jo24_banner
jo24_banner

"شيء ما"فقدناه !

محمد أبو رمان
جو 24 :
ليس من الصعب على أي مراقب أن يلحظ حالة القلق والتوتر لدى شريحة اجتماعية واسعة من الأردنيين اليوم. بالضرورة، تلعب الظروف الاقتصادية دوراً أساسياً في هذه الحالة، لكن ما يؤثر أكثر منها على "معنويات الشارع" هو الشعور بوجود ارتباك في إدارة الأزمة السياسية!
خلال عام واحد فقط، تبدّلت وتغيرت رهاناتنا مرات متعددة؛ من انفتاح على القوى السياسية والحراك، إلى انغلاق وتشكيك، إلى حوار طويل وعريض وسعي إلى توافقات، ثم ننقلب في اليوم التالي إلى السيناريو المعاكس تماماً. أولاً، نؤسس لجنة حوار وطني يتناقش أفرادها في مشاريع القوانين الناظمة للحياة السياسية، ثم تتراجع الحكومة التي أسست اللجنة عن جزء كبير من هذه المخرجات، لتأتي حكومة جديدة وتقدم قانون انتخاب مختلفا تماما عن الحوارات التي كانت تدور جميعها، ثم تغادر ليأتي رئيس جديد يعلن احتمالية العودة إلى القانون القديم، بعيدا عن النخب والقوى السياسية والحراك والإعلام، ويُضرب عرض الحائط بأغلب النقاش الذي كان يدور في الشارع!
يتزامن ذلك مع خطابات رسمية متضاربة ومتقلبة بشأن أبرز الملفات التي تطغى على اهتمام المواطنين. في نهاية اليوم، ما نزال حائرين في تحديد أجندة الدولة السياسية وبوصلة المرحلة القادمة، أو بسؤال أدق: إلى أين نسير؟!
أحد السياسيين والمثقفين المخضرمين يشبه هذا الوضع الضبابي وحالة عدم اليقين، بالفترة ما بين 1968-1970، لكنه يستدرك بأنّ الخصم خلال تلك المرحلة كان محدّدا ومشخّصا، واستطاعت الدولة القيام بدوران كامل لمواجهته. أمّا اليوم، فالخصم غير محدد، وتعبر عنه العقلية التي تدير المشهد منذ منتصف التسعينيات، وتعتمد على معايير أنتجت الأزمات السياسية والاقتصادية والثقافية الحالية وجذّرتها، وخلقت مناخا "مأزوما" يتشكل عبر تناقضات سياسية واقتصادية واجتماعية!
ما نزال غير قادرين على ترسيم طريق الخروج من هذا الواقع، ونحن نواجه أزمة اقتصادية عاصفة، وحالة من عدم الرضا والإحباط والقلق تمور في الشارع.
شيء ما فقدناه خلال المرحلة الأخيرة، وهو شخصية الدولة ورسالتها وفلسفتها؛ فلا نعرف إلى الآن ما هي الدولة التي نريدها ونبحث عنها. هي جريمة نقترفها جميعا، نخبا سياسية ومثقفة. إلى الآن، لا يوجد اتفاق مجتمعي، قبل العقد الاجتماعي-السياسي في تعريف: ما هو الأردن الذي نريد؟ حتى داخل القوى الفاعلة، فنحن أمام ساحة متلاطمة من الأولويات والأجندات والرؤى، ولكلّ مفهومه الخاص للإصلاح المطلوب.
لم نحدد –بعد- بوضوح ماذا نريد؟ دولة تعتمد على العلاقات الأولية والنظام الريعي، والعلاقة الملتبسة مع المواطنين، أم دولة المواطنة وسيادة القانون وحقوق الإنسان والتعددية وتداول السلطة؟! ما هو خطاب الدولة؛ هل هو سيادة القانون على الجميع أم بصورة انتقائية ومزدوجة؟!
إذا كانت هنالك أهداف بعيدة المدى، يمكن الوصول إليها عبر أهداف وخطوات مرحلية محددة، وطريق واضحة، لكننا نسير خطوات في اليمين وأخرى في الشمال، فإلى أين سنصل؟!
الأردن دولة صغيرة، محددة التضاريس السياسية والاجتماعية، محدودة الموارد، يمكن تعريف الأزمة وأبعادها والاتفاق على المطلوب، في المديين القريب والبعيد، فلماذا هذه "المتاهات"، ومن المستفيد منها؟
أجزم: لا أحد. فلماذا لا نحدد رهاناتنا ونتحدث بلسان عربي مبين، ونربط الإصلاح بمعادلتنا الداخلية، مع إدراك البيئة الدولية والإقليمية بصورة عقلانية ومنطقية؟ لكننا لسنا مضطرين أن نربط رهاناتنا بالمتغيرات الإقليمية والدولية، ففي بيتنا الداء والدواء! ..(الغد)

m.aburumman@alghad.jo
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير