jo24_banner
jo24_banner

قرابین لطریق الموت الصحراوي

ماهر أبو طير
جو 24 :









لا یكاد یمر أسبوع وربما أقل إلا ویقدم الذاھبون للجنوب أو العائدون منھ عبر الطریق الصحراوي قرابین
وضحایا ومصابین إصابات بلیغة ودائمة تترك الحزن والآلام مقیما لأھل ھؤلاء الضحایا والمصابین وتترك
الخوف والقلق لكل من تستدعي ظروفھ عبور ھذا الطریق الذي أضحى فعلا طریق الموت دون منازع.


الاحصائیات الرسمیة تشعرنا بالصدمة؛ آخر إحصائیة صادرة عن المعھد المروري الأردني لعام 2018 تبین
أن عدد الحوادث بلغ 152398 ألف حادث منھا 11 ألف حادث تسبب بوفیات وإصابات بلیغھ أو مؤقتة
وبكلفة مالیة بلغت 313 ملیون دینار؛ بلغ عدد الوفیات خلال آخر خمس سنوات 3302 ،ھذه الأرقام تضع
الأردن في مقدمة الدول الأعلى من ناحیة عدد الضحایا قیاسا بعدد السكان وإن كان ترتیبھ متأخرا نوعا ما
عن الھند واندونیسیا وإیران وباكستان والولایات المتحدة الامیركیة والسعودیة ولكنھ مؤشر خطیر في تبعاتھ
الإنسانیة والاجتماعیة والاقتصادیة.


القصة المزمنة صیانة الطریق الصحراوي ینطبق علیھا ما ورد في مسرحیة ”الفرد فرج"- إدارة عموم
الزیر- بالرغم من أنھ أھم وأطول طریق دولي یربط عمان بمنطقة العقبة الاقتصادیة الخاصة ویقع على
المسار السیاحي ویرتبط ارتباطا وثیقا بالتنمیة والاستثمار باعتبار أن العقبة ھي المشروع الكبیر الذي راھنت
علیھ الحكومات لجذب الاستثمار وتطویر السیاحة؛ إلا أنھ یتراجع للأسوأ وتتھالك بنیتھ التحتیة رغم كل
محاولات الترقیع التي لا تناسب طریقا دولیا برغم الوعود التي كلما أوغلت الحكومات المتعاقبة فیھا صارت
مثار تندر من الناس وكلما زاد تردي الطریق أكثر فأكثر وسفكت علیھ المزید من الدماء والضحایا
والاصابات الدائمة؛ بل إنھ من الأسف القول إن شركات المقاولات التي تنفذ عملیة الصیانة والتوسعة تساھم
في الحوادث المروریة القاتلة نتیجة عدم اتخاذ وسائل السلامة وعزل المسارب.


لا أحد یرید أن یحمل الحكومة وحدھا المسؤولیة سواء وزارة الأشغال المعنیة بالصیانة الدائمة أو وزارة النقل
المعنیة بإیجاد حركة نقل آمنة أو الأمن العام المعني بضبط حركة المرور وتجاوزات السائقین ومراقبة سلامة
المركبات وصلاحیتھا للسیر على الطرق العامة بل إن السائقین الذین لا یراعون قواعد السلامة المروریة ولا
یقیمون وزنا لحیاتھم وحیاة الناس یتحملون جزءا كبیرا من المسؤولیة التي لم یعد من المنصف الاستمرار في
إدراجھا تحت بند القتل الخطأ قانونیا، فمن یسیر بسرعة جنونیة على طریق متھالك لا یختلف عن من اتخذ
قرارا مسبقا بإلحاق الأذى بالآخرین بما فیھ من ضرر الموت .ولم یعد مقبولا ھذا الاستسھال في التعامل
الاجتماعي مع ھذا النوع من الحوادث الممیتة والأضرار التي تلحق بالناس الابریاء ولا تقل عن أي جریمة
فلا بد من تغلیظ العقوبات وخاصة فیما یتعلق بالحق العام.

الاعتراف بالمشكلة موجود منذ زمن بعید على الصعید الرسمي لكن التعامل ظل یندرج بین التعامل مع
الحدث لحظیا وعلى طریقة الفزعة وإطلاق سیل لا ینتھي من التصریحات مع زیارة میدانیة للمسؤولین
والتأكید على ضرورة اتخاذ الإجراءات العاجلة ضمانا لسلامة المواطنین والمركبات والحث على سرعة
انجاز اعمال الصیانة بأسرع وقت لكن للأسف دون جدوى وینتھي الامر بعد فترة إلى مزید من الحوادث
والضحایا والارزاء التي تلف العوائل المكلومة.


المطلوب عدم الاكتفاء بالزیارات المیدانیة والتقاط الصور وإطلاق التصریحات؛ بل الضغط على المقاولین
لإنجاز الأعمال وعدم ترحیل أي مبالغ ُرصدت في الموازنات لتوسعة الطریق لمشاریع أخرى كما جرت
العادة؛ لعلھا تساھم في حل المشكلة التي طالت ودفعت الناس قرابین كثیرة وتشفع لمن یأتي بعدھم ویستخدم
الطریق وینال نصیبا أطول من الحیاة!!
تابعو الأردن 24 على google news