الرمق الأخير أمام نقابة المعلمين الأردنيين..هل بارقة أمل تلوح في الأفق؟
يحيى صالح القضاة
جو 24 :
تشهد المنظومة التعليمية في الأردن مرحلة خطيرة من مراحل التراجع والإنحطاط؛ وعلى الرغم أن نضال المعلم الأردني منذ نشأة الدولة الأردنية ارتبط في رفضه لكافة أشكال الظلم والطغيان والعبث بقوته ومصيره ؛ حيث قدم المعلمون الكثير من التضحيات والمواقف الوطنية تجاه وطنهم ومؤسسات النظام السياسي في الدولة برمتها لكن وللأسف لم تلقى هذه المواقف سوى الواقع المأساوي الذي يتجرعه المعلمين يوميا نتيجة نهج الحكومات المتعاقبة وأحدة تلو الأخرى؛فملابس المعلمين بالية رثه، وشرابهم الحميم وطعامهم لا يغني ولا يسمن من جوع، وبيوتهم المتهالكة المستأجرة حالة لها يرثى، وجميعهم تحت خط الفقر والكرامة والحرمان، والواقع يسير من سيئ إلى أسوأ.. فهل هنالك بارقة أمل تلوح في الأفق القريب؟
إن تأسيس نقابة المعلمين عام 2011 كان بارقة الأمل الوحيدة للمعلمين في تحسين ظروفهم الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، وكانت النقابة حينئذ هي الأمل المنشود وضمير المعلمين الأحرار نحو اصلاح المنظومة التعليمية في الأردن ومواجهة الخطر الذي يهدد مكانة المعلم وكرامته في المجتمع الأردني وبذلك يكون المعلم هو نواة المجتمع في الإصلاح والتنمية والتحديث ومواكبة مستجدات العولمة وتعزيز العدالة والمساواة وثقافة المواطنة الصالحة والتحرر من الخوف في بناء الدولة المدنية الحديثة ويكون الكاسب الأول هو الأردن.. وعلى النقيض من ذلك تلاشى الأمل المنشود ونجحت النقابة في تكريس ثقافة الصراع بين منتسبيها وجعلت كافة وسائلها وأدواتها لخدمة بعض القيادات الهرمة والتيارات الفكرية التي عفى عليها الزمن والايام، بدلا من تكريس أدواتها وأهدافها لتحقيق المأمول من تأسيسها مهنيا في تطوير المنظومة التعليمية وتحسين ظروف العاملين في القطاع التربوي اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا .
ان الفشل في إدارة شؤون نقابة المعلمين وعدم قدرتها على تحقيق أهدافها المهنية في تحسين وتطوير وتنمية واقع منتسبيها جعل من النهج الحكومي تجاه المعلمين ومطالبهم المشروعة في العيش الكريم يتراوح بين الترغيب والترهيب والمماطلة والمناورة وشراء الوقت للتحايل والالتفاف على حقوق المعلمين وكرامتهم؛ فالنهج الحكومي تجاه المعلمين أفسد مخرجات المنظومة التعليمية برمتها؛ حيث سياسة التجويع والإذلال والافقار وامتهان كرامة المعلم من أجل لقمة العيش وهو ما يعتبر انتهاكا صارخا لنصوص الدستور الأردني والحريات العامة وخروجا عن القانون في الأردن وتحديا خطيرا أمام التحول الديموقراطي وحربا لا هوادة فيها مبدأ السيادة للامة.
السادة أعضاء مجلس نقابة المعلمين الاردنيين.. أنتم اليوم أمام فرصة ذهبية وحيدة ومحطة تاريخية هامة ربما لن تتكرر لتصحيح المسار التعليمي في الأردن، ولديكم الكثير من الخيارات والأدوات والوسائل المتاحة لتحقيق المأمول ويقع على عاتقكم مسؤولية وطنية كبيرة إذا ما تم استغلالها بالشكل الأمثل لتحسين ظروف المعلمين الاقتصادية فإن المرحلة القادمة ستشهد مطالبا واسعة من ميدان المعلمين لحل النقابة والخروج عليها .. فالتاريخ النضالي للمعلم الأردني خير برهان على ذلك ورسالة المعلم الأردني هي التي تعلم الأجيال في كل صباح كيف تكون الأردن هي المشبه به في الحب والزهد والعشق والنضال.. وكيف تكون هي الأخرى وطنا وحياة وحضور...