حكومة رشيقة بمواصفات غربية
لميس أندوني
جو 24 : تذكرني الحكومة الجديدة بوصفات عارضات الريجيم القاسي، لكنه ريجيم سيفرض على الفقراء وغير المقتدرين من الشعب، ولأنها جاءت بمواصفات غربية خالصة.
تشكيلة الحكومة الجديدة، في معظمها، رسالة طمأنة إلى الخارج، لا دخل لها بالمشاورات الشكلية التي سبقتها، ولا بالوضع الداخلي إلا فيما يتعلق بترسيخ وتوطيد دور وزارة الداخلية كقيادة مركزية للأجهزة الأمنية والحكام الإداريين، تمهيدا لمرحلة الغلاء المقبلة ومتطلبات والتزامات الأردن أمام الغرب ومؤسساته.
نعم هناك كفاءات في الحكومة، لكن وفقا للمقاييس المطلوبة غربياً؛ " كفاءات " لا تعارض أو حتى تتماهى مع اللبرلة الاقتصادية وشروط صندوق الدولي، حتى يكتمل القرض الموعود ولضمان الدعم السياسي الغربي المنشود.
الدول الغربية ، خاصة واشنطن، أصبحت أكثر حزماً، خاصة منذ بدء الثورات العربية، بالضغط على الأنظمة العربية، لتطبيق السياسات النيولبرالية، حتى لإحداث تغييرات جذرية في تركيبة النخب الحاكمة، وبالتالي تبقى "انجازات الثورات والحراكات"، في حدود سقف لا يتحدى هيمنة الغرب ولا يشكل تهديدا لإسرائيل، فالتبعية الاقتصادية شرط ضروري لإبقاء الحكومات والدول تحت السيطرة.
المطلوب كان كفاءات، لها صدقية في المؤسسات المالية الدولية، بما فيها وجوه جديدة لم تتلوث بشبهات فساد حكومي، لتنفيذ أجندة مُسبَقة، أولها رفع أسعار الكهرباء، وما يترتب عليه من ارتفاع حاد في تكلفة المعيشة والخدمات والسلع وكل شيء حولنا.
تخفيض أسعار مشتقات النفط، إلى حد ما، نتيجة هبوط الأسعار العالمية، جاء في وقته لتخفيف الاحتقان، حتى لفترة وجيزة، تساعد الحكومة المصغرة من التحضير والمباشرة في الإجراءات والخطوات، من دون إثارة ردود فعل شعبية مُستَفَزة، لأنه من غير المقبول دولياً، إرجاء آخر لإنهاء رفع الدعم عن الطاقة والسلع الرئيسية، يتجاوز إنهاء دعم الطاقة والسلع الرئيسية بعد أن تم تأجيله أكثر من مرة لتجنب استياء شعبي.
لذا فإن إضافة نواب إلى الحكومة، أو حتى سياسيين لهم نكهة معارضة، كان سيجعل المسار أكثر تعقيداً، فبغض النظر عن رأينا بتركيبة البرلمان، فإن معظم النواب لا يستطيعون تجاهل وطأة الغلاء على الناخبين والمواطنين، لأن هذه مسألة لا تتحكم بها الآراء والتوجهات السياسية تماماً، لأن الضيق المادي سيطال أغلب الموالين، إلا إذا كانوا من النخب، خاصة وأن "الموازنة" غير المعلنة للمكافآت في تقلص تدريجي.
بعض التعليقات اعتبر التركيبة بداية "سيطرة فلسطينية"، لكنها في الحقيقة، مسألة أيديولوجية طبقية، ولا علاقة بتمثيل الأردنيين من "أصل فلسطيني" بل خط سياسي اقتصادي لا يعارض التوجهات الرئيسية الاقتصادية ولكنه يريد ضمان مشاركة نُخب معينة في الكعكة.
فالأساس أن لا تقوم التعيينات، على المحاصصة، لا المناطقية ولا العشائرية ولا " الأصول والمنابت"، بل على تمثيل الفئات الواسعة معتمدة الكفاءة والالتزام ببرنامج وطني لكن في غياب شروط الوفاق الوطني والمشاركة الحقيقية في صنع القرار، تصب هذه التشكيلات في إطار التحالفات الطبقية الضيقة لخدمة توجه سياسي اقتصادي، لا يلقى تجاوباً شعبياً.
لكن التركيبة، جاءت كجزء من الرسالة إلى الغرب، الذي ما فتئ يعترض على ما يسميه "إقصاء الفلسطينيين في الأردن" ليس من منطلق مبدئي ضد التمييز بين المواطنين، بل تجنباً للضغط على إسرائيل، فإنهاء الاحتلال والقبول بحق العودة للفلسطينيين، وإرضاء لضمير منافق ومزيف.
الإقصاء مرفوض من حيث المبدأ، لكن الأصل يجب أن لا يكون حتى تفكير بعدد " مقاعد فلسطينية" بمؤسسات الحكم والدولة، تقليصاً أو توسيعاً، فالمطلوب ليس تمثيلاً سياسياً "للفلسطينيين"، بل التعامل مع الجميع كمواطنين، الأساس هو الثقة والنزاهة والالتزام بالمصلحة الوطنية، بما تعنيه من سياسات خارجية وداخلية، خاصة فيما يتعلق بتوزيع الثروات وتأمين الحياة الكريمة.
في أوقات أزمة اقتصادية مثل التي يواجهها الأردن، من الخطر التفكير بالمحاصصة، التي أصلاً لا تتعدى خدمة مصالح النخب بغض النظر عن" الأصول والمنابت"، ولكنها تسهم في تعميق شرخ طولي في المجتمع، كان من الضروري تجنبه. نهاية؛ فإن عنوان المرحلة الحقيقي، «الامن»، فمن الواضح أن هناك قلقا رسميا من الردود الشعبية خاصة مع استمرار المستوى المعيشي في التدهور- الذي لن يفرق بين "ألأصول والمنابت" ولكن بين فقير وغني.العرب اليوم
تشكيلة الحكومة الجديدة، في معظمها، رسالة طمأنة إلى الخارج، لا دخل لها بالمشاورات الشكلية التي سبقتها، ولا بالوضع الداخلي إلا فيما يتعلق بترسيخ وتوطيد دور وزارة الداخلية كقيادة مركزية للأجهزة الأمنية والحكام الإداريين، تمهيدا لمرحلة الغلاء المقبلة ومتطلبات والتزامات الأردن أمام الغرب ومؤسساته.
نعم هناك كفاءات في الحكومة، لكن وفقا للمقاييس المطلوبة غربياً؛ " كفاءات " لا تعارض أو حتى تتماهى مع اللبرلة الاقتصادية وشروط صندوق الدولي، حتى يكتمل القرض الموعود ولضمان الدعم السياسي الغربي المنشود.
الدول الغربية ، خاصة واشنطن، أصبحت أكثر حزماً، خاصة منذ بدء الثورات العربية، بالضغط على الأنظمة العربية، لتطبيق السياسات النيولبرالية، حتى لإحداث تغييرات جذرية في تركيبة النخب الحاكمة، وبالتالي تبقى "انجازات الثورات والحراكات"، في حدود سقف لا يتحدى هيمنة الغرب ولا يشكل تهديدا لإسرائيل، فالتبعية الاقتصادية شرط ضروري لإبقاء الحكومات والدول تحت السيطرة.
المطلوب كان كفاءات، لها صدقية في المؤسسات المالية الدولية، بما فيها وجوه جديدة لم تتلوث بشبهات فساد حكومي، لتنفيذ أجندة مُسبَقة، أولها رفع أسعار الكهرباء، وما يترتب عليه من ارتفاع حاد في تكلفة المعيشة والخدمات والسلع وكل شيء حولنا.
