jo24_banner
jo24_banner

الرفوع يكتب: سقف الخلافات الامريكية-التركية إلى أين؟!

الرفوع يكتب: سقف الخلافات الامريكيةالتركية إلى أين؟!
جو 24 :
كتب أستاذ العلوم السياسية، الوزير الأسبق د. فيصل الرفوع - 

أعتقد بداية أن القضية ليست اقتصادية بالمطلق، بل تتشارك فيها السياسة مع الاقتصاد، فهي نابعة من فشل الانقلاب عام 2016 والذي يعتقد الأتراك بوجود دور أمريكي فيه، سواء في التخطيط أو التنفيذ أو كليهما. بالإضافة إلى التوجه الايجابي التركي تجاه منظومة البركس (روسيا والصين والهند والبرازيل) ودول أخرى كالباكستان واندونيسيا وماليزيا، والكثير من دول العالم، ورفضها التماهي مع الحصار على إيران، ودورها في سوريا والعراق وافريقيا، بالإضافة إلى التنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط، وتحديدا على شواطئ قبرص التركية. أضف إلى ذلك أن تركيا في عهدها الجديد "العلماني شكلا، والقومي مضمونا والعقيدي بشكل كامن"، لم تعد ذلك الحليف المضمون للولايات المتحدة، كما كانت تركيا السابقة والتي كان يطلق عليها انذاك Mr.Yes. وبالتالي اعتقد بأن كلا الطرفين، الولايات المتحدة وتركيا سيلتقون في منتصف الطريق لاحتواء الموقف.

لو رجعنا إلى الوراء أربع أو خمس سنوات، لوجدنا أن عين الحالة حدثت مع الباكستان نتيجة لخروجها -إلى حد ما- من بيت الطاعة الأمريكي وعنه. وبنائها علاقات متطورة مع الصين، خاصة ما يتعلق بربط الصين ببحر العرب، وهو الذي حصل، وخرجت الباكستان سالمة -نوعا ما- من هذه المواجهة، علما بأنها -أي الباكستان- لم يكن لها من الحلفاء أو الاقتصاد القوي ما يؤهلها للصمود، على الأقل أمام مواجهتها مع الولايات المتحدة، فكيف ستكون الحالة مع تركيا، حيث اقتصادها -نوعا ما- في وضع سليم ويسجل نموا من أعلى مستويات النمو الاقتصادي عالميا، ولا تعتمد في اقتصادها على سلعة ناضبة واحدة، فريدة ومنفردة، أي ليس احاديا في هيكلته، بل هو اقتصاد متعدد المصادر، كما أن لها الكثير من الحلفاء المؤثرين، كـ (روسيا، الصين، الهند، البرازيل)، بالإضافة إلى أن هنالك داعمين غربيين لتركيا، أو على الأقل محايدين، كالاتحاد الاوروبي وتحديدا ألمانيا، بالاضافة إلى دول أخرى حيادية مثل كندا. ولا ننسى أن الولايات المتحدة فتحت عدة جبهات في آن واحد وتحارب فيها وعليها، كالحرب على الإرهاب، وحصار أو مقاطعة أو فرض رسوم جمركية اضافية، على كل من: (ايران، روسيا، الصين، الاتحاد الاوروبي، كندا، أمريكا اللاتينية، الخ..).

وبالتالي فإنني أعتقد بأن المنازلة بين الطرفين، الولايات المتحده وتركيا، لن تصل إلى مرحلة كسر العظم، بل سيتمكن الطرفان من احتواء هذه الأزمة، خاصة بعد أن فقدت الولايات المتحدة، سلاحها القوي والمؤثر في البوصلة السياسية والعسكرية التركية، المبنية ذات يوم على "الانقلابات العسكرية والبيان رقم واحد"، وما حكاية الرئيس التركي الأسبق عدنان مندريس وتوجهاته القومية التركية ببعيدة عن الذاكرة. فقد حاول الخروج من عباءة الوصاية الأمريكية منذ عام 1960، إلا أن تجربته فشلت نتيجة للانقلاب العسكري الذي حدث آنذاك في تركيا.

وبالتالي فإن تركيا اليوم، إذا كانت ليست بذلك الرقم الصعب على الإدارة الأمريكية لاحتوائها، فإن الأمر ليس بتلك السهولة التي يتصورها البعض من المحللين الذين أحيانا تحكم تحليلاتهم أنماط من الرغائبية السائدة اليوم. خاصة وأن هنالك عدة ملايين من الأتراك و الموزعين على أوروبا وأمريكا، ومؤثرين سياسيا واقتصاديا في الدول التي يعيشون على أرضها، يقفون مع دولتهم، بغض النظر عن وجهة نظرهم في الحكم الحالي، وكذلك رأي أحزاب المعارضة التركية، حيث بالرغم من عدائها لحزب العدالة والتنمية، إلا أنهم أعلنوا وقوفهم مع وطنهم بغض النظر عمن يحكم تركيا. وقد أكد ذلك العديد من المحللين والباحثين الأمريكيين وغيرهم من قادة الرأي الحياديين الذين تحكمهم المعطيات الحقيقية وليس المدرسة الرغائبية في التحليل والبحث وإبداء الرأي..

وإن غدا لناظره قريب.. وفي النهاية فإن الله غالب على أمره...
 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير