لا حديث عن الكونفدرالية ولكن...
لميس أندوني
جو 24 : بدأت الإدارة الأمريكية بالدفع إلى استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية حول الحل النهائي خلال 8 أسابيع، يكون للأردن دور في التمهيد لها من خلال جلسات مشاورات ُتعقد في عمان، لكن لم يطرح الجانب الأمريكي صيغة الحل الكونفدرالي، لا من قريب ولا من بعيد، وفق معلومات مؤكدة ومصادر مطلعة على تفاصيل المباحثات الأمريكية الفلسطينية.
أولوية "الراعي الأمريكي" هي العودة إلى طاولة المفاوضات، بدون أي شروط فلسطينية، لتوفير غطاء للترتيبات الإقليمية، التي تتطلب "تحالفا سنيا معتدلاً"، في مواجهة إيران و"المد السني المتطرف"، وفي الوقت نفسه تهميش "القضية الفلسطينية" وتحويل الأنظار عن التمدد الاستيطاني الإسرائيلي إلى "الخطر الإيراني".
القراءة المتأنية للموقف الأمريكي، وما وصل إلى القيادة الفلسطينية من رسائل ضمنية ومباشرة، تدل أن واشنطن لن تضغط باتجاه حل نهائي في القريب، لكنها تسعى إلى تفاهمات فلسطينية -إسرائيلية مرحلية ومتسلسلة، حتى تتجنب انسداد أفق الحل، بهدف تأجيل القضايا الخلافية الكبيرة، مثل وضع القدس الشرقية، حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتحدي سيادة "الدولة الفلسطينية" المقترحة.
أي أن أمريكا تتبنى الموقف الإسرائيلي بالكامل تقريباً، فالاتفاقيات المرحلية، حول قضايا الأمن و" تبادل الأراضي"، وإعادة تموضع للجيش الإسرائيلي، تؤدي إلى فرض سياسة الأمر الواقع تدريجياً فيما ترسم إسرائيل الحدود النهائية، وتنتهي من تمزيق نهائي للضفة الغربية وتوسيع "القدس الكبرى"، أي القدس الشرقية، والأراضي التي صودرت من مدن وقرى الضفة الغربية المحيطة بالمدينة، تمهيدا لضمها.
ولن يبقى في النهاية أن تتقدم إسرائيل بعرض "سخي" لإقامة دولة فلسطينية، منتقصة السيادة والأراضي والتواصل الجغرافي، مقابل التدخل عن حق العودة والقدس والحقوق الوطنية الفلسطينية بفلسطين التاريخية.
السيناريو النهائي لا يختلف بخطوطه العريضة عن عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك والذي رفضه الزعيم الراحل ياسر عرفات في قمة كامب ديفيد عام 2000، لكن بإخراج مختلف يعتمد "دبلوماسية الخطوة خطوة" الشهيرة، حتى يتم زج الفلسطينيين في الزاوية دون منفذ، خاصة بعد أن تكون الترتيبات الإقليمية قد شارفت على الاكتمال.
المفارقة، أو الوقاحة الأكبر، أن الأمريكيين وضعوا شروطاً على الفلسطينيين، مقابل التحرك لإحياء المفاوضات، تحت عنوان عدم اتخاذ خطوات أحادية الجانب، وبالتحديد أن لا تستعمل السلطة الفلسطينية صفة فلسطين كعضو غير مراقب في الأمم المتحدة للتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لرفع دعوى ضد أي من جرائم إسرائيل فيما تصر على أن يسقط الفلسطينيون مطالبتهم بتجميد النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، وهو خطوة أحادية الجانب، كشرط للعودة إلى المفاوضات.
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ساق هذا الموقف للقيادة الفلسطينية باسم "التفكير خارج العلبة" و" الحلول الإبداعية"، أي التفكير خارج أي مطلب بوقف البناء الاستيطاني، ومصادرة الأراضي، وتهديم البيوت، وتهجير السكان واختفاء الوطن من تحت أقدام الفلسطينيين "خطوة خطوة".
وفي حال وافقت السلطة الفلسطينية على هذه الشروط فإن إسرائيل، وفقاً لطرح كيري، ستتخذ خطوات حسن نية، منها إطلاق سراح بعض الأسرى ممن اعتقلوا قبل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، وتوسيع منطقة "ب" وهي المنطقة التي يتقاسم بها الفلسطينيون المهام الأمنية مع الجيش الإسرائيلي، والسماح لقوات الأمن الفلسطيني بتلقي أسلحة جديدة، كل ذلك بشرط عدم المطالبة بتجميد المستوطنات.
الأسابيع القليلة القادمة ستشهد ضغوطات أمريكية هائلة لاستئناف المفاوضات وعلى الأردن "لتسهيل المهمة"، دون أي ضمانات حتى لو كلامية بقيام دولة فلسطينية كاملة السيادة أو حتى انسحاب إسرائيلي كامل من الضفة الغربية، بينما تبقي قطاع غزة محاصراً ومفصولاً عن بقية فلسطين.
أمريكا لم تناقش فكرة كونفدرالية أو فدرالية بين الأردن وكيان فلسطيني مستقبل، ولكن ليس من المستبعد، بل من المتوقع، أن تسعى كل من إسرائيل وواشنطن لربط الكيان المجزأ الفاقد السيادة بالدولة الأردنية، بهدف إذابة هويته، فلا يظل لفلسطين سوى كينونة مشوهة، وطبعاً لا يهمها في ذلك لا هوية وطنية أردنية ولا فلسطينية، فالمهم تثبيت شرعية الاستعمار الإسرائيلي.
الخطر يبدأ بقبول مبدأ المفاوضات واجهته تتطلب رفضاً شعبياً قاطعاً فسيناريو الحل النهائي الواضح الملامح يهدد فلسطين كما الأردن.
l.andony@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)
أولوية "الراعي الأمريكي" هي العودة إلى طاولة المفاوضات، بدون أي شروط فلسطينية، لتوفير غطاء للترتيبات الإقليمية، التي تتطلب "تحالفا سنيا معتدلاً"، في مواجهة إيران و"المد السني المتطرف"، وفي الوقت نفسه تهميش "القضية الفلسطينية" وتحويل الأنظار عن التمدد الاستيطاني الإسرائيلي إلى "الخطر الإيراني".
القراءة المتأنية للموقف الأمريكي، وما وصل إلى القيادة الفلسطينية من رسائل ضمنية ومباشرة، تدل أن واشنطن لن تضغط باتجاه حل نهائي في القريب، لكنها تسعى إلى تفاهمات فلسطينية -إسرائيلية مرحلية ومتسلسلة، حتى تتجنب انسداد أفق الحل، بهدف تأجيل القضايا الخلافية الكبيرة، مثل وضع القدس الشرقية، حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتحدي سيادة "الدولة الفلسطينية" المقترحة.
أي أن أمريكا تتبنى الموقف الإسرائيلي بالكامل تقريباً، فالاتفاقيات المرحلية، حول قضايا الأمن و" تبادل الأراضي"، وإعادة تموضع للجيش الإسرائيلي، تؤدي إلى فرض سياسة الأمر الواقع تدريجياً فيما ترسم إسرائيل الحدود النهائية، وتنتهي من تمزيق نهائي للضفة الغربية وتوسيع "القدس الكبرى"، أي القدس الشرقية، والأراضي التي صودرت من مدن وقرى الضفة الغربية المحيطة بالمدينة، تمهيدا لضمها.
ولن يبقى في النهاية أن تتقدم إسرائيل بعرض "سخي" لإقامة دولة فلسطينية، منتقصة السيادة والأراضي والتواصل الجغرافي، مقابل التدخل عن حق العودة والقدس والحقوق الوطنية الفلسطينية بفلسطين التاريخية.
السيناريو النهائي لا يختلف بخطوطه العريضة عن عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك والذي رفضه الزعيم الراحل ياسر عرفات في قمة كامب ديفيد عام 2000، لكن بإخراج مختلف يعتمد "دبلوماسية الخطوة خطوة" الشهيرة، حتى يتم زج الفلسطينيين في الزاوية دون منفذ، خاصة بعد أن تكون الترتيبات الإقليمية قد شارفت على الاكتمال.
المفارقة، أو الوقاحة الأكبر، أن الأمريكيين وضعوا شروطاً على الفلسطينيين، مقابل التحرك لإحياء المفاوضات، تحت عنوان عدم اتخاذ خطوات أحادية الجانب، وبالتحديد أن لا تستعمل السلطة الفلسطينية صفة فلسطين كعضو غير مراقب في الأمم المتحدة للتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لرفع دعوى ضد أي من جرائم إسرائيل فيما تصر على أن يسقط الفلسطينيون مطالبتهم بتجميد النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، وهو خطوة أحادية الجانب، كشرط للعودة إلى المفاوضات.
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ساق هذا الموقف للقيادة الفلسطينية باسم "التفكير خارج العلبة" و" الحلول الإبداعية"، أي التفكير خارج أي مطلب بوقف البناء الاستيطاني، ومصادرة الأراضي، وتهديم البيوت، وتهجير السكان واختفاء الوطن من تحت أقدام الفلسطينيين "خطوة خطوة".
وفي حال وافقت السلطة الفلسطينية على هذه الشروط فإن إسرائيل، وفقاً لطرح كيري، ستتخذ خطوات حسن نية، منها إطلاق سراح بعض الأسرى ممن اعتقلوا قبل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، وتوسيع منطقة "ب" وهي المنطقة التي يتقاسم بها الفلسطينيون المهام الأمنية مع الجيش الإسرائيلي، والسماح لقوات الأمن الفلسطيني بتلقي أسلحة جديدة، كل ذلك بشرط عدم المطالبة بتجميد المستوطنات.
الأسابيع القليلة القادمة ستشهد ضغوطات أمريكية هائلة لاستئناف المفاوضات وعلى الأردن "لتسهيل المهمة"، دون أي ضمانات حتى لو كلامية بقيام دولة فلسطينية كاملة السيادة أو حتى انسحاب إسرائيلي كامل من الضفة الغربية، بينما تبقي قطاع غزة محاصراً ومفصولاً عن بقية فلسطين.
أمريكا لم تناقش فكرة كونفدرالية أو فدرالية بين الأردن وكيان فلسطيني مستقبل، ولكن ليس من المستبعد، بل من المتوقع، أن تسعى كل من إسرائيل وواشنطن لربط الكيان المجزأ الفاقد السيادة بالدولة الأردنية، بهدف إذابة هويته، فلا يظل لفلسطين سوى كينونة مشوهة، وطبعاً لا يهمها في ذلك لا هوية وطنية أردنية ولا فلسطينية، فالمهم تثبيت شرعية الاستعمار الإسرائيلي.
الخطر يبدأ بقبول مبدأ المفاوضات واجهته تتطلب رفضاً شعبياً قاطعاً فسيناريو الحل النهائي الواضح الملامح يهدد فلسطين كما الأردن.
l.andony@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)