انقطاع النسور عن الشارع
جو 24 : كتب د. حسن البراري - زمن قصير يفصلنا عن معرفة فيما إذا كانت حكومة النسور ستجتاز امتحان الثقة، وبالرغم من أن التدخلات منحت النسور فسحة أمل إلا أنه وباصرار عجيب يفسد فرصه بشكل متوصل. لم يعد ينطلي على الشعب الأردني كل الحيّل والتكتيكات السياسية ولا التهويل والمبالغة والتحذير والفزاعات التي وظفها الدكتور عبدالله النسور واعتقد هو مخطئا بأنها ستكون كافية لخلق سحابة دخانية يخفي خلفها ضعفه وعجزة عن مجرد التفكير في برنامج غير البرنامج المعد سلفا والذي يئن المواطن الاردن تحت وطأته. وعليه، فإن أحاديث النسور عن برنامج ما هي اضغاث احلام لا تعكس ما يدور في عقل وقلب الرجل.
وعلى نحو متوقع، كشف استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية عن واقع مؤلم سيشكل كابوسا مرعبا للنسور في الأيام القليلة القادمة سيتحدد خلالها مستقبل حكومة النسور، وجاء الاستطلاع أيضا بتوقيت صعب بالنسبة لرئيس مكلف مازال يعاني من أثار الصراع بين اجهزة الحكومة الأمنية وظهر ذلك جليا في قمع مدينة إربد، وجاء الاستطلاع ايضا في وقت خلق فيه الرئيس المكلف توترا غير مبرر بمدينة سحاب ناهيك عن استخفافه الشديد بمجلس النواب.
فاستطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية جاء ليؤكد على حقيقة كان قد كشف عنها استطلاع المعهد الجمهوري قبل اسبوعين وهي أن هناك غالبية اردنية ترى أن الأمور لا تسير في الاتجاه الصحيح، فبالرغم من كل التحذيرات إلا ان هناك اصرارا على المضي والايغال في الاتجاه الخاطيء، ويبدو أن حالنا- على حد تعبير صديق- كحال قائد سيارة يمضي بمركبته في اتجاه معاكس للسير وسط تبنيه كل السيارات التي تقابله بأنه يسير في الاتجاه المعاكس ومع ذلك يستمر سائقنا الجهبذ في السير وبسرعة في ذات الاتجاه الخاطيء. فقط 36% من العينة الوطنية ترى أن الامور تسير في الاتجاه الصحيح وهي نسبة تقترب من نسبة الذين شاركوا بالانتخابات الاخيرة قياسا بنسبة من يحق لهم التصويت.
ولو قارنا بين هذه النسبة وبين نسبة أل 61% التي إعتقدت أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح بشهر اكتوبر الماضي (اي عند تشكيل حكومة النسور الاولى) لاكتشفنا أن سياسات حكومات النسور هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن هذا التراجع في نسبة المتفائلين. وإذا كان الأمر كذلك فكيف عندها يمكن لمجلس النواب أن يرشح النسور رئيسا لحكومة وهي لا تكسب ثقة الشارع ناهيك عن منحه ثقة لا يستحقها؟!
السبب في كل ذلك التراجع هو فشل حكومة النسور في القيام باصلاحات مناسبة او معالجة المشاكل والتحديات الاقتصادية الكبيرة التي يبدو أنها أكبر بكثير من قدرة حكومتي النسور الأولى والثانية. وبعيدا عن شرائح الطبقات الفقيرة التي لا يمكن أن يكون لديها أي ثقة بحكومتي النسور فإن الطبقة الوسطى (التي من المفترض ان تكون راضية عن الامور بشكل عام) أيضا ترى أن الأمور تسير في الاتجاه الخاطيء، وقد أفاد 54% من المهنيين و47 % من أساتذة الجامعات و46 % من الأحزاب يعتقدون أن الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ.
ويبدو أن حالة القطع (disconnect) بين حكومة النسور والشعب الاردني هي شاملة إذ أن الحكومة تتبنى سياسات لا تتوائم بالمطلق مع الرأي العام الاردني وكأن الشعب ليس له رأي سوى من خلال مجلس تم تدجينه وترتيبة بحيث يكتفي بالقيام بدور الظاهرة الصوتيه دون أن يكون لذلك أي أثر يذكر على السياسات العامة. فمثلا أفاد 71% افراد العينة الوطنية و43% من قادة الرأي بأنهم ضد الاستمرار في استقبال لاجئين من سوريا، وأكثر من ذلك فهناك 75% من العينة الوطينة مقابل 68% من عينة قادة الرأي مع اقامة مناطق عازلة داخل الاراضي السورية لتستوعب اللاجئين. وعلى نحو لافت يعترف النسور أن تدفق اللاجئين يشكل تهديدا للأمن الوطني الأردني ومع ذلك وفي مفارقة عجيبة يقول أن الاردن سييقي ابوابه مفتوحة لاستقبال المزيد من اللاجئين. وهناك من بين المحللين من يرى ان اصرار الاردن على تشجيع قدوم اللاجئين انما يهدف الى استجلاب مزيدا من المساعدات بصرف النظر عن تأثير ارتفاع أعداد اللاجئين على الاردنيين.
وفي سياق آخر افاد 44% فقط من الاردنيين عن ثقتهم بقدرة الحكومة على محاربة الفقر والبطالة وحماية المستهلك، وهي قضايا في غاية الأهمية ولا يمكن لأي حكومة أن تنال رضا الشارع من دون تحقيق انجاز في هذه الحزمة على وجه الخصوص. طبعا يحتوي الاستطلاع على معلومات أخرى لا مجال لتغطيتها وتحليلها في هذه العجالة لكن الواضح أن الحكومة تعاني من مزاج شعبي سلبي له علاقة بحالة احباط وطني وضعف الحكومة وعدم قدرتها على احداث الفرق بالرغم من الكلام الانشائي الفارغ الذي يخرج من قبل بعض وزراء ورئيسهم. والفجوة بين الناس والحكومة آخذة في الإتساع ولا يبدو أن احدا قادر على ردم هذه الهوة المتفاقمة من دون اصلاحات حقيقية لا يريدها ولا يرغب بها مركز القرار السياسي الأمني.
في الختام، فإن اخطر ما في الأمر هو سواد حالة من الثقة الزائفة والارتياح لدى النخب الحاكمة وهي تعجز عن مجرد رصد أن هناك مرجلا داخليا يغلي ولا يجوز تجاهله على اعتبار أن الاستقرار بالاردن والتغيير هما تعبيرا عن معادلة اقليمية.
وعلى نحو متوقع، كشف استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية عن واقع مؤلم سيشكل كابوسا مرعبا للنسور في الأيام القليلة القادمة سيتحدد خلالها مستقبل حكومة النسور، وجاء الاستطلاع أيضا بتوقيت صعب بالنسبة لرئيس مكلف مازال يعاني من أثار الصراع بين اجهزة الحكومة الأمنية وظهر ذلك جليا في قمع مدينة إربد، وجاء الاستطلاع ايضا في وقت خلق فيه الرئيس المكلف توترا غير مبرر بمدينة سحاب ناهيك عن استخفافه الشديد بمجلس النواب.
فاستطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية جاء ليؤكد على حقيقة كان قد كشف عنها استطلاع المعهد الجمهوري قبل اسبوعين وهي أن هناك غالبية اردنية ترى أن الأمور لا تسير في الاتجاه الصحيح، فبالرغم من كل التحذيرات إلا ان هناك اصرارا على المضي والايغال في الاتجاه الخاطيء، ويبدو أن حالنا- على حد تعبير صديق- كحال قائد سيارة يمضي بمركبته في اتجاه معاكس للسير وسط تبنيه كل السيارات التي تقابله بأنه يسير في الاتجاه المعاكس ومع ذلك يستمر سائقنا الجهبذ في السير وبسرعة في ذات الاتجاه الخاطيء. فقط 36% من العينة الوطنية ترى أن الامور تسير في الاتجاه الصحيح وهي نسبة تقترب من نسبة الذين شاركوا بالانتخابات الاخيرة قياسا بنسبة من يحق لهم التصويت.
ولو قارنا بين هذه النسبة وبين نسبة أل 61% التي إعتقدت أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح بشهر اكتوبر الماضي (اي عند تشكيل حكومة النسور الاولى) لاكتشفنا أن سياسات حكومات النسور هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن هذا التراجع في نسبة المتفائلين. وإذا كان الأمر كذلك فكيف عندها يمكن لمجلس النواب أن يرشح النسور رئيسا لحكومة وهي لا تكسب ثقة الشارع ناهيك عن منحه ثقة لا يستحقها؟!
السبب في كل ذلك التراجع هو فشل حكومة النسور في القيام باصلاحات مناسبة او معالجة المشاكل والتحديات الاقتصادية الكبيرة التي يبدو أنها أكبر بكثير من قدرة حكومتي النسور الأولى والثانية. وبعيدا عن شرائح الطبقات الفقيرة التي لا يمكن أن يكون لديها أي ثقة بحكومتي النسور فإن الطبقة الوسطى (التي من المفترض ان تكون راضية عن الامور بشكل عام) أيضا ترى أن الأمور تسير في الاتجاه الخاطيء، وقد أفاد 54% من المهنيين و47 % من أساتذة الجامعات و46 % من الأحزاب يعتقدون أن الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ.
ويبدو أن حالة القطع (disconnect) بين حكومة النسور والشعب الاردني هي شاملة إذ أن الحكومة تتبنى سياسات لا تتوائم بالمطلق مع الرأي العام الاردني وكأن الشعب ليس له رأي سوى من خلال مجلس تم تدجينه وترتيبة بحيث يكتفي بالقيام بدور الظاهرة الصوتيه دون أن يكون لذلك أي أثر يذكر على السياسات العامة. فمثلا أفاد 71% افراد العينة الوطنية و43% من قادة الرأي بأنهم ضد الاستمرار في استقبال لاجئين من سوريا، وأكثر من ذلك فهناك 75% من العينة الوطينة مقابل 68% من عينة قادة الرأي مع اقامة مناطق عازلة داخل الاراضي السورية لتستوعب اللاجئين. وعلى نحو لافت يعترف النسور أن تدفق اللاجئين يشكل تهديدا للأمن الوطني الأردني ومع ذلك وفي مفارقة عجيبة يقول أن الاردن سييقي ابوابه مفتوحة لاستقبال المزيد من اللاجئين. وهناك من بين المحللين من يرى ان اصرار الاردن على تشجيع قدوم اللاجئين انما يهدف الى استجلاب مزيدا من المساعدات بصرف النظر عن تأثير ارتفاع أعداد اللاجئين على الاردنيين.
وفي سياق آخر افاد 44% فقط من الاردنيين عن ثقتهم بقدرة الحكومة على محاربة الفقر والبطالة وحماية المستهلك، وهي قضايا في غاية الأهمية ولا يمكن لأي حكومة أن تنال رضا الشارع من دون تحقيق انجاز في هذه الحزمة على وجه الخصوص. طبعا يحتوي الاستطلاع على معلومات أخرى لا مجال لتغطيتها وتحليلها في هذه العجالة لكن الواضح أن الحكومة تعاني من مزاج شعبي سلبي له علاقة بحالة احباط وطني وضعف الحكومة وعدم قدرتها على احداث الفرق بالرغم من الكلام الانشائي الفارغ الذي يخرج من قبل بعض وزراء ورئيسهم. والفجوة بين الناس والحكومة آخذة في الإتساع ولا يبدو أن احدا قادر على ردم هذه الهوة المتفاقمة من دون اصلاحات حقيقية لا يريدها ولا يرغب بها مركز القرار السياسي الأمني.
في الختام، فإن اخطر ما في الأمر هو سواد حالة من الثقة الزائفة والارتياح لدى النخب الحاكمة وهي تعجز عن مجرد رصد أن هناك مرجلا داخليا يغلي ولا يجوز تجاهله على اعتبار أن الاستقرار بالاردن والتغيير هما تعبيرا عن معادلة اقليمية.