jo24_banner
jo24_banner

مع سورية لا مع النظام

لميس أندوني
جو 24 : هناك خلط بالرؤية في الموقف من سورية عن عدة أطراف؛ فمن يؤيد النظام السوري من بعض القوميين واليساريين يرى العدوان الإسرائيلي دليلاً على وطنية النظام وعلى براءته؛ ومن يؤيد الثورة، خاصة من بعض الإسلاميين والليبراليين، يهمه هزيمة بشار الأسد بغض النظر عن الوسائل حتى لو كان ذلك احتلالا أمريكيا لدمشق.
للأسف تجري تبرئة النظام من قمعه وجرائمه، باسم معاداة الاستعمار والقضية الفلسطينية، من أطراف احترمها شخصياً، وأعترف أنني قريبة فكرياً منها، لكن يجب أن نقر أن فشل النظام في الاستجابة للمطالب الاصلاحية ولجوئه إلى العنف شكل مبررا لتدخل أطراف خارجية معنية بتدمير سورية.
لو أخذنا الأمر بحسن النوايا، فإن هذا الموقف عائد إلى التربية السياسية القومية واليسارية الحزبية التي تعطي الأولوية للنضال التحرري، على حساب الحريات والمسائل الاجتماعية، تجري ممارسته بتطرف إلى حد تجاهل الظلم وبطش الأنظمة المعادية للاستعمار حقيقة أو ادعاء.
وبالتدريج يتم تقليص مساحة البعد الإنساني لصالح البعد الأيديولوجي وحتى الواقعي العملي؛ فمهما طل الزمن فالاستبداد يضعف الجبهة الداخلية و يهز ايمان الفئات المضطهدة بأكثر الشعارات وطنية وتقدمية، عدا عن أن الاستبداد هو ثغرة التدخل الخارجي الأهم والأخطر.
من ناحية أخرى، فإن دعوة البعض، من داخل وخارج المعارضة السورية إلى تدخل غربي، للناتو، باسم معاناة الشعب السوري، وهي معاناة حقيقية، هي دعوة شئنا أم أبينا إلى احتلال غربي لسورية، بما يترتب على ذلك من دمار وتفكيك سيجر ويلاته على سورية وكل المنطقة.
لا شك أن بيان الحركة الإسلامية إيجابي من حيث إدانته للاعتداء الإسرائيلي، لكن لماذا تصمت حركة الإخوان المسلمين، عن تصريحات لأطراف سورية إسلامية لا يضيرها التدخل الأجنبي، والأهم على دعوة الشيخ القرضاوي للتدخل الأمريكي في سورية؟
هل سبب الصمت أن الأولوية هي لفرصة وصول الحركة إلى سدة الحكم في سورية؟ بما يعنيه من سكوت لضمان التأييد الأمريكي لدورها الجديد في العالم العربي، أي في موقع السلطة بدلاً من المعارضة؟
في مصر، تصالح الإخوان المسلمون مع النفوذ الأمريكي، بالتزامهم بمعاداة كامب ديفيد إلى درجة، اعتبرها بعض الباحثين أهم وأكثر فعالية في الإجراءات العملية من النظام السابق، والقبول بكل أريحية بالنموذج الاقتصادي النيوليبرالي، دون نقد أو تردد، بحيث يجعلها أقرب إلى أنظمة التبعية لكن بأيديولوجية دينية.
على الحركة الإسلامية أن تعي وتعترف أن جزءا كبيرا من ردود الفعل عليها، وعلى الأزمة السورية، مرتبط بأداء الإخوان في مصر وبظهور مجموعات طائفية، ومتطرفة، بتمويل خليجي، دخلت على خط الانتفاضة السورية لتمنع نشوء وتطور حركة وطنية ذات فكر تنويري تقدمي، لقيادة الشعب السوري.
التدخلات السياسة والفعلية، المفتعلة والمصنعة بأموال النفط، مثلها مثل العدوان الإسرائيلي، إذ هدفها واحد: هو السيطرة على مستقبل سورية، وكل الأطراف.
إسرائيل تريد حسم الصراع في سورية بالتأكد من تدمير قوتها العسكرية ومقدراتها، فهي لا تثق بأية جهة قادمة لحكم بلد مفصلي مثل سورية، فالمطلوب تدمير الدولة لا بناء دولة جديدة بنظام حكم جديد، فهي لا تعول حتى على المتواطئين، وقد يكون بعضهم عملاء رسميين لأمريكا، أو حتى لإسرائيل نفسها، قيادة مستقبل بلد مثل سورية على حدودها، بل يجب التأكد من شل نهوضه لعقود طويلة قادمة.
لذا دعا مبشر الاستعمار الأشهر، توماس فريدمان، في آخر مقال له في النيويورك تايمز، إلى احتلال مباشر لسورية، وإدارة أمورها، بحجة أنه ليس هناك طرف قادر على حكمه، وأن الدكتاتورية هي الحل، أي أن إسرائيل والدوائر الصهيونية، الذي يؤيدها و ينطق باسمها لا تستطيع المغامرة بفكرة حتى حول تدخل من أجل الحرية والديمقراطية، وهي الفكرة التي كان فريدمان من أبرز من أسهم بترويجها عشية الاحتلال الأمريكي للعراق.
يبقى هنا أن معظم السيناريوهات تهمل بل ولا تأبه الجانب الإنساني، فلا وجود لهذا البعد في المخططات الدولية والإقليمية، فهناك صراحة نفوذ وفرصة لتفكيك العالم العربي، يضيع بها عذاب الشعب السوري.
نقف مع سورية، في مواجهة العدوان الإسرائيلي بل بمواجهة وفضح المشاركة العربية، لكن ذلك لا يعفي النظام من مسؤولياته، مثلما لا يعفي قوى التدخل العربي، وضربها الثورة السورية بدعوى مساندتها!العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير