إشكالية الحراك الأردني بين الشباب والشخصيات الوطنية والأحزاب
سالم الفلاحات
جو 24 :
لأن الحراك الشعبي الذاتي العفوي شكل من أشكال العمل المنظم الأولية، لكنه هو المعوَّل عليه في النهاية لتصحيح المسار السياسي في أي أمة.
ولأن من الوسائل المستخدمة لمنع الإصلاح /ولا زالت/ تمزيق القوى الوطنية تحت دعاوى وافتراءات من أجل أن يبقى الجسم الشعبي المنحاز لوطنه ومستقبله ضعيفاً والفساد مستشرياً.
•فمن حق الشباب الحراكيين التخوف على مستقبلهم وعلى جهودهم وعرقهم ودمائهم (ربما)، وأجسادهم المعرضة للضرب والقمع أحياناً، وبلا سند قانوني أو دستوري.
•من حق الشباب الخشية على مشروعهم الإنقاذي وأملهم الشامل من أن يصبح سلعة للتفاوض بين الحكومة وبين جهات مثقلة بالاعتبارات والحسابات الحزبية والنخبوية الموصوفة بالحكماء أو الكبار بحجة التعقل والاناة أو لأسباب أخرى.
•لكن حرمان الحراك الشعبي من القوى الحزبية المنظمة إذا استثني منهم المصنوعون على عين المستبدين الفاسدين، خسارة كبيرة وهو انسجام مع الحيلة الشيطانية الانجليزية (فرّق تَسُد).
•ولا يغيب أن الهيمنة الأبوية أو الشعور (بالأنا) الحزبية وتعظيم الذات النخبوية المرض الذي يصاب به البعض /دون تعميم/ لا ينجم عنه سوى الخسارة الكبرى للوطن والمواطن.
•من هنا فالتحدي القائم هو كيف تتجمع القوى الشعبية الشبابية المستقلة والحزبية والنخب الصادقة الوطنية وبقية الوطنيين الذين يملكون الاحساس بالمسؤولية الوطنية ممن هم رأس عملهم داخل الحكومة والأجهزة الرسمية في صعيد وطني إصلاحي واحد بغية إنقاذ بلدهم وإسعاد مواطنيه.
•والسؤال هنا هل لدى قيادات الأحزاب الاستعداد للشراكة الواضحة، وبذل أقصى الجهد دون هيمنة ودون محاصصة أو استدعاء للخلافات التاريخية التقليدية؟
•وبالمقابل هل لدى الشباب والحركات الشعبية غير الحزبية الاستعداد نفسه للشراكة الحقيقية دون تعالٍ على أحد، ودون إبعاد أو حساسية موهومة حيال الأحزاب والهيئات والشخصيات الوطنية ودون تجاوز واتهام لأي وطني صادق حر؟
ومما لا شك فيه أنَّ مشروع الإنقاذ والإصلاح والخروج من المأزق يحتاج لهمة الشباب العالية المتجددة في الأحزاب وغيرها دون استئثار أو إبعاد.
كما يحتاج لحكمة الشيوخ ورؤيتهم ورويّتهم دون أبوية مفرطة في الحرص.
كما يحتاج لمراجعة رسمية لمواقف الدولة وأجهزتها التنفيذية، وبخاصة للشخصيات الوازنة المسؤولة فيها على الأقل، ليتفق الجميع - الشباب، والأحزاب، والشخصيات الوطنية والمتقاعدون خارج العمل في الدولة، أو من لا يزالون على رأس عملهم الرسمي، أنَّ تناقضهم الأول والرئيس هو مع المفسدين والمستبدين وأن مشروعهم الأول إنقاذ وطنهم وشعبهم.
وأخيراً.. هل يمكن أن يجتمع الأردنيون الصادقون الجادون للخروج من المأزق، من غير الذين يراقبون المشهد متكئين يدخنون ويشربون القهوة و...... من خلال شاشات التلفاز والهواتف التي ينقطع عنها بث وقائع الحراك الشعبي العفوي بفعل الحكومة حجباً للحقيقة بعد تكميم الأفواه!!
هل يمكن أن تتبنى مجموعة من الشخصيات الأردنية الموثوقة من الذين يطمئن غالبية الشعب لهم وأنهم لن يبيعوا الحراك الشعبي بأي ثمن، ولا يخضعون لإغراء أو إغواء أو تهديد، ولا يجاملون حكومة أو مسؤولاً على حساب الوطن، لتشكيل هيئة وطنية تكون مرجعية للعمل الوطني مكونة من ممثلين لجميع الهيئات والشخصيات والحراكات الشبابية الجادة والأحزاب الفاعلة والمستعدة للالتزام دون اشتراط الصدارة أو المرجعية الأخرى من أي طرف.
إنه واجب الساعة إذا حُيّدت الشخصنة والأنا، وتغلب إنكار الذات لدى الجميع، علماً أنّ الوطن مليء بالشباب والشابات والعديد من الشخصيات المؤهلة لهذه الغاية من المخلصين لوطنهم وقضايا امتهم العادلة.