jo24_banner
jo24_banner

اطمئن سيدي ... كلهم عشرات أو مئات

أ.د. محمد المجالي
جو 24 :

يبدو أن هذا النَفَس وهذا المنهج هو الغالب على تقييم مسيرات الحراك الإصلاحي، وبالتالي تقييم مسألة الإصلاح، أن نربطه بعدد المطالبين به في الشارع، لا أن يكون منهجًا رسميًا ذاتيًا وهدفًا استراتيجيًا حتى لو لم يطالِب به أحد.

مصيبة كبرى أن تنأى الدولة بنفسها عن مسار الإصلاح لتصل به إلى ذروته وأعلى درجاته، بل هي خيانة عظمى أن يكون بالإمكان الإصلاحُ والسيرُ بالبلد نحو الأفضل، ثم يكون التراجع والحنين إلى منهج الخراب والدمار واللصوصية، يربطون الإصلاح بالفوضى، والفساد بالاستقرار، لأن من يعش في أجواء الفساد وأوحال العفونة لا يروق له مجرد تنسّم الهواء النقي والبيئة النظيفة، كذاك الذي تعوّد العبودية، ولو رفع سيدُه قدمه عن عنقه، لانتابه الحنين لوضع تلك القدم مرة أخرى على عنقه.

هناك من تعسكر خلف مقولات نتنة بأن وراء الإصلاح وطن بديل، ومنهم من تنبأ –وربما تنزل عليه الوحي- ليحذِّر من وصول الإسلاميين إلى السلطة، وهناك مَن فِراسَتُه خارقة للزمان ليكشف عن نوايا خبيثة في نفوس الإصلاحيين.. إلى آخر هذه المهاترات، وليت في القوم رجل رشيد.

لماذا يُدارُ الأمر في الأردن وكأنه صراع بين السلطة والإسلاميين!؟ لماذا يوجّه كتّابُ التدخل السريع لتحويل مسارات الأمور حسب رغبة الجهة الأمنية أو السياسية، وربما اليهودية!؟ ألستم من يريد الديمقراطية!؟ فأين هي؟ ولماذا تخافون منها!؟ ألستم يا دوائرنا الأمنية من أضفتم إلى مهماتكم الرئيسة بعد عام 1989 مهمة الدفاع عن الديمقراطية؟ وبعد 1994 الدفاع عن معاهدة السلام!؟ لماذا تفانيتم في الثانية وتلكأتم في الأولى!؟ ولماذا ظهر الفساد في البر والبحر واستشرى وسكتم عنه!؟

إن كانت قدوتكم أمريكا؟ فقد انتخبت زنجيًا، وإن كانت بريطانيا؟ فالحكم فيها ملكي مقيَّد، وإن كان الإسلام فهو الشورى والمساواة والعدالة والاستقامة، لماذا قيم العدالة والاستقرار والحرية في الغرب "الكافر" راسخة، بينما هي في الشرق "المسلم" محرمة وبدعة وخيانة لأولي الأمر وخروج عليهم!؟ والمطلب في الأردن إصلاح ليس إلا! فلماذا التلكؤ والتذبذب والتململ والتأرجح!؟

هي نصيحة لأعلى جهة: الإصلاح رسالة الأنبياء (إنْ أريدُ إلا الإصلاحَ ما استطعت)، حتى لو لم يطالِب به أحد، فهو واجب شرعي وطني، ومحاصرة الفساد أمر طبيعي فهو نار تسري في زوايا الوطن وأركانه، جلب معه فساد الضمير، وانعكست في ظله القاتم القيمُ والأخلاق، فصار النفاقُ فضيلة، والصدق والصلاح رذيلة.

وأقول في النهاية، إنها حماقة وأية حماقة، إن نظر المسؤول إلى الشارع ليعُدّ الأشخاص، وهي خيانة لولي الأمر أن نلهو بهذا المستوى المتدني من التقييم، فإن جلوس الغالبية لا يعني الرضا عن الواقع، فالتململ سيد الموقف، والغضب مشاعر قد لا تترجم على أرض الواقع، وقد يتفجر في أية لحظة، ويعز علينا أن يتقدم الآخرون ونتراجع، ويسعد الآخرون ونزداد فقرًا، ليس لأنها إرادة الله، بل لسوء الإدارة وامتهان اللصوصية واستذلال الشعوب.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير