إربد.. لماذا؟
لميس أندوني
جو 24 : المَشاهد وصور الاحتجاجات، واعتداء البلطجية على مسيرة إربد يوم الجمعة، مرفوضة ومقلقة جداً، هل هي تصعيد ضد الإخوان المسلمين أم المعارضة بشكل عام؟
في الحالتين ما حدث في إربد، يدل على أن هناك ارتباكا رسميا، ومخاوف، من ردود الفعل على رفع أسعار الكهرباء المرتقب والأهم على سيناريوهات التدخل في سورية، وقد يدل على أن هناك قرارا بحسم الصراع التنافسي مع الإخوان المسلمين، بقصد تحجيمهم وضرب التيارات الإسلامية الأكثر تشدداً، من خلال الحل الأمني والقبضة الخشنة، وبهذا ندخل مرحلة جديدة لا نعرف أين ستأخذنا.
نفهم أن التطورات في سورية تثير مخاوف الأغلبية وليس النظام لوحده، بعد إعلان قاعدة العراق بالوحدة مع جبهة النصرة، لكن أن يكون الحل بقمع مظاهرة سلمية، فهذا خطأ يحمل في طياته استعداء فئات واسعة من الأردنيين، وإثارة قلق الجميع من صِدام قادم مع الإخوان ومن ثمَ التيارات السلفية المتطرفة نفسها.
من الواضح أن إحدى الدروس التي تعلمتها الجهات الرسمية من نتائج "الثورات العربية" هو أن لا تسمح للتيار الإسلامي، خاصة الإخوان، بأن يفرض نفسه بديلا، مثل ما حدث في مصر وتونس،وبالتالي ركزت سياستها على كيفية محاربة الإخوان، ولم تتعلم الدرس الأهم وهو أن تجاهل المطالب الشعبية المشروعة، يؤدي إلى رفع السقوف بحيث تتجاوز شعارات إصلاح النظام.
هل يعتقد المسؤولون أن قمع تظاهرة بقسوة سيعزل الإخوان ويضمن للحكومة تأييد الفئات الاجتماعية التي تخاف ضمناً من نفوذ الإسلاميين؟ وما هي المشكلة التي يريدون حلها فعلاً؟ وكأن الأزمة السياسية الاقتصادية الاجتماعية ستتلاشى بمجرد قص أجنحة الإخوان.
وفي وقت يبدو فيه كذلك، فإن الجهات الرسمية، وكما رأيناه في إربد، أرادت توجيه رسالة تحذير إلى الإخوان المسلمين، بأن النظام لن يسكت، ولن يدعهم يستقوون بحكم الإخوان في مصر أو احتمال هزيمة النظام السوري، لكن القمع الأمني ليس حلاً بل تعبيرا عن إفلاس سياسي،خاصة وان ما رأيناه كان عنفاً غير مسبوق في التعامل الأمني مع مسيرات الحراك الأردني.
لكن مشاهد الضرب والتكسير، بدت رسالة إلى جميع المعارضة من دون استثناء، فلا يمكن استمالة المعارضة، حتى المناوئة أيدلوجياً أو سياسياً للإخوان لن تؤيد البطش، وتعتبره تهيئة لفرض القبول الشعبي لرفع الأسعار فهل تريد إخضاع الجميع تمهيدا للتدخل في سورية؟
إذا كان الخوف من تقديم الإخوان أنفسهم بديلا فلِمَ تم إجهاض كل المقترحات السياسية التي كانت ستؤسس لتعددية حزبية حقيقية في الأردن؟ بل وتم الإصرار على قانون انتخابات، مهووس بإقصاء الإخوان، لكنه أدى ويؤدي إلى تقليص التيارات الأخرى أيضاً.
يبدو أن الحفاظ على ثنائية الحكم والإخوان تفيد بعضهم في الدولة، لمنع صعود تيارات بديلة، فالضرب باسم مكافحة التطرف هي ذريعة جاهزة خاصة وأن المطلوب المضي بتنفيذ إجراءات رفع الدعم ورفع الأسعار وفقا لاتفاقية صندوق النقد الدولي، أي يصبح من الضروري تهميش لاستمرار سياسات الإفقار والتفقير.
لا نعفي هنا الأحزاب الأردنية والتيارات من تقديم بديل ببرنامج ورؤية وموحدة لكن نقول أن الجهات الرسمية، تعتقد أن بإمكانها تفصيل الجهات على مقاسها، وكان الأحزاب والتيارات تبنى من فوق ووفقاً لرؤيتها لما هو اليسار والوسط واليمين.
رسالة إربد قد تكون إلى الإسلاميين لكنها ضربتنا كلنا في الصميم، ، فكيف يمكن أن يكون ذلك هو الجواب المدوي على المطالبة بالحريات بعد أكثر من عامين على بدء الحراك؟ وهل هي بروفة للتعامل مع رفض الغلاء المقبل؟
l.andony@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)
في الحالتين ما حدث في إربد، يدل على أن هناك ارتباكا رسميا، ومخاوف، من ردود الفعل على رفع أسعار الكهرباء المرتقب والأهم على سيناريوهات التدخل في سورية، وقد يدل على أن هناك قرارا بحسم الصراع التنافسي مع الإخوان المسلمين، بقصد تحجيمهم وضرب التيارات الإسلامية الأكثر تشدداً، من خلال الحل الأمني والقبضة الخشنة، وبهذا ندخل مرحلة جديدة لا نعرف أين ستأخذنا.
نفهم أن التطورات في سورية تثير مخاوف الأغلبية وليس النظام لوحده، بعد إعلان قاعدة العراق بالوحدة مع جبهة النصرة، لكن أن يكون الحل بقمع مظاهرة سلمية، فهذا خطأ يحمل في طياته استعداء فئات واسعة من الأردنيين، وإثارة قلق الجميع من صِدام قادم مع الإخوان ومن ثمَ التيارات السلفية المتطرفة نفسها.
من الواضح أن إحدى الدروس التي تعلمتها الجهات الرسمية من نتائج "الثورات العربية" هو أن لا تسمح للتيار الإسلامي، خاصة الإخوان، بأن يفرض نفسه بديلا، مثل ما حدث في مصر وتونس،وبالتالي ركزت سياستها على كيفية محاربة الإخوان، ولم تتعلم الدرس الأهم وهو أن تجاهل المطالب الشعبية المشروعة، يؤدي إلى رفع السقوف بحيث تتجاوز شعارات إصلاح النظام.
هل يعتقد المسؤولون أن قمع تظاهرة بقسوة سيعزل الإخوان ويضمن للحكومة تأييد الفئات الاجتماعية التي تخاف ضمناً من نفوذ الإسلاميين؟ وما هي المشكلة التي يريدون حلها فعلاً؟ وكأن الأزمة السياسية الاقتصادية الاجتماعية ستتلاشى بمجرد قص أجنحة الإخوان.
وفي وقت يبدو فيه كذلك، فإن الجهات الرسمية، وكما رأيناه في إربد، أرادت توجيه رسالة تحذير إلى الإخوان المسلمين، بأن النظام لن يسكت، ولن يدعهم يستقوون بحكم الإخوان في مصر أو احتمال هزيمة النظام السوري، لكن القمع الأمني ليس حلاً بل تعبيرا عن إفلاس سياسي،خاصة وان ما رأيناه كان عنفاً غير مسبوق في التعامل الأمني مع مسيرات الحراك الأردني.
لكن مشاهد الضرب والتكسير، بدت رسالة إلى جميع المعارضة من دون استثناء، فلا يمكن استمالة المعارضة، حتى المناوئة أيدلوجياً أو سياسياً للإخوان لن تؤيد البطش، وتعتبره تهيئة لفرض القبول الشعبي لرفع الأسعار فهل تريد إخضاع الجميع تمهيدا للتدخل في سورية؟
إذا كان الخوف من تقديم الإخوان أنفسهم بديلا فلِمَ تم إجهاض كل المقترحات السياسية التي كانت ستؤسس لتعددية حزبية حقيقية في الأردن؟ بل وتم الإصرار على قانون انتخابات، مهووس بإقصاء الإخوان، لكنه أدى ويؤدي إلى تقليص التيارات الأخرى أيضاً.
يبدو أن الحفاظ على ثنائية الحكم والإخوان تفيد بعضهم في الدولة، لمنع صعود تيارات بديلة، فالضرب باسم مكافحة التطرف هي ذريعة جاهزة خاصة وأن المطلوب المضي بتنفيذ إجراءات رفع الدعم ورفع الأسعار وفقا لاتفاقية صندوق النقد الدولي، أي يصبح من الضروري تهميش لاستمرار سياسات الإفقار والتفقير.
لا نعفي هنا الأحزاب الأردنية والتيارات من تقديم بديل ببرنامج ورؤية وموحدة لكن نقول أن الجهات الرسمية، تعتقد أن بإمكانها تفصيل الجهات على مقاسها، وكان الأحزاب والتيارات تبنى من فوق ووفقاً لرؤيتها لما هو اليسار والوسط واليمين.
رسالة إربد قد تكون إلى الإسلاميين لكنها ضربتنا كلنا في الصميم، ، فكيف يمكن أن يكون ذلك هو الجواب المدوي على المطالبة بالحريات بعد أكثر من عامين على بدء الحراك؟ وهل هي بروفة للتعامل مع رفض الغلاء المقبل؟
l.andony@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)