أوباما والسلام الموهوم
لميس أندوني
جو 24 : أحسن ما يمكن أن يقوم به الرئيس باراك أوباما هو أن يبعد عنا شر ادعاءات سلام موهوم أو مرغوب، وأن لا يعلن مبادرات جديدة أو قديمة.
أعرف أني موغلة بالتفاؤل، فليس لدى المسؤولين العرب، إلا التوسل " للسيد الأمريكي" بالرحمة؛ فالمطالبة بدور فاعل لأمريكا في الدفع "بعملية السلام"، هو حالة هروب من ضعفهم وإفلاسهم، عجزهم على اتخاذ أي موقف، فالكل يسعى إلى اثبات "حسن النوايا تجاه إسرائيل" والالتزام بشروط صندوق النقد الدولي.
وليس لدى الإدارة أدنى اهتمام بالتحرك الفعلي، فهي ليست تحت أية ضغوط حقيقية، للتحرك سوى بما يخدم مناوراتها السياسية، هذا إذا احتاجت استعمال إبر تخدير للمنطقة، حتى تستطيع إسرائيل إدارة الاحتلال بأقل ضجيج ممكن.
في هذه المرة لا تحتاج واشنطن حتى لتخدير المنطقة، فالعالم العربي وشعوبه، مصدومة ومشوهة بعد دخول الدول العربية الغنية والغرب على خط الثورات، إلى تحويلها إلى نزاعات داخلية، على حساب قضايا الحرية والعدالة التي انطلقت من أجلها.
عدم مبالاة الرئيس الأمريكي، بالادعاء، حتى بالاهتمام، بالرأي العام العربي، كان واضحا في خطاب "حالة الاتحاد"، وبعدها أمام مؤتمر اللوبي الصهيوني فلم يستخدم كلمة فلسطينين حتى من باب المجاملة، واكتفى بتأكيد دعم أمريكا الكامل لإسرائيل وأمنها واستقرارها.
ولم تعد كلمة دولة فلسطينية أو "فلسطينيين" إلى الظهور إلا بعد احتجاج مجموعة من القيادات العربية الأمريكية، واجتماعهم مع أوباما، فصدر تصريح لناطق رسمي أمريكي، تشير إلى الفلسطينيين، من باب رفع العتب على الأرجح ولا أكثر.
قد يفعلها أوباما، و يصدر بيانا، يؤكد التزامه بإقامة دولة فلسطينية، من باب اللياقة لكنها كلمات لا تعني شيئاً فدولة فلسطينية في العرف الأمريكي، لا تعني أكثر من كينونات ممزقة تبقى تحت السيطرة الإسرائيلية الفعلية، وقد ترى هي وإسرائيل أن الحل العملي يكون في إلقاء مسؤولياتها ، ضفة وغزة في حضن المسؤولية الأردنية و المصرية، فالمطلوب تصفية القضية لا إيجاد حل لها.
الموقف الأمريكي بتفاصيله ستقرره الوقائع التي تفرضها إسرائيل بدءا من نوع التشكيلة الحكومية، التي تتراوح بين حكومة استيطان معلنة، إلى حكومة استيطان مخففة "لايت"، لكنها حكومة استيطان لأن الاستيطان، وشرعنته دولياً، وفرضه كجزء من الأمن القومي الإسرائيلي وهوية الدولة، هو عنوان المرحلة الإسرائيلية.
لِمَ لا؟ فهي فرصة تاريخية لإسرائيل وقد لاحت، فلم يؤثر استمرار التمدد الاستيطاني، بما يترتب عليه من عمليات مصادرة للأراضي، وتهديم للبيوت وتشريد للعائلات، وحتى انتفاضة الأسرى، أي ردود قد تعتبرها واشنطن مؤشرا جديا لغضب عربي، رسمي أو شعبي، وهي تعتمد على الانقسام الفلسطيني، والتواطؤ الرسمي الفلسطيني والعربي في كبح انتفاضة ثالثة أو التآمر عليها لعزلها واجهاضها.
فلا داعي لأوباما أن يقلق، ويستطيع أن يزور المنطقة مرتاح البال، فأهم أولوياته السيطرة على حاضر ومستقبل سورية، وتحويل الأنظار إلى إيران كالخطر الرئيسي على المنطقة، فتصبح إسرائيل ضمانة "أمان واستقرار"، للمنطقة وأنظمتها، في حين تستمر عملية التفتيت والتجزئة في بقية العالم العربي، تحت مسميات طائفية وعصبويات قُطْرية وإقليمية وإثنية، تحت شعارات واهية ومضللة.
ما يقلقني هو سعي العرب إلى الإصرار على إبرة التخدير متمثلة بالعودة إلى مفاوضات عبثية، لا تلهينا فقط عملية التفكيك الجارية، لكن تزيدها تسارعاً.
الرد الشعبي هو الرد الوحيد المتاح، ولا رد أقوى من انتفاضة بل ثورة فلسطينية على الاحتلال ليس لأن فلسطين لا تزال البوصلة فحسب، بل لأنها لا تزال خط دفاعنا الأول الذي يستطيع أن يصرخ بأوباما أن يحل عنا.
لا يعني أن ذلك أن اوباما مرتاح للتعامل مع بنيامين نتنياهو، بل كان يعول على نشوء "تحالف أحزاب وتيارات الوسط: خاصة بعد صعود لابيد
l.andony@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)
أعرف أني موغلة بالتفاؤل، فليس لدى المسؤولين العرب، إلا التوسل " للسيد الأمريكي" بالرحمة؛ فالمطالبة بدور فاعل لأمريكا في الدفع "بعملية السلام"، هو حالة هروب من ضعفهم وإفلاسهم، عجزهم على اتخاذ أي موقف، فالكل يسعى إلى اثبات "حسن النوايا تجاه إسرائيل" والالتزام بشروط صندوق النقد الدولي.
وليس لدى الإدارة أدنى اهتمام بالتحرك الفعلي، فهي ليست تحت أية ضغوط حقيقية، للتحرك سوى بما يخدم مناوراتها السياسية، هذا إذا احتاجت استعمال إبر تخدير للمنطقة، حتى تستطيع إسرائيل إدارة الاحتلال بأقل ضجيج ممكن.
في هذه المرة لا تحتاج واشنطن حتى لتخدير المنطقة، فالعالم العربي وشعوبه، مصدومة ومشوهة بعد دخول الدول العربية الغنية والغرب على خط الثورات، إلى تحويلها إلى نزاعات داخلية، على حساب قضايا الحرية والعدالة التي انطلقت من أجلها.
عدم مبالاة الرئيس الأمريكي، بالادعاء، حتى بالاهتمام، بالرأي العام العربي، كان واضحا في خطاب "حالة الاتحاد"، وبعدها أمام مؤتمر اللوبي الصهيوني فلم يستخدم كلمة فلسطينين حتى من باب المجاملة، واكتفى بتأكيد دعم أمريكا الكامل لإسرائيل وأمنها واستقرارها.
ولم تعد كلمة دولة فلسطينية أو "فلسطينيين" إلى الظهور إلا بعد احتجاج مجموعة من القيادات العربية الأمريكية، واجتماعهم مع أوباما، فصدر تصريح لناطق رسمي أمريكي، تشير إلى الفلسطينيين، من باب رفع العتب على الأرجح ولا أكثر.
قد يفعلها أوباما، و يصدر بيانا، يؤكد التزامه بإقامة دولة فلسطينية، من باب اللياقة لكنها كلمات لا تعني شيئاً فدولة فلسطينية في العرف الأمريكي، لا تعني أكثر من كينونات ممزقة تبقى تحت السيطرة الإسرائيلية الفعلية، وقد ترى هي وإسرائيل أن الحل العملي يكون في إلقاء مسؤولياتها ، ضفة وغزة في حضن المسؤولية الأردنية و المصرية، فالمطلوب تصفية القضية لا إيجاد حل لها.
الموقف الأمريكي بتفاصيله ستقرره الوقائع التي تفرضها إسرائيل بدءا من نوع التشكيلة الحكومية، التي تتراوح بين حكومة استيطان معلنة، إلى حكومة استيطان مخففة "لايت"، لكنها حكومة استيطان لأن الاستيطان، وشرعنته دولياً، وفرضه كجزء من الأمن القومي الإسرائيلي وهوية الدولة، هو عنوان المرحلة الإسرائيلية.
لِمَ لا؟ فهي فرصة تاريخية لإسرائيل وقد لاحت، فلم يؤثر استمرار التمدد الاستيطاني، بما يترتب عليه من عمليات مصادرة للأراضي، وتهديم للبيوت وتشريد للعائلات، وحتى انتفاضة الأسرى، أي ردود قد تعتبرها واشنطن مؤشرا جديا لغضب عربي، رسمي أو شعبي، وهي تعتمد على الانقسام الفلسطيني، والتواطؤ الرسمي الفلسطيني والعربي في كبح انتفاضة ثالثة أو التآمر عليها لعزلها واجهاضها.
فلا داعي لأوباما أن يقلق، ويستطيع أن يزور المنطقة مرتاح البال، فأهم أولوياته السيطرة على حاضر ومستقبل سورية، وتحويل الأنظار إلى إيران كالخطر الرئيسي على المنطقة، فتصبح إسرائيل ضمانة "أمان واستقرار"، للمنطقة وأنظمتها، في حين تستمر عملية التفتيت والتجزئة في بقية العالم العربي، تحت مسميات طائفية وعصبويات قُطْرية وإقليمية وإثنية، تحت شعارات واهية ومضللة.
ما يقلقني هو سعي العرب إلى الإصرار على إبرة التخدير متمثلة بالعودة إلى مفاوضات عبثية، لا تلهينا فقط عملية التفكيك الجارية، لكن تزيدها تسارعاً.
الرد الشعبي هو الرد الوحيد المتاح، ولا رد أقوى من انتفاضة بل ثورة فلسطينية على الاحتلال ليس لأن فلسطين لا تزال البوصلة فحسب، بل لأنها لا تزال خط دفاعنا الأول الذي يستطيع أن يصرخ بأوباما أن يحل عنا.
لا يعني أن ذلك أن اوباما مرتاح للتعامل مع بنيامين نتنياهو، بل كان يعول على نشوء "تحالف أحزاب وتيارات الوسط: خاصة بعد صعود لابيد
l.andony@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)