jo24_banner
jo24_banner

اسحبوا المبادرة العربية

لميس أندوني
جو 24 : كان من المفروض سحب "المبادرة العربية للسلام"، أو على الأقل تجميدها، بدلاً من تعديلها بقبول مبدأ مقايضة الأراضي بالمجان؛ أي أن الخطوة ليست جزءا من خطة تفاوضية بل هي رمي لورقة تفاوضية، فلا يوجد في الأفق بوادر إنهاء احتلال ولا وعود أمريكية بالضغط على إسرائيل بالانسحاب أو بقبول دولة فلسطينية ذات سيادة مستقلة.
مبدأ مقايضة الأراضي نفسه مرفوض، فالهدف الإسرائيلي من طرحه كان وما زال، تشريع مصادرة الأراضي وضم المستوطنات والقدس الشرقية، وتقزيم القضية إلى قضية حدود ومسألة أمنية – المقصود هنا أمن وأمان إسرائيل ولا غير ذلك.
رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كان الأكثر تعبيراً، فقد طالب مجددا وبقوة، اعتراف الفلسطينيين والعرب بإسرائيل كدولة يهودية، بمعنى آخر قال للعرب : إن لا حقوق تاريخية ولا قانونية ولا مشروعة فلسطينية في أي رقعة من فلسطين التاريخية، فما أهمية مقايضة ما ليس لكم.
لا أعني أن إسرائيل لم يعجبها التنازل العربي الجديد، لكنه ليس بكاف لها، وهي تنتظر المزيد، فهي تفرض شروط "السلام " وعلى الجميع الاستسلام، وبالنسبة لنتنياهو فإن أهمية تنازل عربي هو بأهمية تحويله إلى تنازل آخر قادم.
الخطوة العربية، جاءت تحت ضغوط أمريكية من أجل إنجاح الحلف الأمني، التي تطلق عليه الدوائر الأمريكية، محور سني عربي -إسرائيلي - تركي، ضد إيران، ليس بالضرورة خوفاً من إيران، الذي يضخم خطرها عن سبق إصرار وتعمد، بل لإنهاء مفهوم الصراع العربي – الإسرائيلي، من المعادلة الإقليمية والدولية.
فكل مساعي وزير الخارجية الأمريكية جون كيري لاستئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، تهدف إلى تهدئة الوضع، أو استمرار الوضع هادئا، فيما تستمر إسرائيل بمصادرة الأراضي وبناء المستعمرات اليهودية، فيما تمضي واشنطن بفرض أجندتها لتصفية القضية لفلسطينية وتفكيك العالم العربي.
إنهاء القضية الفلسطينية من الوعي الجمعي العربي، وفرض تنازلات في جوهرها التخلي عن الحقوق التاريخية، هو شرط من شروط تفكيك العالم العربي، إلى جيوب طائفية وإثنية لإضفاء شرعية تاريخية لوجود إسرائيل، ككيان عنصري يوظف الدين والطائفية، لتبرير سياسات الإحلال والاقتلاع والتطهير العرقي وإنهاء الذاكرة والرواية الفلسطينية.
الأهداف الأمريكية واضحة والجواب العربي كان بتسهيل المهمة، بموافقة من السلطة الفلسطينية، رغم أن الخطة الإسرائيلية تتضمن سيناريو حرب على غزة واجتياح للضفة الغربية، في حالة بوادر انتفاضة ثالثة، والدليل الجولة الاستطلاعية "الجوية"التي نظمتها إسرائيل لوزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل، فوق الضفة وغزة، للتعرف إلى وضع "الجبهات"، حسب تعبير هاجل نفسه، وهو تعبير عسكري حربي لا لبس في معانيه وتبعاته.
وبماذا نقابل ذلك، ليس فقط بتنازل سياسي بالمجان، ولكن بالتطبيع المستمر، فما معنى كل ذلك،ويعلن عن ذلك في أسبوع ذكرى ضم إسرائيل غير الشرعي للقدس، واجتياح المستوطنين بشكل جماعي، لأحياء القدس وشوارعها؟
الرد المدوي جاء من همسة العالم البريطاني العبقري ستيفن هوكينغ، الذي أرانا للمرة الألف، أن قوة الإرادة والفكر تهزم كل المعوقات والمعيقات، وتهدم كل الجدران، بإعلانه رفض دعوة مؤتمر شمعون بيريز في القدس، وتأييده لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، في نجاح جديد واستثنائي لمؤسسيها ومنظميها الشجعان.
تستطيع الجامعة العربية أن تمضي بتنازلاتها، لكنها لن تحكم حركة التاريخ، لكن المعيب والمشين أن تقدم هدية لإسرائيل في ذكرى النكبة، وكله باسم سلام موهوم، لكنه في الحقيقة دفاع عن مصالح أنظمة وتغطية على ضعفها في مواجهة شعوبها، فالمقاومة لا تصنعها هذه النظم، والأجيال التي تصحو على الاحتلال والنظم، كما علمتنا الانتفاضات الفلسطينية، لا ترث الإحباط والاستسلام بل تتحداه بالثورة.العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير