2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

محاسبة الضحيّة في فلسفة "الأمن والأمان" !!

محاسبة الضحيّة في فلسفة  الأمن والأمان !!
جو 24 :

كتب تامر خرمه

غريب أمر السلطة التي لا تجد أي حرج في الاستمرار بالحديث حول الإصلاح والديمقراطية، في الوقت الذي تنكّل فيه بالناس على أرض الواقع وتسحل مواطنيها في الشوارع، لمجرّد تعبيرهم عن رأي مخالف لرغبات المركز الأمني الذي يصرّ على فرض رؤيته المشوّهة لمفهوم "الأمن والأمان".

ولا نعلم ماهيّة "الأمن" الذي يتحدث عنه البعض عندما تشكّل أجهزة الدولة تهديدا مباشرا لكرامة المواطن ومستقبله، وعندما يصرّ من يفترض بهم تطبيق القانون على تجاوزه، ومصادرة كافّة الحقوق التي كفلها دستور الدولة، وعندما تستبدل الوصاية ومنطق الاضطهاد بالعقد الاجتماعي الذي يحدّد العلاقة بين السلطة والشعب !!

المعلّم نصر العكور، مواطن عبّر عن رأيه في مسيرة سلميّة جابت شوارع إربد يوم الجمعة الماضي، قبل أن تتعرّض للقمع والبطش على يد من يفترض بهم حمايتها.. وكغيره من المشاركين، تعرّض العكور الى الضرب والسحل والإهانة، ولم يقف الأمر عند ذلك الحدّ، بل بات هو المتّهم أمام خصم يلعب دور الحكم !!

تغوّل عبّر عن أبشع حالاته في هذه القضيّة لمواطن تسبّب من أصدر قرار البطش بمسيرة اربد بإدخاله إلى المستشفى، قبل أن يجد نفسه هو المتّهم، عوضاً عن محاكمة المسؤولين عن ضرب الناس وسحلهم والتنكيل بهم.

والأنكى من هذا هو محاولة مقايضة العكور أثناء التحقيق، وتخييره بين القبول بالرواية الرسميّة والقول بأن إصابته نجمت عن "التدافع" بين المتظاهرين وقوّات الأمن، وبين الإصرار على مطالبته بمحاسبة المسؤولين عن الاعتداء ومواجهة تهمة مضادّة.. فالاتّهامات في الأردن معلّبة وجاهزة للاستخدام في أيّة لحظة، كتهمة "تقويض النظام" و"إطالة اللسان" وغيرهما من الاتّهامات التي وجد كثير من نشطاء الحراك أنفسهم في مواجهتها أمام محكمة أمن الدولة !!

صاحب الحق يتحوّل إلى متّهم، والخصم يتولى التحقيق معه وترويع أهله عبر تهديد مستقبله من أجل مقايضتهم -ربّما- أو من أجل مجرّد الانتقام من مواطن "اقترف" حقّه في التعبير وطالب بإصلاح نظام لا يرغب على الإطلاق بترميم نفسه.

لجنة تحقيق شكّلها الخصم في لعبة سمجة تستهدف تخدير الناس وإيهامهم بان مثل هذه اللجان قد تقود إلى تحقيق العدالة.. وكالعادة بعد كلّ اعتداء، تلقى القضيّة في الأدراج، قبل ان يقرّر احدهم الاعتداء مجدّدا على الفعاليات السلميّة، ويشكّل لجنة للتحقيق في المسألة !!

واليوم، تتجاوز هذه اللعبة ما يمكن تصوّره، حتى في ظلّ سلطة قمعيّة، فالضحيّة بات هو المتّهم، ولم تعد القضيّة مجرّد لجان تتشكّل لتخدير الناس.. ولكن هل حقّاً تتصوّر حكومة الظلّ أن الحلول الأمنيّة مازالت تحتفظ بصلاحيّتها ؟!

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير