"تسريبات" غير مطمئنة!
محمد أبو رمان
جو 24 : في اللحظات الأخيرة من إتمام اختيار فريقه الوزاري، يناور ويفاوض د. عبد الله النسور الكتل النيابية المختلفة في مسألة "توزير النواب" وترشيحات الكتل، في محاولة للوصول إلى "وصفة" تعبر به اختبار الثقة، وتمنحه الأغلبية، مع غياب "قاعدة صلبة" تمنحه الدعم المطلوب.
بالضرورة، التعامل مع مجلس نواب بهذا الوضع المتشظّي بمثابة "معادلة" مربكة ومعقّدة أمام أي رئيس. لكن ما نتمنّاه أن يتذكّر الرئيس أيضاً أنّ هنالك "معادلة" أخرى أكثر أهمية في نتائجها على الدولة بأسرها من المجلس، وتتمثّل في "الشارع"، الذي ما تزال تقف شرائح واسعة منه على مسافة من العملية السياسية بأسرها، إذ يبدو أنّ هذه المعادلة تغيب تماماً اليوم عن ذهن الرئيس.
لا يمكن حالياً وضع معادلتي الشارع والنواب في الحزمة نفسها، فلدينا قرابة مليون مواطن لم يسجّلوا للانتخابات النيابية، ومثلهم أو أقل منهم قليلاً سجّلوا ولم ينتخبوا، ما يعني أنّ أكثر من نصف من يحق لهم التصويت لم يشاركوا في الانتخابات الأخيرة.
من الطبيعي أنّ جزءاً كبيراً منهم غير مهتم بالسياسة أصلاً، لكنّ هنالك جزءاً كبيراً ومهماً وحيوياً من الطبقة الوسطى والمثقفين والمؤثّرين والمعارضة لديهم تحفّظات وانتقادات في الأصل للمسار الراهن، وشكوك في مصداقية الإصلاح، وانتقادات على قانون الانتخاب الذي أنتج المجلس الحالي.
نذكّر الرئيس بهذه المعادلة، حالياً، ونحن نقرأ ونتابع ما يتسرّب من معلومات شبه مؤكّدة عن تشكيلة الفريق الحكومي الجديدة، وهي تشكيلة في ملامحها الأوّلية محبطة، ومخيّبة للآمال تماماً، وتشي بتسخين كبير على جبهة الشارع والحراك، وهو ما بدأ فعلياً خلال الآونة الأخيرة.
المشكلة الجوهرية تكمن في قناعة الرئيس (كما هي حال مسؤولين كبار) بأنّ الشارع مات وانتهى، وأنّنا عبرنا المرحلة الدقيقة الخطرة التي مرّت بها البلاد في العامين الأخيرين، والفضل يعود لقلق المواطنين من التدهور في المشهد السوري والاضطرابات في مصر وتونس، وللأزمة الذاتية والموضوعية في المعارضة الداخلية. فهذه القناعة ولّدت تجاهلاً رسمياً تجاه "الشارع" وهمومه واحتقاناته وإحباطاته المتتالية من القدرة على إحداث تغييرات سياسية حقيقية، ومن تغيير الأوضاع الاقتصادية القاسية التي تكوي شريحة اجتماعية واسعة!
أهمية "معادلة الشارع" في تشكيلة الحكومة تتبدّى في ضرورة تغيير قناعته بأنّ الأمور مرسومة سابقاً، وأنّنا أمام تكرار للوجوه المعروفة أو الخيارات التقليدية، عبر تقديم وجوه جديدة لها حصتها وحضورها في الشارع، وتملك برنامجاً نقدياً تجاه السياسات الراهنة، وتستطيع أن تنقذ الحكومة عبر إحداث "تحويلة" في المسار، وتشتبك مع الشارع وتملك القدرة على الحوار معه وتجسير المسافات الواسعة مع الدولة، وتمنح الناس أفقاً جديداً في المستقبل، فلا تسود حالة الإحباط وتسيطر على الأجواء العامة.
عودة رئيس الوزراء عبر البوابة البرلمانية (بغض الطرف عن تقييم أدائه ومواقفه) ألقت بظلال من السلبية والشكوك في ردود فعل نسبة كبيرة من الناس، فإذا جاءت تشكيلة الفريق الحكومي بانطباعات مشابهة وسلبية؛ سنكون قد أطحنا بقسوة ببعض منافذ الأمل التي من الممكن أن تساعد في الاستدراك والتصحيح في إحداث اختراق سياسي والإمساك بمسار يتوافق عليه الجميع لاحقاً.
