لو أنهم مثلك يا سيدي
فراس الطلافحة
جو 24 :
مفركة بطاطا وبيض، وقلاية بندورة. كانت تلك المأدبة، التي أقامها، رفاق السلاح. والسؤال المهم لمن؟ لقائدهم الأعلى للقوات، المسلحة الأردنية، وملك المملكة الأردنية الهاشمية جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه، وادام ملكه. وبماذا تم تقديم هذه المأدبة الفاخرة؟ بالأواني التي طهيت بها! وربما تم طهوها على الحطب، أو بابور أو بريموس وكيل القوة! ولم يتم تقديمها بأواني مذهبة، أو مصنوعة من الكريستال، أو من مجموعة أفريسكو فيتري.
أي رسائل تلك؟ هي التي تقوم بإرسالها جلالتكم. كل فترة إلى المسؤولين العسكريين حتى يتم إلتقاطها من قبلهم وترجمتها إلى سلوك اخلاقي قبل أن يكون واجباً ومفروضاَ عليهم بكيفية التعامل، مع من هم تحت إمرتهم.
أي رسائل تلك؟ هي التي تقوم بإرسالها إلى رئيس الوزراء، والوزراء، ومدراء الدوائر، والمؤسسات الحكومية ليكونوا أكثر قرباً من المواطن، لملامسة همومه، وأحوال معيشته، ومحاولة تذليل الصعوبات التي يواجهها في حياته اليومية، والمعيشية.
رسائلك سيدي، لم تصل ولن تصل. لقد قتلوا ساعي البريد. حتى لا يعطوه إشعاراً باستلامها. هم يعيشون بأبراجهم العاجية. ولا ينظرون إلينا. نحن الكادحون، والفقراء والمعذبون في الأرض، والمتعبون بحب الوطن. فنظراتهم وعيونهم دائماً. إلى أعلى . إلى حيث المكان الذي يجدون أنفسهم به. ويشعرون أنه يليق بهم. وما نحن بالنسبة إليهم. إلا حشرات تزعجهم. وعبيد لا بد أن نركع ونسجد. كل يوم في محرابهم، ثم نقبل أياديهم، وأرجلهم ليرضوا عنا.
هم يا سيدي للان. لا يعلمون، ماذا يعني مسؤول؟ ولا يعلمون استحقاقات هذه الكلمة، وما يجب ان يتبعها من واجبات! هم سيدي لا ينظرون إلا إلى الكرسي. والذي يعتقدونه أنه تم تفصيله ليناسبهم فقط. المنصب بالنسبة لهم يا سيدي: هو رفاهية، ومركبات، وسفرات، وخدم وألقاب. دولتك، معاليك، عطوفتك، باشا، بيك.
بالأمس يا سيدي. تناولت المفركة، وقلاية البندورة. مع أحبائك من رفقاء السلاح. والصورة تشرح. حجم السعادة التي كنت بها. والتي لا يمكن أن تتصنعها. لأنها اصيلة بك، ونابعة من قلب. تعمره محبة الوطن والمواطن. لم أشاهد في الصورة يجلس بجانبك. باشا أو حتى بيك. ممن يحملون القبات الحمراء والنياشين، إنما هم من فئة الجنود. الذي يُقتلون في المعارك، والهجمات الإرهابية، في حوادث السيارات، والإنهيارات.
ثلاثة أيام يا سيدي. وما زال رفقاء السلاح. من الضباط المتقاعدين من جهاز الأمن العام. وممن كانوا يحملون رتبة مقدم، ولغاية ملازم أول. يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، أمام مجلس الشعب. يطالبون بحقهم. بقرض الاسكان العسكري. بعد أن تم افلاسه، بمشاريع متعثرة. ولا يعلمون أين ذهبت أموالهم، ومدخراتهم، والمقتطعة من رواتبهم، على طول مدة خدمتهم. ثلاثة أيام يا سيدي. ولم يتفضل أحد . من زملائهم الذين تحملوا أمانة المسؤولية، في جهاز الامن العام، الذي يعشقون وإليه ينتمون. بزيارتهم والاستماع إليهم، وإلى مطالبهم.
يا سيدي: نحن اخوانك وأحبائك أيضاً. ولنا حق بك، ولنا حق أن نتناول بمعيتك. مفركة البطاطا والبيض، وقلاية البندورة. لتعلم صدقاً. أن حُبنا لا يمكن أن يُقسم، إلا على إثنين. أنت والوطن.