د. رضوان السعد وعضوية مجلس الاعيان: تأمل دستوري في حضرة النموذج الاخلاقي
د. خالد العدوان
جو 24 :
وانا اتأمل في هدير الانسيابية الانسانية لتجليات روح الاردنيين الحقيقية والاصيلة الرائعةاثناء تشييع جثمان الطبيب العظيم د.رضوان السعد ، تصاعدت امامي مسألتين ، الاولى ، تمازج نكران الذات مع التجرد من الأنا ، وهي ما نتعلمه نحن من هذا النموذج العظيم وكنموذج لجيل الشباب. والثانية، شروط دخول مجلس الاعيان واكثر تحديدا من ينطبق عليهم الشروط المنصوص عليها والمحددة في الطبقات الواردة في المادة 64(
رؤساء الوزراء والوزراء الحاليون والسابقون ومن أشغل سابقاً مناصب السفراء والوزراء المفوضين ورؤساء مجلس النواب ورؤساء وقضاة محكمة التمييز ومحاكم الإستئناف النظامية والشرعية والضباط المتقاعدون من رتبة أمير لواء فصاعداً والنواب السابقون الذين انتخبوا للنيابة لا أقل من مرتين.ومن ماثل هؤلاء من الشخصيات الحائزين على ثقة الشعب واعتماده بأعمالهم وخدماتهم للأمة والوطن) وعلينا ان نتوقف عند اخر ما ورد في هذه المادة وهم الذين يجري تعيينهم وفق معيار خدمة الوطن والامة؛ اي الذين يجري تعيينهم وفق آخر شروط العضوية وهي مسالة حيازة ثقة الشعب، وخدمة الامة والوطن. لقد وجدت في نموذج الطبيب الانساني والاخلاقي افضل تفسير دستوري لنص المادة 64 الخاصة بشروط أعضاء مجلس الاعيان، وتحديدا اهم شرط والذي جاء مفتوحا والذي ورد في اخر الفقرة التي حددت شرط مماثلة هذه الطبقات، وهي ان يكون من الشخصيات الحائزين على ثقة الشعب واعتماده بأعمالهم وخدماتهم للامة والوطن.
اعتقد جازما وفق فهمي في النطاق الدستوري والسياسي ان حالة الدكتور رضوان هي تعبير حقيقي كاشف عن تفسير هذا الشرط، فمثل د.رضوان رحمه الله واغدق عليه شآبيب رحمته الواسعة واسكنه فسيح جناته، هو من الشخصيات العامة الحائزين على ثقة الشعب وخدماته واضحة للامة والوطن. وهو نموذج ومثال لكل من يجري تعينه وفق هذا الشرط ومن غير الطبقات الرئيسة التي ذكرتها المادة الدستورية حصرا. هنا حقيقة الرقي ورفاعة التضحية الانسانية ونكران الذات لصالح الوطن ، وما تغريدة جلالة الملك عن نبل هذا الرجل الا وتصب في التعبير عما جرى تحليله.
باختصار ، فان روحه الطاهرة النقية الان هي حية لانعتاقها من جدران الجسد الفاني، وفي ما قدمه من نموذج الذي سمى فوق الاخلاق في ذاتها، وهكذا نموذج هو معيار التعريف العملياتي لخدمة الوطن والامة، وطريقة حيازة ثقة الشعب.
وترتيبا على ما تقدم، اليس ما قدمه د.رضوان رحمه الله هو تعريف حقيقي وتفسير جلي لما ورد في آخر الفقرة 64 من الدستور ، فمن يقدم خدمات للشعب ويجوز ثقته يحتاج الى السير بذوات تحجب النفس وتعلي من الآخر ومصالحه على نهج العطاء والانجاز والتضحية النقية الطاهرة وما وراء الانسانية، ولا ينتظر ثمنا لمواقفه في نطاق المعادلة الريعية وتداعياتها المؤلمة، ويتسامى على نوازعه الداخلية ويكبح جماحها، فالتقديم للوطن اكبر من اي شيء. وعلى حد افتراضات المدرسة الجشطالتية "فالكل اكبر من مجموع اجزائه"، وكذلك الوطن اكبر من مكوناته المختلفة.