اقتصاديون لـ الاردن24: قرار حكومة الرزاز دليل جهل بأسس التجارة الالكترونية.. وتجسيد للعبة القط والفأر
جو 24 :
مالك عبيدات - آخر ما تفتقت عنه عبقرية حكومة الريادة والنهضة والاقتصاد الرقمي برئاسة الدكتور عمر الرزاز، فرض رسوم اضافية على التعامل بالتجارة الالكترونية، بزعم الحرص على مصلحة التجار والمواطنين على حدّ سواء، ووفق معادلة يعجز العقل البشري عن فهمها واستيعابها!
قرار الحكومة هذا تسبب على الفور باغلاق عدة شركات تتعامل بالتجارة الالكترونية مثل "كاش باشا"، كما تسبب بتوقف كثير من المواطنين عن التعامل بهذا النمط من التجارة، وهو ما ينسف كلّ المزاعم الرسمية بالتوجه نحو الاقتصاد الرقمي، ويؤكد أن هذه الحكومة تستهدف قتل أي بارقة أمل والقضاء على أي متنفس يمكن للشعب المنكوب اللجوء إليه، سواء كمستهلك أو حتى باحث عن مصدر دخل..
المشكلة، أن الحكومة تقول إن القرار يأتي في مصلحة التاجر والمواطن، متناسية أن كثيرا من المواطنين لجأوا إلى نمط التجارة الالكترونية سواء كتجار صغار يكسبون قوت يومهم لا أكثر، أو كمستهلكين تسببت كثرة الضرائب والرسوم المفروضة على البضائع في السوق بعزوفهم عن الشراء من السوق المحلي!
اقتصاديون أكدوا أن قرار الحكومة هو اعدام للتجارة الالكترونية، ودليل دامغ على جهل "حكومة الريادة والنهضة" بأسس التجارة الالكترونية.
عايش: تجسيد للعبة القطّ والفأر
الخبير والمحلل الاقتصادي، حسام عايش، قال إن القرار الحكومي يُجسّد لعبة القط والفأر بين المواطن والحكومة، كما أنه يُمثّل هروبا حكوميا للأمام بدلا من حلّ المشكلات الاقتصادية الحقيقية التي يعانيها الاقتصاد الوطني، ورضوخ لمطالب القطاع التجاري "الذي أصبح قريبا من صانعي القرار".
وأضاف عايش لـ الاردن24 إن القرار يتّسق مع النهج السائد والجائر في تفكير الحكومة لسبل سدّ فجوة المالية العامة، مستبعدا أن يحقق هذه الاجراء الهدف المرجوّ منه، وذلك نتيجة عدم وجود ثقل حقيقي أصلا للتجارة الالكترونية والتي يكاد تداول الأموال فيها لا يتجاوز (150) مليون دينار، لافتا إلى أن تحريك الاقتصاد الوطني يحتاج قرارات اقتصادية سليمة وليست مالية كما تقوم به الحكومة الآن.
وأشار إلى أن التجارة الالكترونية كانت نافذة المواطنين للهروب من القرارات الاقتصادية الحكومية لتأمين احتياجاتهم بسعر أقل، وهو تفكير سليم من المستهلكين نتيجة ارتفاع الأسعار محليا وارتفاع كلف العيش أيضا، حيث أن المواطن يحتاج إلى جميع الوسائل والأدوات من أجل تسيير معيشته في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الراهنة، بالاضافة إلى كون سلم أولويات الانفاق اختلف أيضا لارتفاع أجور السكن والماء والكهرباء والنقل والغاز وغيرها، لافتا إلى أن "البديهي أن توفير ربّ الأسرة الغذاء لأفراد أسرته يسمو على شراء بدلة مثلا".
واختتم عايش حديثه بالقول: "لا يمكننا تفسير نمط هذا التفكير الحكومي في ظلّ انشاء وزارة للريادة والاقتصاد الرقمي، وكذلك في ظلّ الغاء اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا التي رفعت الأسعار بنسبة 25%، فهل المقصود ابقاء المواطن تحت تأثير رفع الأسعار؟!".
الشياب: تخبط حكومي.. والتجارة الالكترونية لا تؤثر على الخزينة
ورأى المحلل الاقتصادي، الدكتور سليمان الشياب، أن ما ذهبت إليه الحكومة من فرض رسوم على التجارة الالكترونية غير سليم، فلا يجوز عرقلة أو توقيف أو التعامل مع التجارة الالكترونية بهذا الأسلوب.
وقال الشياب لـ الاردن24 إن الحكومة تبدو غير مطلعة على حجم تلك التجارة، فحجمها لا زال صغيرا ولا يؤثر على ايرادات الخزينة، مشيرا إلى أن القرار يأتي في سياق التخبط الحكومي في الملف الاقتصادي.
ولفت إلى أن الأجدر بهذه الحكومة أن تتحول إلى الاقتصاد الانتاجي لخلق فرص عمل وتحريك الاقتصاد الوطني.
.
السعود: اعدام للتجارة الالكترونية وجهل في أساسياتها
وتحت عنوان "عن أي اقتصاد رقمي تتحدثون؟!"، قال الاستاذ الجامعي في مجال الأعمال والتجارة الإلكترونية، الدكتور أنس راتب السعود، إن قرار الحكومة الأخير يُعدّ "اعداما" للتجارة الالكترونية، وينمّ عن جهل في أساسيات بيئة ومفهوم التجارة الالكترونية، وجهل بآثاره السلبية على الاقتصاد الوطني الذي يعيش أصعب أيامه.
وأضاف السعود في منشور عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "إن أساس علم التجارة الإلكترونية مبني على تشجيع مستهلك المنتجات أو الخدمات للتوجه لعالم الانترنت الذي يتيح العديد من الفرص والانواع والأسعار المختلفة ويحفز المنافسة وينمي الاقتصاد، لما له من فوائد وآثار ايجابية عديدة على الاقتصاد وتنميته".
وتابع: "الدول المتقدمة تقدم خدماتها الحكومية الإلكترونية برسوم اقل من الخدمات الحكومية التي توفر لمواطنيها في الدوائر والمؤسسات الحكومية لتشجيع مواطنيها للتوجه للخدمات الإلكترونية "get online instead of in line" وهذه الثقافة المعدومة لدينا من أسباب تأخر برامج الحكومة الإلكترونية في الاردن. بنفس الفكر والسياسة التجارية اعظم الشركات العالمية الخاصة بالتجارة الإلكترونية توفر غالبية السلع بأسعار أقل من أسعار الأسواق التقليدية لانه ببساطة الكلفة أقل ولتشجيع الاستهلاك وزيادته".
ولفت السعود إلى أن هذا القرار سيؤدي لاغلاق العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة الناجحة (Cashbasha مثالاً) التي تشكل وريدا مغذيا لعمليات التجارة الإلكترونية في الأردن، مختتما حديثه بالقول: "ما يثير الحزن أكثر، أن يأتي هذا القرار بعد تغيير مسمى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى وزارة "الاقتصاد الرقمي" والريادة.. عن أي اقتصاد رقمي تتحدثون؟".