تلفزيون المملكة يضرب من جديد .. عبدالله النسور يتحدى الملل!
جو 24 :
أحمد عكور - لا يمكن أن نفهم استضافة قناة المملكة الحكومية رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبدالله النسور في يوم اقرار مجلس النواب مشروع قانون معدل لقانون ضريبة الدخل إلا في سياق استمرار واستمراء الاعلام الرسمي استفزاز مشاعر الأردنيين ومحاولة تبليعهم "قصرا" القرارات الجبائية دون الالتفات إلى واقع حياتهم ومعاناتهم الاقتصادية.
القناة الحكومية تركت حالة الاحباط واليأس والغضب والخذلان التي يعيشها الناس واستقدمت النسور وهو رمز الجباية في أذهان الأردنيين ليُحدّثهم عن انجازاته بعد أربع سنوات عجاف جثم فيها على صدورهم، وكأنها محاولة انتاج للرجل الذي حرص على تعزيز قناعة المشاهدين بأن رؤساء الوزراء لا يختلفون عن بعضهم في شيء إلا مهاراتهم في تسويق سياساتهم التي جرّت الويل والثبور على الفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة!
لعلّ أبرز ما يمكن أن يستشفّه المتابع للقاء هو حجم الانكار الذي يعيشه المسؤول الأردني، وهذا أمر طبيعي، فالجمل لا يرى اعوجاج رقبته، لكنّ المؤسف هي محاولات ترويج كذبة استقامتها على الناس..
الردّ التفصيلي على ما تحدث به النسور يحتاج إلى مواضيع وصفحات كثيرة، سواء فيما يتعلق بحديثه عن الأوضاع السياسية أو الاقتصادية أو سياسات حكومته التي خُصص معظم اللقاء لتبريرها والدفاع عنها، ولكن من نافلة القول أن نردّ سريعا على بعض النقاط التي طرحها الرجل.
بدأ النسور لقاءه بحمد الله والثناء عليه لكون تعديلات الضريبة أقرّت في مجلس النواب وليس الشارع واعتبار أن "الغمة قد انزاحت"، متجاهلا أن ما جرى هو مسمار جديد في نعش مؤسسة البرلمان كما أنه يزيد احتقان الشارع الذي اذا انفجر فستكون عواقب انفجاره وخيمة على الجميع.
كما استعرض جهود الحكومة ولجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية التي قال إنها أجرت حوارات مع كافة شرائح وقطاعات المجتمع، وكأن الرئيس السابق لم يكن يُتابع وسائل الاعلام التي كانت تبثّ طرد الوفود الحكومية من المحافظات على الهواء مباشرة!
وعزز النسور القناعة بكون رؤساء الوزراء لا يفكّرون خارج الصندوق الذي يرى في نهج الجباية سبيلا وحيدا لحلّ مشكلاتنا الاقتصادية، معتبرا أن الحلّ الوحيد الممكن هو اقناع الناس بذلك والعمل على تسويق تلك القرارات.
وكما كانت تصريحات النسور فظّة ومستفزة أيام تولّيه المسؤولية، نفى الرجل أن تكون حكومته هي من وقّع الاتفاق الأول والثاني مع صندوق النقد الدولي؛ فالأول وقعته حكومة فايز الطراونة والثاني كان في عهد حكومة هاني الملقي، مستدركا بالقول إنه "لو كان في موقع المسؤولية لوقّع تلك الاتفاقيات"!
النسور تغنّي بمجلس النواب الحالي ووصف اداءه بالمتميز على اعتبار أنه لا يفقد النصاب ولا يشهد مشاجرات، وهو مقياس يؤشر على حجم البؤس الذي تعيشه مؤسسة البرلمان، فيما اعتبر أن السبب في انتاج هذا المجلس عائد إلى قانون الانتخاب سيء الذكر الذي أقرّه..
وبدا النسور معتزّا بانجازه قوانين "الانتخاب، اللامركزية، الأحزاب، الجرائم الالكترونية"، متناسيا أن هذه القوانين كانت محلّ انتقاد الأردنيين، فيما دعا الملك أيضا إلى تعديلها، إلا إذا كان الرئيس السابق يعتقد أن اقرار قانون هو انجاز بغضّ النظر عن مضمونه.
ربما كان الشيء الوحيد الحقيقي الذي ذكره النسور هو أن جلالة الملك هو من يعيّن رؤساء الوزراء، فيما يشكك عدد كبير من النواب في صحة ما نفاه من اتباعه سياسة "الثواب والعقاب" مع النواب الذين كانوا يعارضونه..
يُخطئ النسور إن اعتقد أن الناس متلهفة لسماع تصريحاته، وأن الاعلام سيتسابق على نشر مواقفه وردود فعله وآرائه على اعتبار أنها "بيّاعة" ولها وزن ومكانة، فهذا غير صحيح تماما، على العكس تماما فلطالما كان اقبال كثير من الناس على تلك التصريحات لانتقاده أو السخرية منه أو سنّ ألسنتهم عليه..