متحدثون لـ الاردن24: امريكا تريد الهيمنة على طريقة "الكاوبوي".. وهناك حدود للعبة
جو 24 :
مالك عبيدات - يُراقب العالم هذه الأيام عن كثب وباهتمام بالغ مستجدات وتداعيات الأزمة (التركية - الأمريكية) السياسية والاقتصادية، والتي تسببت بتراجع كبير في سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار، مقابل خسائر قالت وسائل اعلام إن بورصة نيويورك تكبّدتها خلال الأيام القليلة الماضية.
بداية الأزمة جاءت اثر قيام تركيا بوضع "القسّ الأمريكي اندرو برونسون" تحت الاقامة الجبرية بعد ادانته بجرم "الارهاب والتجسس"، ليأتي الردّ الأمريكي بفرض عقوبات على وزيرين تركيين (الداخلية والعدل)، ويتبع الرئيس الامريكي دونالد ترامب ذلك بمضاعفة رسوم الواردات الأمريكية من الصلب والألمنيوم القادم من تركيا ويبدأ مسلسل انهيار الليرة التركية بشكل متسارع..
سياسيون واقتصاديون أردنيون رأوا من جانبهم أن التضييق الأمريكي على الاقتصاد التركي والذي أدى لانهيار الليرة التركية جزء من السياسات والممارسات الأمريكية التي شهدها العالم منذ دخول ترامب البيت الأبيض، لافتين إلى أن هذه الادارة تسعى لاخضاع العالم لرغباته وسياساته.
وقالوا إن ما نشهده اليوم من مظاهر أزمة مركّبة يُشبه إلى حدّ كبير ما شهدناه في العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول كبرى كان اخرها الجمهورية الايرانية.
العبادي: الهيمنة على طريقة "الكاوبوي"
قال البرلماني والوزير الأسبق، الدكتور ممدوح العبادي: "إن سياسة الادارة الأمريكية الجديدة تعتمد على عقلية الهيمنة والاقصاء على طريقة "الكاوبوي"، وهي سياسة موجّهة بالدرجة الأولى ضدّ العالم العربي والاسلامي شاهدناها من خلال عدة قرارات أبرزها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ثم رفض الاتفاق النووي مع ايران بالرغم من توقيع كل دول العالم عليه، والآن مع تركيا التي اتخذ من "القسّ" ذريعة لها.
وأضاف العبادي لـ الاردن24: "أعتقد أن تركيا وحيدة لن تتمكن من الوقوف ضد المدّ القادم، وربما تقدم مبادارات بمحاولة الانفتاح الجادّ على الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن قامت بالانفتاح على الصين وروسيا وايران ودول اوروبا".
وحذّر العبادي من دفع العالم للعودة إلى القطبية الواحدة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، خاصة وأننا سنكون أمام هيمنة سياسية واقتصادية تدعمه في الانتخابات النصفية القادمة.
وختم العبادي حديثه بالتأكيد على أن "الحلّ لهذا الواقع هو خلق حلف جديد مناهض للولايات المتحدة مكوّن من روسيا والصين والهند وألمانيا" للتصدي للسياسات الأمريكية ووقف هيمنتها على العالم.
العناني: حرب المضاربات قذرة..
نائب رئيس الوزراء الأسبق، والخبير الاقتصادي الدكتور جواد العناني، قال إن نظريتين يجري تداولهما الآن حول تراجع سعر صرف الليرة التركية والأزمة التي تعيشها تركيا، الأولى أن الأمر اقتصادي بحت ولا علاقة له بالحصار، والثانية أن الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال سيطرتها على الدولار تحاول تخريب الاقتصاد التركي، لافتا إلى أن ثلاث دول تعرضت لنفس المحاولة وهي (ايران، باكستان، والآن تركيا).
وأضاف العناني لـ الاردن24 إن الوضع في تركيا يشبه الحرب التي تستهدف دفعها إلى المفاوضات مع أمريكا من أجل تحويل حركة الاستيراد والتصدير من اوروبا والدول الأخرى إلى الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن العالم يشهد حرب اقتصادية وتجارية بحتة بدأت بالعملات بعد أن حوّلت تركيا تعاملاتها إلى اليوان الصيني، فيما ترفض أمريكا خلق عملة جديدة توازي الدولار بالتعاملات العالمية.
وتابع العناني: "بتقديري أن هناك بعض الأسباب السياسية تقف خلف هذه الحرب تم اختلاقها من قبل أمريكا وهي قضية (القس وفتح الله غولن)، وأرى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقف على الحافة ولن يتمكن من اكمالها حتى النهاية، لأن حرب المضاربات حرب قذرة تحتمل مخاطر عدة، وهنا اؤكد على ضرورة أن تتنبه السلطات التركية إلى أهمية عدم شراء الليرة التركية بكميات كبيرة من الداخل وتحويلها الى الخارج".
أبو هلالة: هناك حدود للعبة
ومن جانبه، رأى مدير عام قناة الجزيرة السابق والكاتب والمحلل السياسي، الزميل ياسر أبو هلالة، أن ما نشهده اليوم من أزمة اقتصادية تعيشها تركيا هو نتيجة طبيعية للتوسع والنمو الكبير الذي شهده الاقتصاد التركي الصاعد خلال السنوات الماضية، إلى جانب كون الاقتصاد التركي يتأثر أيضا بما يشهده العالم من مشكلات اقتصادية بين دوله والولايات المتحدة الأمريكية وبما أدى إلى ضغط على الليرة التركية.
وقال أبو هلالة لـ الاردن24 إن تعيين بيرات البيرق وزيرا للمالية في تركيا تسبب بأزمة داخلية وخارجية، وذلك لكونه لا يحظى بثقة بعض المستثمرين والمؤسسات الدولية.
ولفت أبو هلالة إلى أن العامل الخارجي ومواقف ترامب التي يعبّر عنها في تغريداته أثّرت بشكل كبير على تركيا، مشيرا إلى أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان نجح بنقل المواجهة إلى الولايات المتحدة كما أنه تمكّن من تحويلها إلى قضية وطنية وسياسية.
وختم أبو هلالة حديثه بالقول: "صحيح أننا نعيش في عصر السياسيين المغامرين، وصحيح أن تركيا لم تكن يوما في جيب أمريكا وكان هناك صدام في عدة مراحل، إلا أنه ومهما حدث تبقى تركيا حليفة تاريخية للولايات المتحدة، وهناك حدود للعبة بين الطرفين وخطوط حمراء لا يمكن لأي من الطرفين القفز عليها".