح جزئية أو شاملة، ضمن أي تعريف لمفهوم وكلمة إصلاح.
عملية الإصلاح السياسية والمجتمعية، تفترض بناء أسس حكم وسيادة القانون والعدالة، وإتاحة حرية التعبير السياسية، بما فيها حق المعارضة والتظاهر، ودخول محكمة أمن الدولة، على الخط، باعتبارها محكمة استثنائية، يعني تقويضا لكل هذه الأسس، ليس فقط في الأردن بل ضمن المعايير الحقوقية العالمية والدولية.
في حالة الأردن، فإن تحويل شباب الحراك إلى محكمة أمن الدولة يتعارض مع الدستور الذي حدّد صلاحياتها بقضايا الخيانة والإرهاب والتجسس وتزوير العملة والمخدرات، فما دخل كل ذلك بالنشاطات السياسية المعارضة والمظاهرات؟
وحتى لو فرضنا جدلاً بأن هناك تهما قانونية، مدعمة بالأدلة، علماً بأن ليس من بينها ما ينضوي تحت اختصاص محكمة أمن الدولة، فلماذا لم تحول إلى المحاكم العادية للنظر فيها؟
الحجة التي نسمعها من المسؤولين هي أن الدولة لن تتغاضى عن أي مساس بالأمن العام وما يهدد أمن وأمان المواطن، وهذا هدف عظيم، لكن حتى إذا كان هناك إخلال بالأمن، هذا إذا كانت هناك بينات تثبت مثل تلك الشكوك أو التهم، فلا يبرر ذلك التحويل إلى محكمة أمن الدولة.
من الواضح أن الرسميين إما يصدقون أن هؤلاء الشباب شاركوا في عمليات تكسير للممتلكات والمؤسسات العامة أو الخاصة، كما حدث ليلة الإعلان عن رفع الأسعار، أو أن هناك من يريد لصق هذه التهمة بشباب الحراك، بهدف تجريم الحراك، وتخويف الناس منه، وبالتالي القبول بتهميش وضرب الحراك.
لكن هذه مسألة ممكن الحسم بها، لأن هناك صورا وشرائط فيديو عديدة، تبين الفاعلين الحقيقيين، عدا أن هناك صورا وشرائط فيديو، تبين عددا من شباب الحراك، ووجوههم واضحة فيها، يحاولون حماية البنوك و آلات الصراف الآلي تحديداً من الاعتداءات بغض النظر عن هوية المعتدين.
نطالب بتحقيق حقيقي وشفاف فإذا ثبت تورط أي من شباب الأحزاب والحراك بهذه الأعمال فليتم تقديمهم إلى المحاكم المختصة، وإلا فإن هذه عملية سياسية عرفية بامتياز يتم استغلال محكمة أمن الدولة فيها لتقويض التعبيرات السياسية المعارضة بهدف تمرير سياسات غير مقبولة شعبياً.
كنا نعتقد أن تلك صفحة قد طويت ولكن تفاجأنا، قبل فترة، باستدعاء عدد من شباب الحراك للمثول أمام محكمة أمن الدولة، في رسالة تحذير ضمنية ليس إلى الحراك فحسب بل إلى كل من يفكر في المشاركة في المظاهرات والاعتصامات، اعتراضا على رفع الأسعار القادم.
ما نخشاه هو الاستسهال في توجيه مثل هذه التهم الخطيرة وأن يصبح التحويل إلى محكمة أمن الدولة روتينياً، في وقت تطالب به منظمات حقوق عالمية ومحكمة حقوق الإنسان الأوروبية، جميع الحكومات إلغاء مثل هذه المحاكم الاستثنائية التي لا توفر شروط المحاكمة العادلة للمتهمين، لما فيها من تعدٍ على استقلال القانون وانتهاك لحقوق الإنسان، سواء كانت هذه المحاكم في أمريكا أو إسبانيا أو الأردن.
نعود ونتساءل ما الهدف من مثول شباب الحراك أمام محكمة أمن الدولة؟ فإذا كان الهدف إحقاقا للقانون فهناك محاكم مختصة، إذا كان هناك دلائل، وإلا فالهدف سياسي وذلك يدخل في باب القمع أولاً وأخيراً.
l.andony@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)
عملية الإصلاح السياسية والمجتمعية، تفترض بناء أسس حكم وسيادة القانون والعدالة، وإتاحة حرية التعبير السياسية، بما فيها حق المعارضة والتظاهر، ودخول محكمة أمن الدولة، على الخط، باعتبارها محكمة استثنائية، يعني تقويضا لكل هذه الأسس، ليس فقط في الأردن بل ضمن المعايير الحقوقية العالمية والدولية.
في حالة الأردن، فإن تحويل شباب الحراك إلى محكمة أمن الدولة يتعارض مع الدستور الذي حدّد صلاحياتها بقضايا الخيانة والإرهاب والتجسس وتزوير العملة والمخدرات، فما دخل كل ذلك بالنشاطات السياسية المعارضة والمظاهرات؟
وحتى لو فرضنا جدلاً بأن هناك تهما قانونية، مدعمة بالأدلة، علماً بأن ليس من بينها ما ينضوي تحت اختصاص محكمة أمن الدولة، فلماذا لم تحول إلى المحاكم العادية للنظر فيها؟
الحجة التي نسمعها من المسؤولين هي أن الدولة لن تتغاضى عن أي مساس بالأمن العام وما يهدد أمن وأمان المواطن، وهذا هدف عظيم، لكن حتى إذا كان هناك إخلال بالأمن، هذا إذا كانت هناك بينات تثبت مثل تلك الشكوك أو التهم، فلا يبرر ذلك التحويل إلى محكمة أمن الدولة.
من الواضح أن الرسميين إما يصدقون أن هؤلاء الشباب شاركوا في عمليات تكسير للممتلكات والمؤسسات العامة أو الخاصة، كما حدث ليلة الإعلان عن رفع الأسعار، أو أن هناك من يريد لصق هذه التهمة بشباب الحراك، بهدف تجريم الحراك، وتخويف الناس منه، وبالتالي القبول بتهميش وضرب الحراك.
لكن هذه مسألة ممكن الحسم بها، لأن هناك صورا وشرائط فيديو عديدة، تبين الفاعلين الحقيقيين، عدا أن هناك صورا وشرائط فيديو، تبين عددا من شباب الحراك، ووجوههم واضحة فيها، يحاولون حماية البنوك و آلات الصراف الآلي تحديداً من الاعتداءات بغض النظر عن هوية المعتدين.
نطالب بتحقيق حقيقي وشفاف فإذا ثبت تورط أي من شباب الأحزاب والحراك بهذه الأعمال فليتم تقديمهم إلى المحاكم المختصة، وإلا فإن هذه عملية سياسية عرفية بامتياز يتم استغلال محكمة أمن الدولة فيها لتقويض التعبيرات السياسية المعارضة بهدف تمرير سياسات غير مقبولة شعبياً.
كنا نعتقد أن تلك صفحة قد طويت ولكن تفاجأنا، قبل فترة، باستدعاء عدد من شباب الحراك للمثول أمام محكمة أمن الدولة، في رسالة تحذير ضمنية ليس إلى الحراك فحسب بل إلى كل من يفكر في المشاركة في المظاهرات والاعتصامات، اعتراضا على رفع الأسعار القادم.
ما نخشاه هو الاستسهال في توجيه مثل هذه التهم الخطيرة وأن يصبح التحويل إلى محكمة أمن الدولة روتينياً، في وقت تطالب به منظمات حقوق عالمية ومحكمة حقوق الإنسان الأوروبية، جميع الحكومات إلغاء مثل هذه المحاكم الاستثنائية التي لا توفر شروط المحاكمة العادلة للمتهمين، لما فيها من تعدٍ على استقلال القانون وانتهاك لحقوق الإنسان، سواء كانت هذه المحاكم في أمريكا أو إسبانيا أو الأردن.
نعود ونتساءل ما الهدف من مثول شباب الحراك أمام محكمة أمن الدولة؟ فإذا كان الهدف إحقاقا للقانون فهناك محاكم مختصة، إذا كان هناك دلائل، وإلا فالهدف سياسي وذلك يدخل في باب القمع أولاً وأخيراً.
l.andony@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)