إذا تجاوز الرئيس النفق الحالي (تشكيلة الحكومة) فأمامه قريباً النفق الآخر الأكثر أهمية المتمثّل برفع أسعار الكهرباء، وما يمكن أن يسبّبه من تضخّم في سياق أزمة اقتصادية صعبة، فإّذا لم يكن الفريق الحكومي على مستوى اللحظة ويقرأ درسه جيّداً، فسيكون حال الدولة: كساعٍ إلى الهيجاء بغير سلاح!الغد
بالضرورة، التعامل مع مجلس نواب بهذا الوضع المتشظّي بمثابة "معادلة" مربكة ومعقّدة أمام أي رئيس. لكن ما نتمنّاه أن يتذكّر الرئيس أيضاً أنّ هنالك "معادلة" أخرى أكثر أهمية في نتائجها على الدولة بأسرها من المجلس، وتتمثّل في "الشارع"، الذي ما تزال تقف شرائح واسعة منه على مسافة من العملية السياسية بأسرها، إذ يبدو أنّ هذه المعادلة تغيب تماماً اليوم عن ذهن الرئيس.
لا يمكن حالياً وضع معادلتي الشارع والنواب في الحزمة نفسها، فلدينا قرابة مليون مواطن لم يسجّلوا للانتخابات النيابية، ومثلهم أو أقل منهم قليلاً سجّلوا ولم ينتخبوا، ما يعني أنّ أكثر من نصف من يحق لهم التصويت لم يشاركوا في الانتخابات الأخيرة.
من الطبيعي أنّ جزءاً كبيراً منهم غير مهتم بالسياسة أصلاً، لكنّ هنالك جزءاً كبيراً ومهماً وحيوياً من الطبقة الوسطى والمثقفين والمؤثّرين والمعارضة لديهم تحفّظات وانتقادات في الأصل للمسار الراهن، وشكوك في مصداقية الإصلاح، وانتقادات على قانون الانتخاب الذي أنتج المجلس الحالي.
نذكّر الرئيس بهذه المعادلة، حالياً، ونحن نقرأ ونتابع ما يتسرّب من معلومات شبه مؤكّدة عن تشكيلة الفريق الحكومي الجديدة، وهي تشكيلة في ملامحها الأوّلية محبطة، ومخيّبة للآمال تماماً، وتشي بتسخين كبير على جبهة الشارع والحراك، وهو ما بدأ فعلياً خلال الآونة الأخيرة.
المشكلة الجوهرية تكمن في قناعة الرئيس (كما هي حال مسؤولين كبار) بأنّ الشارع مات وانتهى، وأنّنا عبرنا المرحلة الدقيقة الخطرة التي مرّت بها البلاد في العامين الأخيرين، والفضل يعود لقلق المواطنين من التدهور في المشهد السوري والاضطرابات في مصر وتونس، وللأزمة الذاتية والموضوعية في المعارضة الداخلية. فهذه القناعة ولّدت تجاهلاً رسمياً تجاه "الشارع" وهمومه واحتقاناته وإحباطاته المتتالية من القدرة على إحداث تغييرات سياسية حقيقية، ومن تغيير الأوضاع الاقتصادية القاسية التي تكوي شريحة اجتماعية واسعة!
أهمية "معادلة الشارع" في تشكيلة الحكومة تتبدّى في ضرورة تغيير قناعته بأنّ الأمور مرسومة سابقاً، وأنّنا أمام تكرار للوجوه المعروفة أو الخيارات التقليدية، عبر تقديم وجوه جديدة لها حصتها وحضورها في الشارع، وتملك برنامجاً نقدياً تجاه السياسات الراهنة، وتستطيع أن تنقذ الحكومة عبر إحداث "تحويلة" في المسار، وتشتبك مع الشارع وتملك القدرة على الحوار معه وتجسير المسافات الواسعة مع الدولة، وتمنح الناس أفقاً جديداً في المستقبل، فلا تسود حالة الإحباط وتسيطر على الأجواء العامة.
عودة رئيس الوزراء عبر البوابة البرلمانية (بغض الطرف عن تقييم أدائه ومواقفه) ألقت بظلال من السلبية والشكوك في ردود فعل نسبة كبيرة من الناس، فإذا جاءت تشكيلة الفريق الحكومي بانطباعات مشابهة وسلبية؛ سنكون قد أطحنا بقسوة ببعض منافذ الأمل التي من الممكن أن تساعد في الاستدراك والتصحيح في إحداث اختراق سياسي والإمساك بمسار يتوافق عليه الجميع لاحقاً.
إذا تجاوز الرئيس النفق الحالي (تشكيلة الحكومة) فأمامه قريباً النفق الآخر الأكثر أهمية المتمثّل برفع أسعار الكهرباء، وما يمكن أن يسبّبه من تضخّم في سياق أزمة اقتصادية صعبة، فإّذا لم يكن الفريق الحكومي على مستوى اللحظة ويقرأ درسه جيّداً، فسيكون حال الدولة: كساعٍ إلى الهيجاء بغير سلاح!الغد