jo24_banner
jo24_banner

البشابشة يكتب عن الأثر القانوني لنظام الفوترة: "الاستثناءات ترقيع"

البشابشة يكتب عن الأثر القانوني لنظام الفوترة: الاستثناءات ترقيع
جو 24 :
كتب المحامي الدكتور زياد محمد فالح البشابشة - 


سبق لي – في دراسة سابقة- ان بينت ان قانون ضريبة الدخل المعدل قد تضمن نصا يجيز اجراء التسوية في قضايا ضريبة المبيعات، وهذا غير مقبول وغير جائز وتغول على هذا القانون الاخير لان ضريبة المبيعات لها قانونها الخاص كما لضريبة الدخل قانونها الخاص، وان كانتا تداران من قبل مدير عام واحد.

كما سبق ان بينت بدراستي السابقة ان نص المادة (23/ و) من قانون ضريبة الدخل المعدل، جاء عاما ومطلقا دون قيود وحدود تتعلق بالضريبة فهو يلزم كل شخص(طبيعي او معنوي)– وليس المكلف- سواء أكان طبيعيا ام اعتباريا، بإصدار فاتورة اصولية لقاء تقديم اي خدمة او بيع اي سلعة في المملكة وفي هذا ارهاق للمواطن واجحاف بحقه !!!. وبالتالي فان هذه القاعدة القانونية يستحال ان تطاع.

ولما ارادت الحكومة التخفيف من وطأة هذه المادة وترقيعها اصدرت بموجبها نظام الفوترة واصدرت بموجبه تعليمات الفوترة، لتستثني بموجبها من الالتزام باصدار الفاتورة وتنظيمها الشخص الذي يبيع سلعة او يقدم خدمة قيمتها اقل من دينار (المادة 5 من النظام) !!! كما تضمن النظام والتعليمات جهات مستثناة من اصدار الفاتورة وتنظيمها.

ومن الملاحظ على هذا النظام والتعليمات ما يلي:

1-ان الحكومة اوقعت نفسها بالخلط مرة اخرى بين قانون ضريبة المبيعات وقانون ضريبة الدخل: فقامت بوضع مجمل تعريفات هذا النظام (المستند الى قانون ضريبة الدخل) من قانون ضريبة المبيعات والصقته بهذا النظام!! وذلك رغم ان بعض التعريفات في قانون ضريبة الدخل لها خصوصية معينة لا يجدر ان تؤخذ من تعريفات قانون ضريبة المبيعات ومنها على سبيل المثال تعريف (الخدمة).

كما جعلت الحكومة – حسب المادة (11) من نظام الفوترة- الفيصل في تحديد الجهات المستثناة من اصدار الفاتورة وتنظيمها هو حد التسجيل وفقا لقانون ضريبة المبيعات (75,000) للتاجر ، و (30,000) لمؤدي الخدمة. وذلك رغم ان حد التسجيل في ضريبة المبيعات تكون للسلع والخدمات التي تكون خاضعة لضريبة المبيعات.

بينما وفقا لنص المادة (23/ و) من قانون ضريبة الدخل ووفقا لنظام الفوترة الصادر بموجبه وتعليمات الفوترة، فانه لا ينظر فيما اذا كانت السلعة او الخدمة خاضعة ام غير خاضعة !!!! ، فما دام ان الشخص (وأي شخص) قام ببيع سلعة او خدمة تزيد عن دينار، يجب عليه الالتزام باصدار الفاتورة وتنظيمها والا سيعاقب بالعقوبات الواردة في قانون ضريبة الدخل.

2-مع مراعاة ما في البند (1) اعلاه، فان الجهات المستثناة من تنظيم واصدار الفاتورة حسب المادة (11 ) من النظام والمادة (4/أ) من تعليمات الفوترة، هي:

أ‌-المنشأة التي تقل مبيعاتها السنوية عن (75,000) دينار سنوي شريطة ان يكون غاياتها على السجل التجاري او سجل الشركات او رخصة المهن (بقالة) او (ميني ماركت) او (سوبر ماركت) او (دكان) وتمارس فعليا هذا النشاط.

ويلاحظ على هذه الاستثناء (بالمفهوم المخالف) ان المنشآت التي تقع ضمن هذا الصنف ستكون ملزمة بإصداره الفاتورة وتنظيمها اذا زادت مبيعاتها عن المبالغ المذكورة. بل وفي حال كانت هذه المنشأة مسجلة في مكلفين ضريبة المبيعات فأنها ستكون ملزمة ايضا بإصدار فاتورة ضريبية وفقا لقانون ضريبة المبيعات. (اي اصدار فاتورتين).

كما يلاحظ على هذه الاستثناءات، ان اي شخص او منشأة، وان كانت مبيعاته تقل عن (75,000) دينار سيكون ملزما بإصدار الفاتورة وتنظيمها ما دام لا تنطبق عليه المواصفات الواردة في البند (أ) أعلاه (أي لم يكن بقالة او دكان او سوبر ماركت او ميني ماركت ويمارسها فعلا).

ب‌-أصحاب الحرف الذين تقل مبيعات أو إيرادات كل منهم من الحرفة عن (30,000) دينار سنوي.

ويلاحظ على هذه الاستثناء (بالمفهوم المخالف) ان صاحب اي حرفة (من الحرف المرخصة بموجب التشريعات الاردنية المعمول بها) تزيد مبيعاته او ايراداته من الحرفة عن (30,000) دينار، سيكون ملزماً بإصدار الفاتورة وتنظيمها. بل وفي حال كان هذا الشخص مسجلاً في مكلفين ضريبة المبيعات فأنه سيكون ملزماً ايضا بإصدار فاتورة ضريبية وفقا لقانون ضريبة المبيعات. (اي اصدار فاتورتين).

وبالمفهوم المخالف ايضا فأن صاحب اي حرفة (ولم تكن من الحرف المرخصة بموجب التشريعات الاردنية المعمول بها) سيكون ملزماً بإصدار الفاتورة وتنظيمها حتى وان كانت مبيعاته او ايراداته من الحرفة تقل عن (30,000) دينار.

‌ج- اي جهات او فئات أخرى تحدد بموجب تعليمات يصدرها الوزير؛ وهي حسب تعليمات الفوترة الصادرة ( مكتبات بيع الكتب والقرطاسية) و (محلات بيع الخضار والفواكه) و (محلات بيع الادوات المنزلية) و (المخابز) و (المطاعم الشعبية) و( الأعمال المنزلية).

خلاصة الأمر ان هذه النصوص لم تكن محكمة رغم انها وجدت للتخفيف من حدة المادة (23/و) من قانون ضريبة الدخل المعدل، لتبقى المعادلة هي ان كل من يبيع سلعة او خدمة لا تقل عن دينار ملزما بنظام الفوترة والتعليمات، ما لم تشمله هذه الاستثناءات, وهذ يطبق ايضا على سائق التكسي، وسائق سيارات العمومي، والحلاق ومن يقوم بالتصوير، ومصلح الادوات الكهربائية، والحارس والراعي وعامل الباطون والبلاط والحداد وغيرها الكثير من الحرف التي ربما لا تحتاج الى ترخيص. وكذلك الحال للأشخاص الذين يتخذون من البيوع البسيطة وسيلة رزق للعيش من وراءها كالبائع المتجول، ومن يبيع بقايا المحاصيل الزراعية لعلف الحيوانات وبائع الملابس المتجول وغيرها من البيوع والحرف المنتشرة لدى الشعب الاردني والتي لا تشملها الاستثناء ولكن قيمة البيع او الخدمة تزيد عن دينار واحد، وهنالك اسواق منتشرة في مناطق المملكة بما يعرف بسوق الخميس يكثر فيها هذا النوع من البيوع ومن الحرف الحرة.. فهل هؤلاء سيكونون ملزمين بإصدار الفاتورة وتنظيمها.

3-المادة (3) من النظام، نصت على ان الوقت والتاريخ اللذان تقع فيهما عملية بيع السلعة او بيع الخدمة هما وقت وتاريخ تحقق واقعة بيع اي منهما!! اي وكان النص يراوح مكانه، وقد فسر الماء بالماء، ولم يبين فعلا تاريخ تحقق اي منهما!!

زد على ذلك ان المادة (5/د) من النظام قد اوجبت على البائع اصدار وتنظيم الفاتورة عند تحقق واقعة البيع، ولم يبين ايضا متى تتحقق هذه الواقعة!!

4-حسب المادة (9) من النظام يتوجب على كل بائع تمكين الدائرة من نقل البيانات والمعلومات كافة المتعلقة بالفواتير ومحتوياتها الكترونياً.. بينما وفقا للمادة (4) من النظام فأن الفاتورة تعتمد بجميع أشكالها حتى وان كانت ورقية او محوسبة (اي غير الكترونية)، فكيف نوفق بين النصين؟

5-وفقا للمادة (2) المتعلقة بالتعريفات، يتضح من تعريف الفاتورة، انها اخذت بعين الاعتبار حالة ما اذا كان البائع من المكلفين المسجلين في ضريبة المبيعات وحالة إذا لم يكن كذلك..

وبالرجوع الى المادة (8) من النظام) نجد انها الزمت كل شخص ملزم بتنظيم الفاتورة واصدارها الاحتفاظ بها لمدة 4 سنوات تبدأ من آخر يوم من التواريخ التالية:

أ‌-تاريخ انتهاء الفترة الضريبية التي تم تنظيم واصدار الفاتورة فيها
ب‌- تاريخ تقديم الاقرار الضريبي

ويبدو لي – كما انه من الجائز- ان يكون المقصود هنا هو مكلف ضريبة المبيعات وليس مكلف ضريبة الدخل.. مع ان النظام وجد اصلا لتنظيم الفوترة لمكلفي ضريبة الدخل!!!

واذا ما سلمنا بان المقصود هنا هو المكلف بضريبة المبيعات والمكلف بضريبة الدخل، سنجد ان هنالك فرقاً شاسعاً في المدد التي سيحتفظ بها مكلف عن مكلف آخر!!! نظرا لاختلاف فترات تقديم الاقرار الضريبي بين المكلفين في كلا القانونين.

6-المادة (5/ ج/1) من النظام أوجبت على البائع تسليم نسخة من الفاتورة الى المشتري وتحفظ باقي النسخ لدى البائع.. وليس على البائع اثبات ان المشتري قد استلم نسخته الا اذا زادت قيمة الفاتورة عن (10,000) دينار حسب المادة(5/ج/2)..

وقد بينت المادة (10) من النظام ان مسؤولية مطابقة البيانات والمعلومات الواردة في الفاتورة مع الواقع الفعلي لبيع السلعة او الخدمة تقع على كلا من البائع والمشتري على حد سواء.

لكن لو فرضنا ان قيمة الفاتورة تقل عن (10,000) دينار وان البائع لم يقم بتسليم المشتري نسخة الفاتورة، او ان المشتري لم يتسلم بالفعل نسخة الفاتورة. ففي هذه الحالة، اين هي الحماية القانونية للمشتري اذا كانت الفاتورة غير مطابقة للواقع؟... ولماذا تقع عليه مسؤولية المطابقة؟ وكيف ستضمن الدولة تحصيل الضريبة عن الواقع الفعلي للمبيعات وليس عن الفاتورة؟

والعكس صحيح ايضاً، فأين تكمن الحماية القانونية للبائع إذا أنكر المشتري تسليم البائع نسخة الفاتورة له؟، مما يعرض البائع للمساءلة. وماذا لو أدعى المشتري بعد ذلك بان ما ورد في الفاتورة ليس مطابقا للواقع الفعلي لما اشتراه!!

وعليه، أرى ان الاستثناءات التي اوردها المشرع بموجب نظام الفوترة وبموجب التعليمات (التي كانت بمثابة ترقيع للمادة 23 من قانون ضريبة الدخل) لا تشكل الا ما نسبته 0001 بالألف من الاشخاص الذين ينطبق عليهم نص القانون وسيشملهم فعلا ( وهم كل من يبيع سلعة او خدمة لا تقل قيمتها عن دينار ولم يكن ضمن الفئات المستثناة بموج النظام).

ولما كان الاصل في القاعدة القانونية ان تكون عامة ومجردة اي تنطبق على كل شخص توافرت فيه صفات معينة، وعلى كل علاقة استكملت شروط معينة... فان ذلك يعني ان كل شخص لم تشمله هذه الاستثناءات الضيقة والمحدودة جدا سيكون ملزما بإصدار الفاتورة وتنظيمها ولا يقتصر ذلك على قطاعات معينة او فئات معينة ما دامت قيمة فاتورته عن بيع السلعة او الخدمة لا تقل عن دينار واحد..
 
تابعو الأردن 24 على google news