سوق عمان المالي والضريبة!!
لا تحتاج أي حكومة في الأردن، او الدنيا، الى عبقرية من نوع خاص، لتعرف مسبقا، ان فرض الضرائب سيؤدي الى التراجع الاقتصادي.
اذا كانت الحكومات تريد جمع المزيد من المال، عبر الضرائب، فإن الأدلة تثبت ان المال الذي تراهن على جمعه سيكون اقل، في ظل ما رأيناه من تجارب حكومية سابقة، وما نراه اليوم، من انجماد اقتصادي كبير.
كيف يمكن ان تقف الحكومة الحالية، بمطبخها الاقتصادي، متفرجة على ما يجري في سوق عمان المالي، الذي خسر مليارا من الدنانير الا قليلا، من قيمة الأسهم، بسبب الضريبة على أرباح الأسهم، وحالة البيع المتواصلة في السوق، وهي حالة تتعاظم، فيما الذعر النفسي بشأن المستقبل يشتد يوما بعد يوم.
قرأنا للنائب مصلح الطراونة تصريحه أيضا، حول ان محفظة استثمار أموال الضمان الاجتماعي في سوق عمان المالي، تكبدت خسائر فادحة قيمتها 200 مليون دينار منذ نشر قانون ضريبة الدخل في الجريدة الرسمية قبل 10 أيام.
قبله صرّح نائب رئيس الوزراء الأسبق، رئيس مجلس ادارة بورصة عمان، د. جواد العناني قائلا « خسائر الأسهم منذ اقرار قانون ضريبة الدخل بلغت نحو 700 مليون دينار، فيما تراجع السوق بنسبة 8 نقاط مئوية، وهذا يعني أننا أمام كارثة كبرى، والأفضل اغلاق السوق، وهو في طريقه إلى الانهيار».
الأرقام التي تم تداولها حول خسائر السوق، لم تكن ثابتة، البعض تحدث عن مليار دينار اردني، والبعض تحدث عن 850 مليون دينار، فيما العناني أشار الى 700 مليون، والمشكلة ان الأرقام مؤهلة للتصاعد.
الأخطر هنا، ان حالة الذعر تتواصل، والكل يدرك ان البورصات تنتعش او تتراجع على ضوء الحالة النفسية ومنسوب الثقة والمخاوف عند مالكي الأسهم.
ما الذي استفاده سوق الأسهم، من فرض ضريبة لن تجلب للخزينة سوى عشرات ملايين الدنانير، مقارنة بخسائر بمئات ملايين الدنانير، وهي خسائر مرشحة للتصاعد اذا تواصل الذعر بين مالكي الأسهم بهذه الطريقة، وماهي مآلات حصص الضمان الاجتماعي، بما يعينه الضمان الاجتماعي، من ضمانات لكل الأردنيين المشتركين فيه، واهميته الاستراتيجية، ومعه الشركات الكبرى والمصارف؟!.
المؤشر الثاني، يرتبط بالقطاع الصناعي، الذي شهد خلال الأعوام الأخيرة اغلاق اكثر من الفي مصنع صغير ومتوسط، والمؤشرات تدل على ان الاغلاقات في القطاع الصناعي سوف تتواصل، لان المستثمرين في هذا القطاع، ليس لديهم الاستعداد لمواصلة الخسارة، من اجل دفع الضرائب، وكلف الطاقة والإنتاج.
سنرى اغلاقات إضافية او ترحيلا الى دول أخرى، اذا تمكن البعض من ذلك، بما يعنيه هذا الامر، من تراجعات اقتصادية، وخسارة الاف الأردنيين لاعمالهم، فوق الحالة المعنوية السلبية التي ستمنع أي احد اخر، من استثمار دينار واحد.
لا يمكن للحكومة الحالية، او لغيرها، التفرج على هذا المشهد السلبي، وهذا الانسداد في الأفق الاقتصادي، الذي وصل حد انهاك كل قطاع يعد حيويا، او فيه بقايا حيوية، وهذا يعني ان شعارات حماية الخزينة، والعدالة الضريبية والخضوع لارادة مؤسسات دولية، من اجل اتخاذ إجراءات إضافية سيؤدي الى نتائج وخيمة على مستوى الداخل الأردني، الذي تم إعادة انتاجه، وانهاء حيويته، واضعافه وايصاله الى مرحلة خطيرة جدا، لا ينفع فيها التلاوم، ولا توزيع المسؤوليات.
علينا ان نسألكم جميعا الى اين تأخذون الأردن، في ظل هذه السياسات، التي تعرفون مسبقا، انها ستؤدي الى هذا الواقع الصعب جدا، والمرشح لمزيد من التداعيات خلال الشهور القليلة المقبلة، وهي سياسات تواصلت على مدى السنين الفائتة، ألا نستطيع وقف ما يجري، من اشتراطات خارجية، واشكالات داخلية؟!.