jo24_banner
jo24_banner

دعوة إلى المقاومة الاقتصادية

لميس أندوني
جو 24 : أدعو جميع السياسيين والاقتصاديين، إلى وضع بديل لبرنامج صندوق النقد الدولي، خاصة فيما يتعلق بتعثر شركة الكهرباء الوطنية، وإشهاره علانية في خطوة تصعيد ضاغطة على مجلس النواب والحكومة، قبل الإقدام على رفع تسعيرة الكهرباء، المتوقع تنفيذها في شهر حزيران المقبل.
لا نستطيع الاكتفاء بالرفض، خاصة أن صندوق النقد الدولي، أعلن في بيان له وتصريحات لاحقة، بأنه معنيّ بموافقة برلمانية على رفع تسعيرة الكهرباء، وبالتالي يجب خلق أجواء عامة من المعارضة، مدعومة بخطة بديلة، وإلا فإن جميعنا نكون قد قصرنا بتحمل مسؤولية الدفاع عن حقوق الوطن والمواطن.
صندوق النقد الدولي معني بأن يوافق مجلس النواب على رفع تسعيرة الكهرباء، لكن يطالب بطرح بدائل وضمنياً يحذر بأن الرفض سيؤدي إلى تقويض خطوات "الإصلاح الاقتصادية" المطلوبة، التي هي أيضاً شرط، لالتزامه بالقرض الممنوح إلى الأردن.
اهتمام الصندوق برأي البرلمان يأتي في سياق حملة إعلامية لتحسين صورة المؤسسة المالية الدولية، وحتى لا تتحمل وحدها ذنب فرض " إجراءات تقشفية" تضرب معيشة الفئات الشعبية، وتبعات احتجاجات رفض وغضب، يترك للحكومات مهمة احتوائها وقمعها.
بغض النظر عن دوافع الصندوق، فإن إصراره على موافقة نيابية، هي فرصة يجب عدم تفويتها، من أجل تقديم حلول لإنقاذ شركة الكهرباء، الغارقة في الديون والخسائر وبدائل لرفع الدعم الحكومي عن السلع والخدمات، أو على الأقل سبل حماية الشرائح المتدنية الدخل، من استمرار وتنامي الغلاء.
ربما يعتقد الصندوق الدولي، بأن أصوات مجلس النواب مضمونة، وبذلك يكسب سمعة احترام القرار الديمقراطي لممثلي الشعب الأردني وبنفس الوقت تسريع تنفيذ البرنامج، بعد أن تم تأجيل رفع تسعيرة الكهرباء إلى شهر حزيران، لإعطاء فرصة أولاً للانتخابات النيابية، وللحكومة الجديدة بتحضير الرأي العام تدريجياً لرفع الأسعار القادم، تجنباً لردود فعل رافضة وغاضبة.
لكن حتى لو كان تصويت مجلس النواب " مضموناً"، فلا يمكن الاستكانة، فصندوق النقد الدولي، ينتظر قراراً في شهر حزيران والوقت ينفد، وصدقية أو عدم صدقية، حرصه على موافقة برلمانية، ليست مهمة، إذ إنه وبالنهاية يكون بإمكانه القول بأن برنامجه أصبح برنامجاً وطنياً بامتياز، ويحظى بشرعية شعبية!
هنا يجب التنبيه، بأن تصريحات السيدة كريستينا كوستيال، مندوبة الصندوق إلى جريدة الغد، لا تعني بأن رفع الدعم هو اختراع مُسَجل باسم الحكومة الأردنية، وأن الصندوق لا دخل له ولا علاقة، بل لنتذكر أن سياسات رفع الدعم الحكومي عن السلع هي في صلب الوصفة المقترحة والمكررة، التي يطالب بها الصندوق أينما حل، فرفع أسعار مشتقات الوقود في عام 1989 كان تنفيذا لاتفاقية الأردن مع الصندوق.
الصندوق هو جزء من سوق الرأسمال العالمي، وليس منفصلا عن سياسات الدول الكبرى، لكن الحكومات وليس الصندوق، هي بالنهاية المسؤولة عن مصالح اقتصادها وشعبها، ومن واجبها أن تحافظ لا أن تفرط بهذه المصالح والحقوق، لذا فشروط الصندوق وقتها لا تحميها من تبعات التفريط والغضب الشعبي.
لكن المعارضة يجب أن تقوم أيضاً بدورها وليس من خلال المسيرات فقط، على أهميتها، بل على اقتراح برنامج، يكون حوله توافق وطني، كما فعلت أطراف من المعارضة المصرية بمبادرة من التيار الشعبي، مما استدعى بعثة الصندوق الدولي إلى الاجتماع مع قيادات المعارضة لمناقشة البدائل المطروحة.
لنتذكر هنا أن الصندوق الدولي يعرض، أو يفرض برنامجه، على أساس سد العجز في الموازنة من خلال تخفيف الإنفاق الحكومي، والمعارضة المصرية وضعت برنامجا بديلا لنفس الهدف، قد يرفضه أو يقبله الصندوق، لكنها حاولت على الأقل أن تحمي الفئات الشعبية من إجراءات إفقار وتفقير، أي أن الصندوق لن يستطيع الادعاء بأن برنامجه يحظى بشرعية شعبية تعفيه من المسؤولية.
أنا أثق أن بمقدورنا تقديم الاقتراحات، ولدينا من العقول من قدم بدائل، لكن لا بد من جمعها ببرنامج واحد ومعلن: لا أتحدث عن حل سحري ولا عن التقليل من طبيعة الأزمة الاقتصادية، لكن يجب الدفاع عن حقوق المواطن وبقوة، فإجراءات التقشف المقترحة في هذه الحالات تفرض على الإنسان المتقشف بسبب ضيق الحيلة أصلاً.
صندوق النقد يجب أن يقابل بتحد جدي، وإلا فإننا نعطي شرعية للإفقار والتفقير.العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير