نشطاء الحراك: التشكيل الوزاري يعكس هيمنة العقليّة الأمنيّة
تامر خرمه- انتقد نشطاء وحراكيون إصرار السلطة على تجاهل المطالب الشعبيّة والتمسّك بآليّة تشكيل الحكومات، التي تعبّر عن ردّة النظام وتراجعه عن كافّة الوعود المتعلّقة بالإصلاح.
ونوّه عدد من ممثلي الحراكات الشبابيّة إلى أن التشكيل الوزاري يكشف تغليب الجانب الأمني في التعامل مع المرحلة المقبلة، كما يكشف إصرار النظام على نهج ترحيل الأزمات.
المنسق العام للحراك الشبابي الاسلامي ثابت عساف أكد أن تشكيلة الحكومة الجديدة تعكس النهج الامني البارز في التعامل مع القضايا السياسيةالمتوقعة، كما تعكس النهج الاقتصادي المتبع في حل المشاكل على حساب جيب المواطن.
وقال في تعليقه على التشكيلةالوزارية: "نحن نتحدث عن ضرورة إجراء تغيير حقيقي وجذري في بنية النظام السياسي الحاكم والنهج المتبع، وتغيير في وسائل واساليب ادارة الدولة وتمثيل الشعب وفق نظام ديمقراطي، ولا نتحدث عن تغيير شكلي في الوجوه ضمن نظام التعيين واعادة انتاج النظام لنفسه".
وأضاف عساف: "تأتي الحكومة الجديدة بنفس الوجوه والطريقة والنهج والبرنامج الذي يقوم على التزوير ورفع الاسعار والالتفاف على المطالب الشعبية، وهذه التشكيلة لم تفاجئنا كونها نتاج طبيعي للنهج السياسي المتبع".
وتابع: "ان رئيس الحكومة سقط في الاستفتاء الشعبي حينما طالب الشعب الاردني باسقاطه واسقاط سياساته في هبة تشرين وما تبعها" .
وأشار عساف إلى ان التأخر الذي رافق تشكيل الحكومة عكس حالة التخبط لدى النظام ، كما عكس الصراع الدائر داخل اروقة السلطة حول القضايا السياسية المختلفة، حيث عجز النظام عن استقطاب بعض الشخصيات الوازنة التي باتت تدرك أن تشكيل الحكومات بهذه الآلية يجعلها بمثابة "المحرقة"، على حد تعبيره.
وشدد على أنه لا سبيل لتحقيق المطالب الشعبية الا عبر الضغط من خلال الشارع لإسقاط هذه الحكومة ومجلس النواب، ﻻفتا إلى ان التبعات السياسية لهذا التشكيل الوزاري لن تحظى بأي قبول شعبي.
أما مسؤول المكتب الشبابي لحزب الوحدة الشعبية في اربد، محمد العبسي، فأكد في تعليقه على التشكيل الوزاري أن القضية لا تتعلق بالأشخاص بقدر ما ترتبط بآلية تشكيل الحكومات، منوهاً إلى ان السلطة استندت إلى ذات الآلية التي تنتهجها في تشكيل الحكومات، بعد مضي فترة طويلة على المشاورات التي لم تسفر عن شيء.
وأضاف: "لقد أراد النسور عبر إضافة أسماء جديدة على الفريق الوزاري الإيحاء بوجود نية للإصلاح، وأن نصف اعضاء حكومته جاؤوا نتيجة لتلك المشاورات، غير أن آلية تشكيل الحكومة تثبت عكس ذلك، وما أضافه النسور إرضاءً لبعض الأطراف لا يمكن اعتباره خطوة حقيقية باتجاه الإصلاح".
واكد العبسي ان تعيين حسين هزاع المجالي وزيرا للداخلية، رغم المطالبة بإقالته من منصب مدير الأمن العام طيلة الفترة الماضية، يعكس تغليب الجانب الأمني دون ادنى استجابة للمطالب الشعبية المتعلقة بالإصلاح.
ونوه إلى أن الأسماء التي تسلّمت الوزارات السياديّة تكشف إصرار السلطة على المضي بذات النهج الاقتصادي والسياسي الذي أنتج الأزمة المركّبة، متسائلا: ألا يوجد من يمكنه تسلم حقيبة الخارجيّة غير ناصر جودة الذي يستمر بالانتقال من حكومة لأخرى، رغم أنه لم يتمكن من الوصول إلى أيّة معلومة تتعلق بالمواطن خالد الناطور المحتجز في مكان مجهول داخل الأراضي السعودية ؟!
وحول اقتصار عدد الفريق الوزاري على 19 وزيرا، قال العبسي غن هذه الجزئيّة الإيجابيّة الوحيدة في التشكيل الوزاري، ارتباطاً بتوجّهات خفض النفقات، غير أن آليّة التشكيل تكشف الإصرار على المضي بذات النهج السابق، وأن هذه الحكومة جاءت لمواصلة سياسة رفع الأسعار.
ومن جانبه نوّه الناشط في الحراك الشبابي عبدالله محادين إلى أن التشكيل الوزاري يكشف إصرار النظام على سياسة ترحيل الأزمات، والترويج لإصلاحات وهمية لا مكان لها على أرض الواقع.
وقال محادين: كما ان "مكافأة" مدير الأمن العام السابق حسين هزاع المجالي بتعيينه وزيرا للداخلية، رغم ما حدث خلال السنتين الماضيتين من حالات تعذيب في السجون والمعتقلات دون محاسبة المسؤولين عنها، يكشف إصرار النظام على النهج الأمني في مواجهة المطالب الشعبية.
وانتقد ما وصفه بتشويه عقيدة الأمن العام واعتبار كل من يعبّر عن رأيه، بيافطة أو هتاف، مخالفاً للقانون.
وأشار محادين إلى الطريقة غير المنطقية التي تم عبرها دمج الوزارات، متسائلا: "هل يمكن أن تكون هذه الخطوة تستهدف إغراء النواب باحتمال إلغاء الدمج في بعض الوزارات وتوزير عدد منهم مقابل منح الثقة للحكومة ؟!".
وحول بقاء وزير الخارجية ناصر جودة في منصبه، علّق محادين: "لقد تم تفريغ وزارة الخارجية من دورها بالكامل، حيث كشفت قضية المواطن الأردني خالد الناطور، المحتجر لدى السلطات السعودية منذ 85 يوما دون إبداء الأسباب، غياب دور وزارة الخارجية التي باتت حكرا على ناصر جودة".
وقال الناشط في تيّار التغيير والتحرير، ناجي ابو ارشيد، "إن الصورة اتضحت أكثر من أي وقت مضى عبر هذا التشكيل الوزاري، الذي يكشف إمعان النظام في رهانه على النهج الاقتصادي المنحاز ضد خبز المواطن، ارتهاناً لشروط وإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين على حساب الغالبية العظمى من أبناء الشعب الرازح تحت وطأة الفقر والبطالة".
وأضاف ابو ارشيد: "السياسات الاقتصادية التي راهن عليها النظام جرّدت الدولة من دورها وكرّست التبعيّة المطلقة للمؤسسات الماليّة الدوليّة، بهدف إقصاء الأردن عن أي مشروع مناهض للسياسات الامريكيّة والصهيونيّة في المنطقة، سواء فيما يتعلّق بالبعد الاقتصادي او الجانب السياسي".
ونوه إلى أن المخرج الوحيد من الازمة المركبة يتمثل باستعادة مؤسسات الوطن وامواله المنهوبة، في حين تصرّ السلطة على تجاهل المطالب الشعبية المتعلقة باجتثاث الفساد المالي والإداري.
وتابع: "كما يراهن البعض على العامل الزمني لحسم التطورات على المستوى الإقليمي، للمضي في مشروع التسوية السياسيّة التي تخدم المشروع الصهيوني على حساب الأردن والقضيّة الفلسطينيّة".
وأشار ابو ارشيد إلى أن التشكيل الوزاري استند إلى منطق المحاصصة لتكريس الاحتقان بين مكوّنات المجتمع الواحد، والوصول إلى حالة من عدم التجانس المجتمعي، يكون الحلف الطبقي الحاكم هو المستفيد الوحيد منها.