jo24_banner
jo24_banner

ما بقي إلا أن ينزل أعضاء هيئة التدريس إلى الشارع

محمد خازر المجالي
جو 24 :
فعلا، ما بقي على أعضاء هيئة التدريس إلا أن يقودوا بأنفسهم حراك التغيير، لأنهم دون غيرهم الأعلم بما يصلح لجامعاتهم، فلا مجلس التعليم العالي، ولا حتى مجالس الأمناء مؤهلة لإصلاح التعليم، ورسم السياسات الصحيحة التي ترتقي بحياد وعدالة وكفاءة بمؤسساتنا التعليمية نحو الأفضل.
نقول وللأسف بأن الجامعات الأردنية تعرضت مثل غيرها من مؤسسات الوطن، إلى انتكاسات متتالية أثرت سلبا على المخرجات، وعلى مستوى الرضى الوظيفي، وإيجابية العطاء، ودافعية الانطلاق، وبالتالي على تصنيف الجامعات العالمي. يرجع ذلك إلى كثرة التدخلات الخارجية بأنواعها، ووجود مجلس تعليم عالٍ، وطريقة تشكيل مجالس الأمناء، كل ذلك أثر سلبا على مجمل العملية الأكاديمية ومسيرتها، وعلى ما هو تقاليد وأعراف جامعية، تعتز بها الجامعات المرموقة، بل تتنافس بسببها وتزدهر، بينما نحن هنا في تراجع وتقهقر، ونزعم أحيانا أننا نتقدم، والحقيقة غير ذلك.
أجرمت الحكومات المتعاقبة حين أطلقت يد وزارة التعليم العالي لتتحكم في الجامعات، خاصة الحكومية، ولأن الواسطة والمحسوبية ثقافة دارجة في وطننا، وسبب من أسباب تراجعه في معظم الميادين، فإن النهضة الأكاديمية تستدعي استقلالية في شؤون الجامعات، فلها مجالس أمناء (كما يفترض) يرسمون سياساتها، وينهمكون في تسويق مشاريعها وجلب الدعم المباشر والوقفي لها، لتتفرغ بعد ذلك إلى التميز والقوة ومعالجة أي خلل.
يدفعني إلى هذا الحديث ما رأيته من قائمة مبدئية في أسماء المرشحين العشرة لتولي منصب رئاسة الجامعة الأردنية (إن صحت)، وهنا أود تسليط الضوء على النقاط الآتية، وليت الحكومة تنتبه إليها ليصار إلى مناقشتها ومراجعتها:
أولا: أثبتت التجارب أن أوْلى الأكاديميين باستلام قيادة جامعتهم هم أبناؤها وبناتها، على مستوى الرئيس ونواب الرئيس، وأن تنتهي حالات استيراد الرؤساء والنواب، ففي كل جامعة الآن من الرتب والطاقات ما يسد الحاجة، لتنتهي محنة وشغف كثيرين في حبهم للترؤس، وكثير منهم لا يستحق حتى رئاسة قسم. وهذا أمر نسمع أذاه كثيرا على مستوى الجامعات، أو حتى في السلك الديبلوماسي مثلا، حين يهبط بالباراشوت أحيانا غير ديبلوماسيين، ويعينوا سفراء إرضاء لهم، فيُستخَف بأخطر ما ينبغي العناية به، فلا يؤدون رسالتهم كما ينبغي، ويؤثر هذا على من انتظم في وظيفته وينتظر ترقيته، والشيء نفسه يقال على مستوى المحافظين، وغيرهم، فأهل مكة أدرى بشعابها، ومسلسل معاناة الجامعة الأردنية واضح لا مبالغة فيه، نتيجة أسباب كثيرة، منها وجود رؤساء من خارجها.
ثانيا: بعض الأسماء المنشورة تمت تجربتهم في جامعات أخرى، وسمعتهم لا تسر، إما كفاءة أو أداء أو كثرة أسفار أو أنهم في الأصل وصلوا بالواسطة، فينبغي النظر في التقييم السابق لهم، لا مجرد النظر في سيرتهم الذاتية المكتوبة، وعادة ما تكون منمقة وربما مزيفة.
ثالثا: ليعذرني مجلس أمناء الجامعة الأردنية، فآلية الاختيار لهؤلاء العشرة غير واضحة، فأنا أعلم عن زملاء آخرين تقدموا، وخلت القائمة منهم، وهم أجدر بكثير من هؤلاء، وهي ليست شهادتي، بل شهادة كثيرين من أستاذة الجامعة، وكلنا نعرف عقدة رئيس المجلس من نظرته إلى الكليات الإنسانية مثلا، الأمر الذي يخرجه عن الحياد والعدالة.
رابعا: آلية اختيار الرئيس بحاجة إلى مراجعة، وربما نقاط كثيرة وردت في قانون التعليم العالي بحاجة إلى مراجعة، ويهمني هنا تصويت أعضاء هيئة التدريس، فـ (10%) من مجموع العلامة لا يكفي، بل ينبغي أن يصل إلى (30%)، وربما بعض نقاط المفاضلة لا تنطبق على أيّ من الرؤساء السابقين، ورئيس مجلس الأمناء نفسه، ونسي هؤلاء أنها كفاءة إدارة، وليست عملية جراحية ولا مختبرا علميا، بل قوة وأمانة، يراعي فيها الاستقرار التشريعي والعدالة وعراقة التقاليد والأعراف الجامعية واحترامها، وهذه من آكد الدوافع لتقدمها وتميزها.
خامسا: لا بد من نقد تشكيلة مجالس أمناء الجامعات الأخيرة، فعليها ملحوظات كثيرة، والسؤال هو: ما معيار الاختيار؟ وهل للمزاجية والواسطة دور فيها؟ فهناك فئات شبه محرومة من التمثيل، فلتكن هناك أسس علمية ومنطقية في الاختيار.
نأمل استدراك الأمور، والوقت ما زال متاحا لذلك، فيكفي وضع الجامعة الأردنية –وغيرها- في مختبر التجارب والمغامرات، وكلها مظاهر استهتار لا تليق بوطننا، ولا بسمعتنا الأكاديمية.
الدكتور محمد خازر المجالي
الجامعة الاردنية



تابعو الأردن 24 على google news