ضجيج «التوزير»
لميس أندوني
جو 24 : هناك فرق بين حكومة برلمانية وبين "توزير" النواب: فالحالة الأولى هي تعبير عملي ومؤسسي عن شعار الشعب مصدر السلطات، أما في الحالة الثانية فهي ترضية لنواب إما لإسكاتهم أو لمكافأتهم على تأييد سياسات محددة ومقررة - يقتصر دورهم في الحكومة على الطاعة والتنفيذ.
الحكومة البرلمانية تشترط قانون انتخاب معقولا، ولا أقول تقدميا حتى، وأحزاب وتيارات قوية، تقود من خلال مقاعدها النيابة ائتلافا يحمل برنامجاً سياسياً، اقتصادياً واجتماعياً، تخوض فيه غمار تجربة تشكيل الحكومات ومواجهة التحديات.
تعودنا في الأردن، أن تكون مشاركة النواب في الحكومات "توزيرية"، فيما عدا تجربة حكومة سليمان النابلسي في عام 1956، حسابات مدى "موالاة المحظيين"، لسياسات معينة، وفي أحسن الأحوال قد يكون للكفاءة دور أو قيمة مضافة، لكن بكل الأحوال لا يمكن وصفها "بالحكومة البرلمانية".
قد يكون، ولست متـأكدة، أن هناك من نصح بقرار عدم توزير النواب، بسبب المعارضة النيابية لرفع الأسعار، والتشدد المفاجئ في الموقف من الاعتداءات الإسرائيلية، وتوريط الأردن في تدخل أمريكي في سورية، سواء كانت هذه المواقف مبدئية أو من باب المناكفة المصلحية، لا نوهم أنفسنا أن توزير النواب المقترح، أو الموعود كان يهدف إلى توسيع المشاركة الشعبية.
بغض النظر عن دواعي القرار، فإن الحكاية، بداية من الوعود إلى الخذلان، يجب أن توقظ الجميع، خاصة الموهومين وبائعي الأوهام على حد سواء، بأنهم يقدمون خدمة للوطن، فيما القصة لم تعد أكثر من امتيازات وتنفيع وبرستيج" ليس لها علاقة ببعيد أو من قريب بالمصلحة العامة أو حتى الموقف السياسي، أي موقف سياسي حقيقي، يميناً، يساراً أو وسطاً.
إلى قادة الخط الوطني الجدد، من تيار "المحافظين" من النواب، الذين شاركوا في حكومات ومناصب خلال العشرين السنة الماضية، أسألكم أين كنتم، وأين كانت نخوتكم فيما كانت تمرر سياسات أنتم الآن"تدبون الصوت في رفضها"؟ أم أن القصة هي مخاوف من فقدان أو تناقص للنفوذ؟
إلى النائب الصادق في معارضته، هذه هي فرصتك أو فرصتِك، في المعارضة الحقيقية والفعالة، أو على الأقل الرقابة والمساءلة، وليس هذا هو دور مجلس البرلمان، إذا لم نكن قد نسينا؟
لا يعني ذلك تأييد سياسات رئيس الحكومة عبد الله النسور، فهو ارتضى أن يكون المنفذ لقرارات يعرف أنها عابرة للحكومات، ويعي تماما تداعياتها الشعبية، وخاصة فيما يتعلق برفع الأسعار، وتنفيذ " توصيات" صندوق النقد الدولي"، من دون الاهتمام بالبحث عن بدائل لتعزيز دخل الدولة، أو تغيير الإنفاق بحيث يخفف معاناة الفئات الاجتماعية الأكثر تضرراً.
لكن المهزلة، أن يصبح الجدل حول الإجراءات الاقتصادية القاسية على الطبقات المغبونة أصلاً، وقضايا مصيرية مثل الخطر الإسرائيلي والتدخل العسكري في سورية، أسير نزاعات مصلحية لفئات متنفذة تخشى ما تخشاه أن المرحلة القادمة ستضعف مكانتهم وسلطتهم واستقواءهم بالمنصب والثروة؟
يجب أن لا نسمح أن تصبح القضايا المفصلية حبيسة أهواء من تواطأ أو شارك في سياسات أدت إلى ما نحن عليه الآن، لأن مصالحهم مهددة أو تغيرت- وهذا ينطبق على الليبراليين والليبراليين الجدد وأيما كان تصنفيهم لأنفسهم وكل من سكت عن القمع وسياسات التفقير، فعلى الأقل ليصمتوا أو لا يزايدوا، لكن لهذه المجموعة مقال وحديث آخر.
المهم أن صراع القوى القائم يلهينا عن الصراع الأهم، فرفع الأسعار قادم، والأردن تحت ضغوط للالتزام بدور وظيفي، يمس باستقراره، أي أن الأغلبية لا علاقة لها بمسخرة "التوزير" أو " ونميمة الراضين والممتعضين والشامتين" بحلفاء الأمس، فالأغلبية خارج هذه الدائرة الضيقة أصلاً.
لذا في البدء ركزت على الفرق بين التوزير والحكومة البرلمانية، لأقول كفى بإشغالنا في حلقة تنافسية المتنفذين، بصراحة قد يريحنا قرار عدم التوزير من ضجيج، يدخل في باب التلوث البيئي والسمعي، يطغى على صوت انقضاض التفقير والظلم.العرب اليوم
الحكومة البرلمانية تشترط قانون انتخاب معقولا، ولا أقول تقدميا حتى، وأحزاب وتيارات قوية، تقود من خلال مقاعدها النيابة ائتلافا يحمل برنامجاً سياسياً، اقتصادياً واجتماعياً، تخوض فيه غمار تجربة تشكيل الحكومات ومواجهة التحديات.
تعودنا في الأردن، أن تكون مشاركة النواب في الحكومات "توزيرية"، فيما عدا تجربة حكومة سليمان النابلسي في عام 1956، حسابات مدى "موالاة المحظيين"، لسياسات معينة، وفي أحسن الأحوال قد يكون للكفاءة دور أو قيمة مضافة، لكن بكل الأحوال لا يمكن وصفها "بالحكومة البرلمانية".
قد يكون، ولست متـأكدة، أن هناك من نصح بقرار عدم توزير النواب، بسبب المعارضة النيابية لرفع الأسعار، والتشدد المفاجئ في الموقف من الاعتداءات الإسرائيلية، وتوريط الأردن في تدخل أمريكي في سورية، سواء كانت هذه المواقف مبدئية أو من باب المناكفة المصلحية، لا نوهم أنفسنا أن توزير النواب المقترح، أو الموعود كان يهدف إلى توسيع المشاركة الشعبية.
بغض النظر عن دواعي القرار، فإن الحكاية، بداية من الوعود إلى الخذلان، يجب أن توقظ الجميع، خاصة الموهومين وبائعي الأوهام على حد سواء، بأنهم يقدمون خدمة للوطن، فيما القصة لم تعد أكثر من امتيازات وتنفيع وبرستيج" ليس لها علاقة ببعيد أو من قريب بالمصلحة العامة أو حتى الموقف السياسي، أي موقف سياسي حقيقي، يميناً، يساراً أو وسطاً.
إلى قادة الخط الوطني الجدد، من تيار "المحافظين" من النواب، الذين شاركوا في حكومات ومناصب خلال العشرين السنة الماضية، أسألكم أين كنتم، وأين كانت نخوتكم فيما كانت تمرر سياسات أنتم الآن"تدبون الصوت في رفضها"؟ أم أن القصة هي مخاوف من فقدان أو تناقص للنفوذ؟
إلى النائب الصادق في معارضته، هذه هي فرصتك أو فرصتِك، في المعارضة الحقيقية والفعالة، أو على الأقل الرقابة والمساءلة، وليس هذا هو دور مجلس البرلمان، إذا لم نكن قد نسينا؟
لا يعني ذلك تأييد سياسات رئيس الحكومة عبد الله النسور، فهو ارتضى أن يكون المنفذ لقرارات يعرف أنها عابرة للحكومات، ويعي تماما تداعياتها الشعبية، وخاصة فيما يتعلق برفع الأسعار، وتنفيذ " توصيات" صندوق النقد الدولي"، من دون الاهتمام بالبحث عن بدائل لتعزيز دخل الدولة، أو تغيير الإنفاق بحيث يخفف معاناة الفئات الاجتماعية الأكثر تضرراً.
لكن المهزلة، أن يصبح الجدل حول الإجراءات الاقتصادية القاسية على الطبقات المغبونة أصلاً، وقضايا مصيرية مثل الخطر الإسرائيلي والتدخل العسكري في سورية، أسير نزاعات مصلحية لفئات متنفذة تخشى ما تخشاه أن المرحلة القادمة ستضعف مكانتهم وسلطتهم واستقواءهم بالمنصب والثروة؟
يجب أن لا نسمح أن تصبح القضايا المفصلية حبيسة أهواء من تواطأ أو شارك في سياسات أدت إلى ما نحن عليه الآن، لأن مصالحهم مهددة أو تغيرت- وهذا ينطبق على الليبراليين والليبراليين الجدد وأيما كان تصنفيهم لأنفسهم وكل من سكت عن القمع وسياسات التفقير، فعلى الأقل ليصمتوا أو لا يزايدوا، لكن لهذه المجموعة مقال وحديث آخر.
المهم أن صراع القوى القائم يلهينا عن الصراع الأهم، فرفع الأسعار قادم، والأردن تحت ضغوط للالتزام بدور وظيفي، يمس باستقراره، أي أن الأغلبية لا علاقة لها بمسخرة "التوزير" أو " ونميمة الراضين والممتعضين والشامتين" بحلفاء الأمس، فالأغلبية خارج هذه الدائرة الضيقة أصلاً.
لذا في البدء ركزت على الفرق بين التوزير والحكومة البرلمانية، لأقول كفى بإشغالنا في حلقة تنافسية المتنفذين، بصراحة قد يريحنا قرار عدم التوزير من ضجيج، يدخل في باب التلوث البيئي والسمعي، يطغى على صوت انقضاض التفقير والظلم.العرب اليوم