الانحياز للشعب لا لغيره
أيُّ الفريقين أحق بالانحياز له والطمأنينة إليه؟ أيهما أكثر مصداقية وواقعية؟ وهل الصديقُ من صَدَّقك أمْ مَن صَدَقَك؟ قد يُخدَعُ البصرُ، وتُشَوَّشُ الأذنُ، ويَتَخَيّلُ العقلُ، وتبقى الحقيقة ناطقة تبحث عمن يسمعها أو يراها، هذا حالنا في الأردن، فلِمَن الانحياز: للشعب وآهاته وتطلعاته؟ أم للملأ ومن والاهم أو يوجههم من أصحاب المصالح الذين يزوِّرون الحقائق ويشوّهونها؟
يا جلالة الملك: الانحياز للشعب ومطالبه خير لك وللأردن من نصائح الآخرين، الانحيازُ إلى الشعب وتلبيةُ مطالبه والصدقُ معه قوةٌ وحبٌ وثقةٌ وراحة، أما غير ذلك فهو مزيدٌ من القلق والاضطراب والفوضى، ولا أحد يدري ما هو كائن في قابل الأيام.
الانحياز إلى الشعب ورقةٌ قويةٌ تُشْهَرُ في وجه أيّ مزايِدٍ أو منافق، وفي وجه أي مغرِض من المتربصين بالأردن واستقراره، ممن يتمنّون تحويله إلى وطن بديل، أو وطن تابعٍ مسيَّرٍ حسب أهواء قوى عالمية، آن الأوان لنصنع -بالثقة بيننا- وطن العزة والحضارة.
يكاد الشعب ينفجر من كثرة ما مورِس عليه من أفانين الاستهزاء وألاعيبه، وها هي تصريحات الحكومة برفع الأسعار تزيد من هذا الاحتقان، مواطنون ينتظرون عودة ما سُلِب من مقدراتهم وخيرات بلدهم، ليتحسّن حالُهم المعيشي، وإذا بهم يُعاقَبون على وقفتهم الحرة حين قالوا: نريد الإصلاح واسترداد ما نُهِب، والحل هو مزيد من الغلاء والإفقار، يكتوي المواطن بنارهما، ويزعم رئيس وزرائنا أنه الحل الأوحد لتخفيض قيمة المديونية، وتعزيز الوضع الاقتصادي!
أليس في الأردن رجل رشيد؟ عجيب أمرنا حين يُخَوَّنُ البريءُ المُصلِح، ويُبرَّأُ الخائنُ اللص، حين يُهَوَّنُ الأمر العظيم ويُهَوَّلُ الأمر البسيط، حين تنحرفُ البوصلةُ ويتيهُ المركبُ، يظنُّ ركابُه أنهم في اتجاه برِّ الأمان، ليكتشفوا أنهم وسط أمواج متلاطمة في عرض بحر هائج، ليبرز في الذهن مباشرة سؤالٌ عن أمر واحد فقط: هل أُدِّيَت الأمانةُ وحُكِمَ بالعدلِ لتكون من بعد ذلك الطاعة؟ هكذا القرآن في آيتين من سورة النساء يذكر أهم واجبين على لحاكم (أداء الأمانة إلى أهلها والحكم بين الناس بالعدل)، وواجب مباشر له إن فعل ذلك وهو (الطاعة) فيما لا يخالف شرع الله، حينها قد يتحقق لنا مثل ما تحقق لتركيا، حين يعلن أردوغان فيها أنه بحلول 2013 لن تبقى على تركيا أية ديون.
