النواب يأخذ دوره بحادثة البحر الميت
الدكتور محمد عبدالكريم الحنيطي
جو 24 :
بعد أيام من نازلة البحر الميت ذات الكلفة العالية على الأردنيين بخسارتهم لضحايا جلهم من الأطفال، وذلك الوجع الذي سيسكن الروح طويلاً، وسيبقى شاهداً على أزمةٍ عميقة تركتها هذه المأساة، يتضح أن هناك جوانب تستحق الوقوف أمامها.
الحادثة، التي كانت محل اهتمام جلالة الملك، بإيعازه بتشكيل لجنة ضمت ذوي ضحايا للوقوف على تفاصيلها وأخذ مجلس النواب لدوره بتشكيل لجنة تحقق، وسير الدولة بإجراءاتها الدستورية والقانونية بعيداً عما أفرزته الحكومة من تصريحات خاصة في لحظاتها الأولى يؤكد أن الدولة ماضية في ترسيخ ثقافة المسؤولية.
وبعيداً عما يطرح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن استقالة الوزيرين خلال أو قبل مثولهما أمام لجنة التحقق النيابية، ومن ثم توالي تركيب اللجنة النيابية أوحى بأن مجلس النواب أدرك ماهية دوره وسار نحو ملء الفراغ المثقل بتركةٍ ثقيلةٍ من القصور في الأداء البرلماني.
اذ يسجل لمجلس النواب أنه استمسك بناصية دوره، ولم يركن أو يستسلم لدور " الوهن" أو الضعف، أو يكون كما يراه أو يتصوره كثير من الأردنيين أنه مستسلم للحكومات.
فالمجلس وإن تأخر في التعاطي مع الحدث لأيام قليلة إلا أنه أكد أن له دوراً يتجاوز حدود التصريحات والتصويت على الثقة من عدمه، فالاختبار الصعب الذي فشلت الحكومة أو بعض الوزراء فيها بالتعاطي معه كان لا بد حياله من أن يكون اختباراً آخر للنواب ليثبتوا للأردنيين أنهم ما زالوا قادرين على حمل عبء التحقق من الحادثة والوقوف على أسبابها.
وسيشرع المجلس بمناقشة تقرير لجنة التحقق التي أشار بيانها إلى أنها جادة بالمضي قدماً بالوقوف على أسباب نازلة زرقاء ماعين، إذ لم تقف اللجنة عند تصريحات وزارة المياه حول سد زرقاء ماعين، وزارت السد بعيداً عن رواية الوزارة بأن السد لم يكن سبباً في الحادثة.
والوزيران اللذان قدما استقالتيهما، بات عنواناً أو مقدمةً لإجراءات يبدو أنها لن تتوقف عند حدود المسؤولية الأدبية، بل والاجرائية التي تطال تكلس إدارات في الوزارتين.
وهذا الدور الذي أخذه المجلس على عاتقه، معززاً بتأكيدات رئيسه على متابعة الملف حتى آخر حدود الدور القانوني، يتكامل أو يتلقي مع الدور القضائي الذي أكدت النيابة العامة أنها لن تتوانى عن ملاحقة أي شخصِ يثبت تورطه في الحادثة.
وقد يختلف كثيرون مع النواب والمجلس ورئيسه، كما قد يتنكر آخرون للدور النيابي، وهذا بات جزءاً من حالة نكرانٍ نعيشها بفعل تآكل الثقة، ولكن يسجل لغاية الان للمجلس مقدرته على التعامل مع تداعيات هذه الحادثة.. !