تقييمات عمّان للتسوية الأميركية
منذ ان وصل الرئيس الأميركي الى البيت الابيض، وادارته تتحدث عن وصفتها لتسوية القضية الفلسطينية، وهي تسوية تم وصفها بصفقة القرن، وتسربت حولها تفاصيل كثيرة، من اكثر من جهة، وحفلت بتناقضات واضحة، وتوظيفات مدروسة، لقراءة ردود الفعل في حالات متعددة.
الأردن طرف في هذه التسوية، وقد قيل الكثير بشأن ما هو مطلوب من الأردن، وبرغم نفي الأردن الرسمي، اطلاعه على تفاصيل هذه التسوية، والتعديلات عليها، او استشارته، او كونه طرفا فيها، الا ان الداخل الأردني، بقي متوترا إزاء ما يتردد من معلومات، ويربط كل شيء في الداخل، بهذه الصفقة المنتظرة.
في المعلومات هنا، ان عمان الرسمية لا تأبه كثيرا بالتسريبات، ووفقا لمطلعين فإن الأردن يعتبر ان هذه الصفقة غير قابلة للحياة ،أساسا، خصوصا، مع اعتراض الفلسطينيين من جهة، ورفض الأوروبيين لما يتم اعداده في واشنطن، إضافة الى استحالة تطبيق هكذا حلول، وفقا لتصورات الإدارة الأميركية.
إضافة الى ذلك فإن عمان الرسمية، تتوقع ان تواصل واشنطن، جدولة الحديث عن هذه الصفقة، التي تم الإعلان عنها مرارا، وكل مرة كان يتم اعلان تأجيل تفاصيلها، ولو عدنا الى التصريحات الأميركية من حيث التواريخ والتواقيت، لوجدنا انها تكررت خلال العامين الفائتين تقريبا، حول هذه التسوية، وكل مرة تتم الإشارة الى انها ستعلن لاحقا وخلال شهور، ومن ثم يتم تسريب معلومات ان هناك تعديلات جديدة، وان الإعلان عنها سوف يتأخر الى وقت لاحق.
الأردن يتوقع هنا، ان لايتم الإعلان عن صفقة القرن خلال الشهرين المقبلين، مثلما أعلنت واشنطن،مؤخرا، في اخر تسريباتها، وقد تتأجل الى الربيع، وفي الربيع قد تتأجل الى وقت لاحق، هذا فوق ان المعلومات تتحدث هنا، عن حل اقتصادي-سياسي، وليس عن حل سياسي، فقط، بمعنى ان الصفقة ترتكز الى خلطة اقتصادية-سياسية، يكون فيها الاقتصاد هو الغالب، من حيث سيطرة التفاصيل التي تصبغ الحل السياسي.
الذي يتم فهمه هنا في عمان، ان لامخاوف اردنية من صفقة القرن، لاعتبارات كثيرة، ابرزها ان الموقف الأردني تم إبلاغه لواشنطن، من حيث استحالة الشراكة في حلول ستؤدي الى تداعيات كبرى لا يمكن قبولها، هذا فوق ان أي حلول تتجاوز الخطوط الأساسية، لا يمكن تمريرها.
ندرك هنا ان الأردن من جهة، والسلطة الوطنية الفلسطينية من جهة أخرى، تحت وطأة أوضاع صعبة جدا، توحي بكون الجهتين لن تتمكنا من رفض أي حلول، وهذا هو الانطباع العام القائم على الشك، وان الاردن سوف يخضع نهاية المطاف لما يريده الاميركيون، لكن الانطباع مضلل، خصوصا، اذا كانت الوصفة الأميركية انتحارية، لايمكن الا رفضها لاعتبارات كثيرة.
المراهنة الأولى في عمان اليوم، تقوم على فكرة محددة، أي ان الحل الأميركي، سيكون مرفوضا من جهات عديدة، ستبادر لحظة الإعلان عن الحل، الى رفضه او انتقاده بشدة، بما في ذلك الجانب الفلسطيني والاوروبي، وجهات أخرى، وهذا سيخفف الكلفة عن الأردن، من حيث مواجهة الحل وحيدا.
المراهنة الثانية ترتبط بتراجع واشنطن كل فترة، عن اعلان وصفتها، خشية من رفض الحل، وظهورها بصورة الفاشلة في العالم، خصوصا، مع كثرة الاعتراضات على ما يتسرب من تفاصيل بشأن الحل الأميركي، وبحيث يرى الأردن اليوم، ان خشية واشنطن من فشل وصفتها، وتلقي لطمة على خدها، ستؤدي الى مواصلة جدولة الإعلان عن الوصفة ذاتها، هروبا الى الامام، وشراء للوقت.
في كل الحالات، علينا ان ننتظر، الذي ستأتي به رياح واشنطن، على سفن الشرق الأوسط.