بلاغ طلال ابو غزالة الاخير.. لغة هدّامة ومنطق رأسمالي جشع!
جو 24 :
وائل عكور - اخطأ رجل الأعمال وعضو مجلس الأعيان، طلال أبو غزالة، في بلاغه الأخير بالقول إن حالة الركود الاقتصادي التي يعيشها العالم ستتعمق وتتطور في العام القادم إلى كساد وغلاء في الأسعار، فهو بذلك يُرسل رسالة ضمنية إلى المستثمرين بالابتعاد عن الاستثمار في دولة مثل الأردن. في الوقت الذي كان يُفترض به الابتعاد عن هذه اللغة الهدّامة وتوجيه الانتقاد للسياسات الخاطئة في ادارة الاقتصاد الوطني، وبما يضمن تحويل الأردن إلى بيئة حاضنة لأي شخص يرغب باستثمار أمواله، خاصة وأن البلاغ كان موجّها للعامة وليس لموظفي المجموعة فقط، وإلا لما قامت المجموعة بنشره عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ليتداوله العامة.
من غير المعقول أن يُقدّم أحد مصلحته الشخصية وهوسه بالـ "show off" على المصلحة الوطنية العليا، خاصة إذا كان هذا الشخص يعي جيّدا أثر الاشاعة في تدمير اقتصاد وطني، ويدرك أثر البيانات الهدّامة التي يُصدرها للعامة.
تعميم أبو غزالة تضمن اشارة إلى اجراءات يقول إنها ضرورية من أجل مواجهة الأزمة العالمية القادمة، وجاء على رأسها "زيادة الانتاجية للحفاظ على الربحية، بالاضافة إلى تخفيض الرواتب والتكاليف من كلّ الأنواع"، وهو أمر لم نتمكن من تفسيره ويحارُ به العلماء؛ كيف يمكن لصاحب عمل أن يقوم بتخفيض رواتب العمال ثمّ يطلب منهم زيادة انتاجهم؟! هذا شيء غير معهود في الاقتصاد وعلوم الادارة، وهو حرص على مصّ دماء الموظفين والعاملين، ولا يمكن أن يكون حرصا على زيادة الانتاجية كما يزعم عدوّ الاجازات..
الحقيقة أن السوق الأردني يعيش حالة ركود وانكماش اقتصادي منذ (5- 6) سنوات، ولو كان هذا الركود والاستعصاء سينعكس على دخل الموظفين لحدث ذلك منذ خمس سنوات على الأقل، لكننا لم نسمع عن مؤسسات تحترم نفسها قامت بتخفيض رواتب موظفيها، فالرواتب هي حقّ مكتسب تزيد ولا تنقص، خاصة وأن الموظف يحصل على راتبه بجهده وتعبه، وفي كثير من الأحيان يكون الراتب أقلّ مما يستحقه الموظف.. إلا إذا كان أبو غزالة يُضاعف رواتب موظفيه عندما تزدهر تجارته وتنمو استثماراته.
المنطق الرأسمالي الجشع الذي يتحدث به بعض المستثمرين يتنافى مع كلّ قواعد الادارة والاقتصاد الأساسية، ولا يمكن أن يكون منطق تعامل "والد" مع "أبنائه" كما يقول "الرئيس الوالد في خطابه إلى أبنائه وبناته"، فالقصة ليست قصة حسابات مالية بحتة، ولا يجوز أن تظلّ العلاقة في اطار أن يزداد المستثمر الغنيّ غنى ويزداد العامل الفقير فقرا، ولا على أن يحافظ الكارتيلات الاقتصادية على حصصهم من الأرباح، بل إن على أرباب العمل تحمل مسؤولية تأمين حياة كريمة لموظفيهم، فالمعادلة لا تقوم على أساس (1+1 =2)، ولا على أن يحافظ أصحاب العمل على هامش ربح كامل غير منقوص في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، كما على الدولة التوقف عن التفكير كما يفكّر أصحاب الشركات وتحصيل مزيد من الايرادات والايرادات والايرادات دون التفكير بأوضاع الناس الاقتصادية ودون النظر فيما إذا كان المواطنون قادرون على دفع الرسوم والضرائب والمخالفات.