2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

كامب ديفيد جديد .. مرهون بالمؤامرات والمصالح الانتخابية

مهدي مبارك عبدالله
جو 24 :
 
 
بعدما انهي جاريد كوشنر جولته الأخيرة في الشرق الأوسط والتي جاءت على عجل لوضع اللمسات النهائية على خطة السلام المعروفة إعلاميا باسم "صفقة القرن " والتي سيعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر القادم خلال استضافته محادثات سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في منتجع كامب ديفيد الرئاسي الذي كان ومازال وكر للمؤامرات والدسائس حيال القضية الفلسطينية ففيه قاوم وتحدى وصمد الراحل ياسر عرفات وظل قابضا على القدس والمقدسات والحقوق الوطنية والثوابت التاريخية وخرج منه منتصرا على كلينتون وباراك وقد دفع حياته ثمنا لمواقفه ورحل شريفا شهيدا
من المقرران ينعقد المؤتمر قبيل إجراء الانتخابات العامة المعادة للكنيست الإسرائيلي في 17 أيلول القادم وسيدعى لحضوره زعماء عرب ليكونوا شهود زور على شرعنة الخطة الأمريكية وسيغيب عنه رئيس الوزراء نتن ياهو لأن وجوده سيجعل من الصعب على كوشنر إقناع الزعماء العرب بالمشاركة وقد اعتبر الكثير من المراقبين إن عقد هذا المؤتمر يتماشى من حيث الوقت ويخدم من حيث الغرض حملتي ترامب ونتنياهو الانتخابيتين حيث أن الولايات المتحدة على موعد مع انتخابات جديدة للرئاسة في العام القادم ويعتزم ترامب الحصول على المزيد من أصوات اليهود وأصوات المتجددين والمسيحيين الصهاينة من خلال مواقفه الاستعراضية العلنية وانه كذلك في حال خرجت فكرة مؤتمر كامب ديفيد لحيز التنفيذ فإنها ستصب في مصلحة نتنياهو الانتخابية وتعزز حملته من خلال السعي لتسويقه بصورة الزعيم العالمي المتطلع للسلام والواثق من نفسه الذي يلهث وراءه زعماء العرب ويرغبون التقرب منه وخطب وده وليس هذا فحسب فإن الخطة تهدف أيضا لإقناع حزب المعارضة " أزرق أبيض " بتليين موقفه من نتن ياهو وتشجيعه على المشاركة في حكومة وحدة وطنية برئاسته وحمايته من ابتزاز الأحزاب الصغيرة وتمكينه من تشكيل حكومته الخامسة وضمان استقرارها لمواصلة الأهداف المشتركة

ومن المتوقع أن يقدم ترامب خطته للسلام في الشرق الأوسط في كامب ديفيد من دون الخوض في التفاصيل والشروط بحيث يعلن ان الخطة ستقول " نعم لكيان فلسطيني ولكن ليس بالضرورة دولة فلسطينية ونعم للوجود الفلسطيني في القدس ولكن ليس بالضرورة أيضا كعاصمة " وفقا لهذه الخطة المشؤومة المقترحة للسلام والتي تمت صياغتها بالتنسيق الكامل من وراء الكواليس بين نتن ياهو والبيت الأبيض والسفير الإسرائيلي في واشنطن رون دريمر والتي تركز بشدّة على التنمية الاقتصادية الفلسطينية وتتألف من عنصرين رئيسيين شق سياسي يتناول القضايا السياسية الجوهرية مثل وضع القدس وشق اقتصادي يهدف إلى مساعدة الفلسطينيين في تعزيز اقتصادهم لكنها لن تتضمن إقامة دولة فلسطينية ولا تقبل حل الدولتين او عودة اللاجئين وسوف تشمل في ملاحقها ضم الكتل الاستيطانية الكبرى بالضفة لإسرائيل وإعلان قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح وإبقاء السيطرة الأمنية لإسرائيل إلى جانب الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية مع انسحابات تدريجية لها من مناطق فلسطينية محتلة
وفي إطار الدعاية الانتخابية وكسب أكبر عدد من الأصوات وبالتزامن مع الإعلان عن المؤتمر المزمع عقده قرر مجلس الوزراء الأمني في إسرائيل بالإجماع الموافقة على خطة نتنياهو لبناء 700 وحدة سكنية للفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة "ج" في الضفة الغربية والتي تخضع للسيطرة المدنية والأمنية الإسرائيلية الكاملة وربما جاء هذا القرار في سياق مساعدة كوشنر في إقناع الزعماء العرب بالمشاركة في المؤتمر وتضم المناطق "ج" أكثر من 60 في المئة من أراضي الضفة الغربية المحتلة التي يفترض نظرياً أن تشكل في إطار حل الدولتين جزءاً من الدولة الفلسطينية المستقبلية

وأمام هذا الواقع المضطرب اتخذت إدارة ترامب كافة التدابير الوقائية تحسباً لمعارضة الفلسطينيين حيث من المؤكد رفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الموتمر ومن وأن الاعتراض والغياب الفلسطيني سوف يشكل عامل فشل رئيسي له كما حصل في محاولات سابقة " ورشة البحرين " خاصة وأن الجانب الفلسطيني يرفض مبدئيا كل ما سيصدر عن المؤتمر من مخرجات وتوصيات وبيانات وما إلى ذلك لأنه يرى فيها ترجمة وامتداد لمشروع تصفوي وتآمري خطير على القضية الفلسطينية في حين سيوافق عليها آخرون من الزعماء العرب وأما الأردن فانه لا يمتلك خيارا إلا رفضها كونها تضر بالمصالح الأردنية والفلسطينية على حد سواء ولا يمكن لأية مغريات مالية تجعله يقبل بها أما بالنسبة لنتن ياهو فسوف يشيد بالموتمر برغم أنه سيقول إن لديه تحفظات كثيرة من دون أن يحددها ومن الملاحظ هنا إن الإدارة الأمريكية رغم التحذيرات والمواقف المعارضة لا زالت تتعامل مع قضايا الشرق الأوسط وفقا لمواقف أيدلوجيا انتقائية منحازة ومرتبطة مع إسرائيل بدون أدنى اعتبار للحقوق الفلسطينية التاريخية ومع تجاهل واضح للمصالح الأردنية والتهديد الوجودي لمستقبل الأردن أرضا وشعبا

الفلسطينيون والأردنيون وشرفاء الأمة جميعا يريدون مؤتمرا دوليا للسلام غير مرهون بالانتخابات والمصالح الضقة وإنما يهدف إلى تحقيق سلام عادل وشامل ودائم ويتمتع بمصداقية في طبيعة الحضور والمرجعيات وباختصار شديد فلسطين وشعبها يريدون الحرية والاستقلال ويريدون العدل وهذا لن يجلبه مؤتمر كوشنر – ترامب الانتخابي غير واضح المعالم والمفصل على مقاسات إسرائيل والإدارة الأمريكية التي سترعى المؤتمر والتي طرحت نفسها كوسيط للسلام حيث بدأت أول خطواتها بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها وهو ما أثار ردود فعل عربية ودولية رافضة للتعامل أوالثقة بالرئيس ترامب وعناصر إدارته المتصهينين والذين يتفاوضون مع بعض الدول العربية حول القضية الفلسطينية وليس مع الفلسطينيين أنفسهم تماماً كما حصل خلال اتفاقية كامب ديفيد مع مصر
الأردن ممثل بجلالة الملك المدعوم بمواقف وحاضنة شعبية واسعة ومؤيدة لا زال يكرر محليا وإقليميا ودوليا موقفه المبدئي والثابت بأن القدس خط أحمر وكذلك التوطين والوطن البديل كلها خطوط أردنية حمراء ويؤكد بان تحقيق السلام العادل والدائم والشامل لن يكون إلا على أساس حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل وفقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة
ختاما :
نقول على إدارة ترامب وقبل البدء بعقد مؤتمر مزعوم للسلام فرص نجاحه ضئيلة ان لم تكن معدمة عليها أن تسعى لكسب ثقة الفلسطينيين كي تعود كما كانت وسيطاً شرعياً معقولاً ومقبولا لسلام يخدم الأجيال والمنطقة وهذا يتطلب منها القيام بخطوات منصفة ومتوازنة تجاه الفلسطينيين وأن تطرح خطة سلام حقيقية مقنعة ومقبولة على الجانبين لا على جانب واحد فقط
mahdimubarak@gmail.com
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير