تسلل إسرائيلي إلى هواتف المسؤولين
ماهر أبو طير
جو 24 :
ین وقت وآخر، تسمع عن تھدید إسرائیلي عبر الھاتف الخلوي لأحدھم، وآخر تلك الحكایات التي
سمعناھا، تھدیدات إسرائیلیة للنائب دیمة طھبوب، بإطعامھا للكلاب، وخلع عینیھا.
ھذه لیست المرة الأولى التي یرسل فیھا إسرائیلیون رسائل تھدید عبر الھواتف الخلویة، اذ ان كل
ارقام ھواتف النواب والوزراء، عندھم، ولا تعرف من تطوع وأرسلھا لھم، بما یثبت ان الاختراق
بلغ حدا كبیرا، وان لإسرائیل جماعتھا في عمان، ھذا فوق ان ھذه الأرقام، قد لا تكون سرا بالمعنى
المتعارف علیھ، ویمكن الوصول الیھا بطرق متنوعة، فوق مراقبتھا.
سبق ذلك تشھیر إسرائیلي بوزیرة الاعلام، بعد ان راسلھا احدھم عبر الواتس اب، ولم ترد علیھ،
بعد حادثة دوس العلم، فقام بنشر مراسلاتھ معھا على رقم ھاتفھا الخلوي، عبر حسابھ على التویتر،
مشھرا بھا، وھو یرید ان یقول فعلیا للأردنیین ان رقم ھاتف الوزیر لدیھ، باعتباره قد حقق نصرا
عظیما، ظنا منھ ان ھذه حرب نفسیة مؤثرة.
احد الزملاء الكتاب الصحفیین، تلقى قبل سنوات رسالة بلغة عربیة ركیكة، حین كتب مقالا عن
قصف غزة الدموي، آنذاك، فوصلتھ رسالة على رقم ھاتفھ، كلھا تھدیدات، اقلھا ان الإسرائیلیین
سوف یذبحون الجمیع، في الأردن وفلسطین.
مصدر الرسالة لم یكن رقما إسرائیلیا، لكنھ كان تعقیبا على مقال نشره في ذلك الیوم، فاقترحت
علیھ یومھا، ان یرد علیھ برسالة، مصححا لھ اخطاءه اللغویة، في سیاق تذكیره، بقرب تصحیح
خطأ وجود إسرائیل، أیضا، في ھذه المنطقة.
ارقام ھواتف كل المسؤولین، الوزراء، النواب، وغیرھم، قد تكون متوفرة لدى الإسرائیلیین، عبر
جماعتھا في عمان، المنثورین في غیر مكان، او حتى عبر الاختراقات الالكترونیة، او أي وسیلة
ثانیة، خصوصا، ان الحصول على الأرقام، لیس بھذه الصعوبة، في بلد مثل الأردن.
كل ھذا یأخذنا الى جانب آخر، یتعلق بالذي یریده الإسرائیلیون من ھكذا تصرفات، اذ على الاغلب
یریدون عبر تھدید النائب طھبوب، إیصال رسالة أوسع، لكثرة تقف ضدھم، ویریدون القول أیضا،
ان لدیھم القدرة على الوصول الى أي شخص، أیا كان رقم ھاتفھ، او عنوانھ.
فعلوا ذلك في غزة والضفة الغربیة، حین كانوا یبرقون برسائل تھدید مسجلة لكل سكان غزة مثلا،
او برسائل تھدید موجھة الى اشخاص محددین.
إسرائیل قتلت أردنیین على الحدود، وداخل السفارة الإسرائیلیة في عمان، وإذا كانت دولة من ھذا
الطراز تقتل في كل مكان، فإن الرسالة التي تلقتھا النائب اقل ضررا من القتل المباشر، لكنھا أیضا
تعكس الطریقة التي تتصرف بھا إسرائیل، وما تریده من الأردن.
أخطر كتلة بشریة، في جوار فلسطین المحتلة، ھي في الأردن، بسبب طول الحدود، والعداء
التاریخي من الناس إزاء إسرائیل، ولا شك ابدا ان كل ما تریده إسرائیل ھو بقاء الأردن رھینة
لدیونھ، وان یبقى الأردنیون في حالة ضعف وانھاك بسبب أوضاعھم الاقتصادیة، وبحیث یتم
خلخلة ھذه الكتلة البشریة، وتحویلھا الى كتلة ھشة غیر قادرة على تأمین قوتھا.
اسرائیل تجد من یساعدھا في مخطط تدمیر كل خزانات الدم في جوار فلسطین، اما بالحروب
والفتن، كما في سوریة والعراق، واما بالإضعاف والحصار كما في الأردن، او حتى عبر وسائل
كثیرة، ھذا فوق ان فینا عوامل ضعف قابلة للتحریك والتجاوب مع ھكذا مخططات.
علینا ان نسأل عن الموقف من ھكذا خروقات إسرائیلیة، وتھدیدات تافھة قد یقال عنھا لاحقا، انھا لم
تأت من ارقام إسرائیلیة، او انھا تنزلت من إسرائیلیین لا یمثلون دولة الاحتلال، وان كل القصة قد
تنحصر بحق الرد، ما بین نائب أردني یھاجم إسرائیل، وعنصر موساد مكلف بالرد عبر ارسال
رسالة، بواسطة الواتس اب، فھذا ھو زمن الرأي والرأي الاخر!
ھذه مجرد رسالة، یمكن شطبھا من سجل المحادثات، لكنھا تتطابق كلیا، مع ما تظنھ إسرائیل، بشأن
قدرتھا على تھدید خصومھا، افرادا كانوا ام شعوبا، عربا ام أجانب، وھذا افراط في الثقة، ثبت
عكسھ في حالات كثیرة، فنحن الباقون ھنا، في ھذه المنطقة، حتى یوم القیامة.الغد