في إضراب المعلمين.. دبرها يا مستر بيل!!
سالم الفلاحات
جو 24 :
طالت وضاقت وتعقدت حتى غدت قضية وطنية عامة، ولم تعد مطالب (عمالية) فقط.
أجزم أنه ليس في المعلمين أحد يحب أن يبقى إلى هذه الساعة يحال بينه وبين طلابه، حيث تزيد مسؤوليته في تعويض واستدراك ما فات.
وأجزم أن الحكومة أيضاً لم ترد أن تمر بهذه المحنة، وتتعرض لهذا الإجماع الشعبي بضرورة التجاوب مع مطالب المعلمين، حيث لا يخفى أنها بلا ولاية تذكر وليست صاحبة قرار، ولا أدل على ذلك من أن الوزارة المعنية بالدرجة الأولى (التربية والتعليم) لم يعد لها من صلاحيات في المناهج، ولا في تدريب المعلمين، ولا في تعيين المعلمين والموظفين فيها، ولا حتى الامتحانات إلى درجة كبيرة، ولا نعرف ماذا تبقى لها يوجب بقاءها وزارة مستقلة ومختصة كما كانت.
لقد خوطب جميع المعنيين لحل هذه المشكلة ولم تحل..
خاطب المعلمون نقابتهم.
خاطب المعلمون وزارتهم من خلال نقابتهم.
وخاطبت النقابة رئيس حكومتهم.
وخاطبوا كل القوى الوطنية الحية.
وانتدب كثيرون من الأردنيين مشكورين أنفسهم، مبادرة منهم للتدخل لحل المشكلة، وربما حملّوا نقابة المعلمين المسؤولية في البداية، ولمَّا استمعوا إلى مطالبهم ولمسوا مرونتهم المميزة، واستعدادهم للحوار شريطة الاعتراف بأحقية مطلبهم فقط، رفع المبادرون أيديهم واعترفوا بعجزهم، ووقفوا مع المعلمين.
خاطب الكثيرون ملك البلاد كأس للدولة وأعلى سلطة فيها، أن يتدخل لحسم الموقف (...)، وخاطب آخرون الملكة بكلام واضح، لم تبق جهة في الوطن إلاَ تدخلت أو بادرت أو خوطبت ولا من مجيب.
يظهر أنَّ الحكومة تراهن على طول فترة امتناع المعلمين عن التدريس لتفقدهم التعاطف الشعبي، ووحدة موقف مجلس النقابة والمعلمين في الميدان وفي النقابة.
ولعل المعلمين يعولون على استثمار صلابة موقفهم وتأييد الشارع لهم، والضغط على الحكومة، بعد انكشاف الموقف واتضاحه للقاصي والداني، سيما وهم يرون أنّ مطلبهم عادل وأنّ حقهم مهضوم، وقد اختبروا دعواهم بموافقة شعبية كبيرة لا سابق لها.
والموقف على حاله وسندخل الأسبوع الرابع..
لا زلت مقتنعاً أنّ حل هذه المشكلة بيد الملك، فالطلبة أبناؤه، وهم أجيال الشباب المعوَّل عليهم، وهم الذين يتحدث عنهم دائماً، والمعلمون مواطنوه وهم بناة المستقبل، والحكومة حكومته فهو الذي اختارها، وكلمته مسموعة عند المعلمين لأنهم يتأكدون أنه لن يظلمهم.
أما الحكومة فإن مضى هذا اليوم ولم تحل المشكلة، ولم تنصف المعلمين مادياً ومعنوياً، فليس لها إلاَّ أن تعترف أنها غير قادرة على إدارة شؤون الدولة وهذه واحدة من أبسط مشكلاتها، وتنسحب من المشهد، وإن كنت مقتنعاً أن تبديل الحكومات لم يتمكن من حل المشكلة وسيكون البديل أكثر سوءًا، وسيضيف عبئاً مالياً جديداً على خزينة الدولة وبالتالي على كاهل المواطنين.
أليس من المعيب أن يعجز الأردنيون حكاماً ومحكومين عن حل هذه المشكلة، فتصبح الاستعانة بالمستر (بيل) هي الحل، كما هتف الشاعر الفلسطيني نوح إبراهيم في بداية القرن الماضي..
دبرها يا مستر بيل بلكي على ايدك تنحل!!