هلاوس وتخيلات وانفصال اصحاب القرار عن الواقع، لن يغير من سوداوية الرؤية والمآل!
جو 24 :
أحمد الحراسيس - مرة أخرى يؤكد رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز حجم انفصاله عن الواقع وافتقاده أهمّ أدوات الادارة المتمثلة بالاهتمام بالتغذية الراجعة للقرارات المجحفة التي يتخذها تباعا؛ الرجل يعيب على التجار وغيرهم بثّ شكواهم من النهج الذي تسير عليه حكومته، بل ويعتبر تلك الشكاوى "جلدا للذات، وسوداوية لن تولّد إلا سوداوية"!
يريد الرئيس من الأردنيين الذين يعانون ضنك العيش جراء فشل الحكومات المتعاقبة -وعلى رأسها حكومته- أن يكذبوا على أنفسهم ويقولوا إنهم في رغد من العيش، متجاهلا أن تلك الشكاوى هي انعكاس للواقع الذي يعانيه الناس وليست مجرّد خيالات وأوهام ينسجها المواطنون والتجار الذين يلمسون واقع المواطن بتراجع مبيعاتهم وأرباحهم وتكبّدهم خسائر فادحة وتنشرها وسائل الاعلام "المستقلة" التي تنقل نبض الشارع.
لعلّ الرئيس يريد من معتقلي الرأي أن يلوّنوا جدران السجون باللون الوردي، وأن يمتدح الصحفيون سقف الحرية الذي هبط على رؤوسهم في عهده بشكل غير مسبوق، وأن يزعم الاعلاميون تعاطي الحكومة معهم بمهنية رغم كلّ ما يعانوه من تضييق، وأن يسبّح الناس بحمد مؤسسات صحية حكومية يموت فيها المواطن منتظرا سريرا أو اعفاء، أو أن يزعم جيش المعطلين عن العمل توفر وظائف وفرص عمل لائقة لهم!
الطوباوية التي تعتمدها الحكومة ظنّا منها أنها حلّ واقعي للمشكلات لم تتوقف عند الرزاز فحسب، بل يبدو إنها أصبحت تقليعة لدى المسؤولين الحكوميين في مجملهم، فهذا أمين عمان الدكتور يوسف الشواربة يحتج على "جلد الذات" ويرسم صورة وردية لواقع المواصلات العامة البائس والخدمات الالكترونية التي تقدّمها الأمانة رغم كلّ الملاحظات عليها، بما في ذلك آلية التعامل مع خدمة "اي فواتيركم"، وذاك نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر ينتقد سؤالا نيابيا حول انجاز الحكومة في ملفّ الريادة والاقتصاد الرقمي داعيا إلى التوقف عن "جلد الذات".
الحقيقة أن الأردنيين مؤمنون بقدرة بلدهم على النهوض تماما كما أنهم مؤمنون بقدراتهم وقدرات مؤسساتهم على تقديم أفضل الخدمات، لكنهم يعرفون أيضا أن هذا غير ممكن في ظلّ حكومات ضعيفة مهلهلة كحكومة الرزاز، وادارات بارعة بنسج الأحلام والأوهام كما هو حال ادارة أمانة عمان، ولولا تفاؤل المواطنين بقدرة بلدهم على النهوض لما احتجوا وطالبوا باقالة هذه الحكومة الفاشلة وتغيير نهج تشكيل الحكومات ليكون رئيس الوزراء ممثلا للشعب منحازا لهم فقط ويشعر بما يعانوه ويتخذ القرارات التي من شأنها احداث نهضة حقيقية في حياتهم وانقاذ وطنهم مما يُحاك له من مؤامرات تنفذها أدوات صندوق النقد الدولي والدول المانحة..