تخفيض أسعار مشتقات النفط، إلى حد ما، نتيجة هبوط الأسعار العالمية، جاء في وقته لتخفيف الاحتقان، حتى لفترة وجيزة، تساعد الحكومة المصغرة من التحضير والمباشرة في الإجراءات والخطوات، من دون إثارة ردود فعل شعبية مُستَفَزة، لأنه من غير المقبول دولياً، إرجاء آخر لإنهاء رفع الدعم عن الطاقة والسلع الرئيسية، يتجاوز إنهاء دعم الطاقة والسلع الرئيسية بعد أن تم تأجيله أكثر من مرة لتجنب استياء شعبي.
لذا فإن إضافة نواب إلى الحكومة، أو حتى سياسيين لهم نكهة معارضة، كان سيجعل المسار أكثر تعقيداً، فبغض النظر عن رأينا بتركيبة البرلمان، فإن معظم النواب لا يستطيعون تجاهل وطأة الغلاء على الناخبين والمواطنين، لأن هذه مسألة لا تتحكم بها الآراء والتوجهات السياسية تماماً، لأن الضيق المادي سيطال أغلب الموالين، إلا إذا كانوا من النخب، خاصة وأن "الموازنة" غير المعلنة للمكافآت في تقلص تدريجي.
بعض التعليقات اعتبر التركيبة بداية "سيطرة فلسطينية"، لكنها في الحقيقة، مسألة أيديولوجية طبقية، ولا علاقة بتمثيل الأردنيين من "أصل فلسطيني" بل خط سياسي اقتصادي لا يعارض التوجهات الرئيسية الاقتصادية ولكنه يريد ضمان مشاركة نُخب معينة في الكعكة.
فالأساس أن لا تقوم التعيينات، على المحاصصة، لا المناطقية ولا العشائرية ولا " الأصول والمنابت"، بل على تمثيل الفئات الواسعة معتمدة الكفاءة والالتزام ببرنامج وطني لكن في غياب شروط الوفاق الوطني والمشاركة الحقيقية في صنع القرار، تصب هذه التشكيلات في إطار التحالفات الطبقية الضيقة لخدمة توجه سياسي اقتصادي، لا يلقى تجاوباً شعبياً.
لكن التركيبة، جاءت كجزء من الرسالة إلى الغرب، الذي ما فتئ يعترض على ما يسميه "إقصاء الفلسطينيين في الأردن" ليس من منطلق مبدئي ضد التمييز بين المواطنين، بل تجنباً للضغط على إسرائيل، فإنهاء الاحتلال والقبول بحق العودة للفلسطينيين، وإرضاء لضمير منافق ومزيف.
الإقصاء مرفوض من حيث المبدأ، لكن الأصل يجب أن لا يكون حتى تفكير بعدد " مقاعد فلسطينية" بمؤسسات الحكم والدولة، تقليصاً أو توسيعاً، فالمطلوب ليس تمثيلاً سياسياً "للفلسطينيين"، بل التعامل مع الجميع كمواطنين، الأساس هو الثقة والنزاهة والالتزام بالمصلحة الوطنية، بما تعنيه من سياسات خارجية وداخلية، خاصة فيما يتعلق بتوزيع الثروات وتأمين الحياة الكريمة.
في أوقات أزمة اقتصادية مثل التي يواجهها الأردن، من الخطر التفكير بالمحاصصة، التي أصلاً لا تتعدى خدمة مصالح النخب بغض النظر عن" الأصول والمنابت"، ولكنها تسهم في تعميق شرخ طولي في المجتمع، كان من الضروري تجنبه. نهاية؛ فإن عنوان المرحلة الحقيقي، «الامن»، فمن الواضح أن هناك قلقا رسميا من الردود الشعبية خاصة مع استمرار المستوى المعيشي في التدهور- الذي لن يفرق بين "ألأصول والمنابت" ولكن بين فقير وغني.العرب اليوم