jo24_banner
jo24_banner

جلسة مجلس النواب الأخيرة.. عبثية على نحو خطر

لميس أندوني
جو 24 : ملهاة جلسات الثقة في مجلس النواب، التي أحدثت خلطاً بين مفهومي الموالاة والمعارضة، فلم نعد نفرق بين المعارضين والموالين. أكدت مرة أخرى أن لا المجلس التشريعي ولا الحكومة في حجم التحديات والاستحقاقات الخارجية والداخلية، القادمة والمفروضة على الأردن.
فالغالب كان غياب الصدق والجدية، مع وجود استثناءات، في التعامل مع القضايا الهامة، بغض النظر عن طبيعة التصويت النهائي للحكومة، لذا فالاحساس العام هو أن أكثر النواب يحاول تثبيت مواقعه الشخصية في مؤسسات الدولة، وفي الوقت نفسه الحصول على رضا شعبي، لم يكن له ضرورة لولا أن الحراك أعلى صوت الآمال والمطامح الشعبية.
المشهد العبثي، يصبح أكثر عدمية، في إطار الصورة الأكبر: فالأردن تحت ضغوط سياسية ومالية هائلة لجعله طرفاً في تدخل عسكري أمريكي، وإن كان لا يصل إلى غزو بري شامل، يضعه في مواجهة أطراف سورية داخل النظام، والمعارضة وخاصة المجموعات المتطرفة، التي زحفت إلى العمق السوري.
كل ذلك فيما يقترب موعد تطبيق شروط الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي، بما يترتب عليها من رفع تسعيرة الكهرباء، وغلاء في الأسعار و تدهور معيشي لفئات واسعة، أي أن الأزمة مرشحة للتفاقم لاعلى الانفراج حتى لو أتت الأموال والمساعدات، لأن كلها مرتبطة بثمن سياسي باهظ.
التسريبات الأردنية الرسمية تشير أن الأردن يعارض وجوداً أمريكياً عسكرياً في سورية، ويحاول أن يجد طرحاً بديلاً يجنبه التورط المباشر في الوضع المتفجر، إذ يفضل تصعيد الضغوط السياسية على النظام لإجبار بشار الأسد على التنحي والتمهيد لمرحلة انتقالية- أي القبول بحل سياسي للأزمة.
المشكلة أن الخيارين المطروحين أمريكياً أحلاهما مرّ: ففي حالة قصف أمريكي لمراكز الأسلحة الكيميائية، فإن هذه الخطوة ستكون بدء حرب أمريكية مباشرة، حتى لو لم تأخذ منحى الغزو العسكري، يكون الأردن فيها في مرمي النار، من قوات النظام، والجماعات التي تعتبرها أمريكا متطرفة، والتعريف هذا سيشمل أطرافا أخرى بالإضافة إلى القاعدة، لأن من يشكل خطرا برأيها على إسرائيل يكون متطرفاً في نظرها.
السيناريو الثاني، والذي حسب التسريبات يعتبر "الخيار" الأقل ضرراً من وجهة نظر رسمية أردنية، هو أن تستولي قوات أمريكية، مكونة من 17 ألف مقاتل على مراكز الأسلحة الكيميائية، لكن في هذا أيضا مجازفة كبرى، إذ إنه يعني احتلال أمريكي لسورية، فالاحتلال لا يحتاج دوماً إلى غزو بري، بل على السيطرة، التي ستعتمد بها أمريكا على حلفاء لها داخل المعارضة السورية، ولا أقول أشمل هنا كل المعارضة السورية.
لا شك أن تهديدات الأسد، أحدثت قلقاً بين الأردنيين، من احتمال "قصف كيميائي" يغرق الأردن في آتون الحرب في أفظع أشكالها، لكن لنتذكر أن التحضيرات الأمريكية سبقت خطاب الأسد بكثير، فأمريكا ليست معنية بحماية الشعبين السوري أو الأردني، بل بحماية إسرائيل وضمان أمنها و"حدودها".
واشنطن ستحاول إعطاء تطمينات إلى الأردن لكن الشواهد التاريخية أهم من أي وعود أمريكية: فما زالت فالأهداف الغربية من غزو العراق هي نفسها من سورية، ولا يتعلق بجرم النظام، وإن كان النظام ليس بريئا للبته، بل في تفكيك سورية والسيطرة المباشرة عليها.
أي أن كل السيناريوهات الأمريكية، لا تحمي بل تورط الأردن وتهدد استقراره، خاصة إذا ما اختار الأطراف المعنية الانتقام، بنقل الصراع إلى قلبه. بمعنى آخر لا التحدي الاقتصادي والأمني والسياسي، يسمح، بجولات المهاترة التي شهدناها في مجلس النواب، مما أفقده أية ثقة كانت باقية في دوره وقدرته على تمثيل حتى من انتخبه.
فالمرحلة تحت على جميع دارسة وتقديم الحلول، خاصة وأن هناك اقتراحات بديلة قدمت لشروط صندوق النقد، أو طريقة صرف القرض وأصبح من الضروري بناء إجماع عليها وإعلانها كبرنامج اقتصادي، من قبل خبراء وشخصيات وطنية معارضة ومن يريد الانضمام من داخل النظام.
وسياسياً لا يمكن ترك الملف السوري، في دائرة الضغوط الأمريكية، بل يجب أن يكون هناك نقاش استراتيجي تشارك به كل المعارضة، والعقول، فالخيارات صعبة، لكن ليكن قرارا وطنيا سياديا، وليس تابعاً لأجندة أمريكية إسرائيلية، تريد توظيف الأردن لا فقط النظام للمصالح الآنية والإستراتيجية.
لا نستطيع احتمال ملهاة معارضة وموالاة، في أكثرها، وليس كلها، مزيفة، فالمواطن، لم يعد يثق بأحد، وهذا قد يكون أخطر من أي سيناريو معد أو مقترح للأردن. (العرب اليوم)

l.andony@alarabalyawm.net
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير