2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

وهم الولاية العامة

لميس أندوني
جو 24 : يحق لأي رئيس وزراء الاستقالة بغض النظر عن رأينا به وبممارساته. ويجب ان لا يكون فعل الاستقالة سبباً للهجوم بل والردح على شخصه.

ولكن يحق لنا ايضاً ان نتساءل عن, بل ونتحدى, عدم دفاعه وعدم تمسكه بمبدأ الولاية العامة التي تعهد بالالتزام به عندما تعلق الأمر بإجراءات لا تتفق مع مبادئه كرجل قانون مثل الاعتقالات وتحويل المدنيين الى محكمة امن الدولة, وعندما تم فرض عليه بنود في مشروع قانون انتخاب مشوه وينسف الصفة التمثيلية لبرلمان قادم?

عدا ذلك فان مفهوم الولاية العامة لا يشكل بالضرورة في جوهره ممارسة ديمقراطية, بل قد يصبح شكلا لتغول السلطة التنفيذية , في حالات معينة خاصة عندما اصر الدكتور عون الخصاونة على الاستهانة بالحراك الشعبي , وحجم الاستياء الشعبي الواسع, وعندما تعمد تجاهل مقترحات لجنة الحوار الوطني بتبني نظام انتخابي يعتمد التمثيل النسبي ويضمن تمثيلا اوسع وبرلمانا اكثر ضمانة للتعددية السياسية في البلاد.

نعم يحق للرئيس الاستقالة, ولكن لماذا لم يقاتل بطريقة منهجية من اجل حماية الولاية العامة عندما تعلق الأمر بأمور وأحداث مست حياة المواطنين وضربت الحريات و هددت المسار السياسي لمستقبل البلاد?

نقول هذا ولكن ,وتوخيا للموضوعية والأمانة, علينا ان نعترف بأن لامكان للولاية العامة للحكومات في وضع قائم لا يعترف بأن الشعب مصدر السلطات ولا بمشاركة ديمقراطية في القرار من دون خوف او وجل من اجراءات تعسفية او قوانين بالية او محكمة امن استثنائية وظيفتها تطويع الإرادات وكسرها.

أي ان الولاية العامة, بمعنى احترام الفصل بين السلطات, مرفوضة ولو بحدها الأدنى.

وعليه فان هاجس الحفاظ على الوضع القائم ينتصر مرة بعد اخرى ولذلك فليس غريباً ان يكون الرد الشعبي, غير اسف على رحيل رئيس وليس مرحبا برئيس جديد مع الاختلاف بين الشخوص والتجارب.

لا يعني ذلك ان الشخصية المعينة لا تدلل على مؤشرات المرحلة القادمة, فالرئيس الجديد ليس جديدا على الساحة ومعروف بارائه المحافظة. وتعيينه له مغزى واضح; النظام كما في اختياره لقانون الانتخاب يصر في كل اختياراته على الإبقاء على الوضع القائم والاعتماد على التقسيمات التقليدية اعتقاداً انه رغم الحراك الشعبي بأن قاعدته الشعبية الرئيسية لم تتأثر كثيراً لا بالاحتجاجات ولا بالسياسات.

إن صح هذا التحليل فأن المتوقع من الحكومة القادمة تنفيذ استحقاقات حساسة ومثيرة للجدل على اقل تقدير: اولا رفع الأسعار وثانيا تمرير قانون انتخابات يزيد من تعميق التقسيمات والشروخات العشائرية والمناطقية والإقليمية على حساب تنمية التلاحم المجتمعي ومفهوم المواطنة والحقوق المدنية والمشاركة السياسية التي تعي الحقوق والواجبات.

لكن من المستغرب ان يعتقد صناع القرار ان الحكومة الجديدة تستطيع وبكل ثقة القام باجراءات مثل رفع الأسعار في ظل تردي الأوضاع المعيشية وتفاقم الأزمة الاقتصادية دون تقدير التداعيات المجتمعية والسياسية لا سيكون هزة اجتماعية حقيقية للمجتمع الأردني.

القلق ان يكون هناك رهان على انحسار الحراك الشعبي وبالتالي وصول صناع القرار الى قناعة بأن العودة الى الأساليب القديمة اصبحت ممكناً, على اساس ان شريحة واسعة من الشعب الأردني تخشى عدم الاستقرار ولن تدعم عملياً الاحتجاجات مهما يكن وقتها وعلو سقف شعاراتها.

المشكلة ان هذا تفكير لا يحل ازمة بل قد يعمقها, خاصة ان اعتماد انتخابات برلمانية, ضمن القانون والانتخاب المقترحين, قد يكون غطاء مظهرياً "لعملية اصلاح ديمقراطية", لا يتعامل مع المعضلة الأساسية التي يجب مواجهتها وهي ازمة انعدام الثقة بين الشعب والحكومات.
العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير