jo24_banner
jo24_banner

اذا كانت كلفة اقالة حكومة الرزاز حل مجلس النواب ، فبها ونعمت ..

اذا كانت كلفة اقالة حكومة الرزاز حل مجلس النواب ، فبها ونعمت ..
جو 24 :
كتب احمد الحراسيس - بينما يجري الحديث في وسائل اعلام شبه رسمية عن تعديل وزاري قادم على حكومة الدكتور عمر الرزاز، يبرز تساؤل جوهري حول ما يرجوه "مطبخ صنع القرار" من هذه الخطوة العبثية، فمثل هذا التعديل يعني منح حكومة "النكسة" فرصة جديدة للاستمرار في الدوار الرابع، فرصة جديدة بعد ان استنفذت  واستهلكت كل الامال والتوقعات وثبت بالوجه الشرعي انها حكومة عاجزة على كافة الصعد.

الرأي الذي يدعم اجراء تعديل تجميلي على حكومة الرزاز وذلك املا في اعادة ترميم الصورة  ورأب التصدعات و التفسخ والتشظي في فريقها وادائه ، يستند على اعتقاد ان  هناك كلفة لاقالة الحكومة مع اقتراب  نهاية العمر الدستوري لمجلس النواب بعد ستة أشهر، مع أن الأصل بدوائر صنع القرار ان تقرأ  المشهد جيدا ، فلا كلفة على الاطلاق اذا ما اقدمت على قرار "حلّ مجلس النواب"، وتشكيل حكومة جديدة ،بمواصفات مختلفة ومشروع وطني شامل للنهوض الحقيقي و مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية بكفاءة واقتدار ، على صانع القرار ان يفكر مليا بأثر ضياع فرصة معالجة الاختلالات الان ، والانتظار لسنة جديدة علَى معجزة تحدث او ينزل علينا غيث من السماء .

معالجة الاختلالات الاقتصادية

 على مطبخ القرار أن يدرس حجم مساهمة بقاء الحكومة في معالجة الاختلالات الاقتصادية ، خاصة وأن المديونية ترتفع وتتزايد بمتوالية هندسية خطيرة..  على مطبخ القرار ان يفكر في اثر تفويته لفرصة  تشكيل حكومة جديدة من شخصيات وطنية سياسية واقتصادية  معتبرة  يمكنها ان تتدارك الخلل إذا جاءت قبل اقرار الموازنة العامة للدولة. 

 الثابت بالارقام والادلة الدامغة أن استمرار  هذا النهج  -نهج حكومة الرزاز ومن سبقه -  يعني أننا  مقبلون على سنوات عجاف سيهلك بها الحرث والنسل ، و سنتحدث عن ارقام عجز ومديونية جديدة وغير مسبوقة .

  لا بد - والحالة بهذا البؤس- ان يلجآ مطبخ القرار الى اجراءات صعبة وجذرية  ولو تطلب ذلك حل مجلس النواب ،  فالمطلوب ، حكومة جديدة تراجع النهج كاملا، تراجع أولويات الموازنة، ابوابها واوجه الصرف المختلفة ، خاصة في ظلّ الاستحقاقات الجديدة المترتبة على الخزينة جراء زيادة رواتب المعلمين،  حكومة تضمّ  اصحاب رؤية اقتصادية ثاقبة ،  لا حكومة بمدرستين اقتصاديتين متناقضتين متناحرتين ؛ الأولى منفلتة من عقالها والثانية لا تفكّر إلا في الجباية وفق عقلية محاسبية صرفة لا تراعي قواعد الاقتصاد الأساسية.

المطلوب اليوم من  مطبخ القرار   أن يُفكّر   في حكومة وطنية تضمّ فريقا اقتصاديا يقدّم حلولا مبتكرة تخرجنا من المأزق الذي نعيش، وأن لا تفكر اطلاقا في الزحف  على جيب المواطن، لان ذلك يعني بالضرورة   زيادة الضغط على مواطن منهك  و التسبب بزيادة حالة الاعسار والانكماش الاقتصادي، والقضاء على ما تبقى من روح في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وزيادة حالات هجرة الاستثمارات و  رؤوس الأموال.

إنّ كلفة حلّ البرلمان مقابل تشكيل حكومة وطنية تضع مشروعا وطنيا وموازنة وطنية قائمة على مبدأ الاعتماد الكلّي على الذات بعجز مقداره "صفر"، وادارة حصيفة للموارد بعد اعادة النظر في كافة موازنات مؤسسات الدولة دون استثناء، ولا تنفق قرشا واحدا في غير محلّه، هي كلفة يسيرة، ولا تساوي شيئا أمام مشروع يستنهض الهمم ويفكك حالة الاستعصاء السياسي والاقتصادي المعقد والمركب.

ضرورة سياسية

لعلّ الأردن يمرّ في مرحلة هي الاصعب في تاريخه،  ، ولا بدّ لعبورنا منها بسلام  - قبل الوصول إلى نقطة "اللاعودة"- من تكليف حكومة انقاذ وطني  قادرة على جمع الناس خلفها ، حكومة قادرة  على جسر الفجوة العميقة بين اجهزة الدولة والشعب، واعادة بناء الثقة المفقودة باصلاحات سياسية واجتماعية وأمنية حقيقية ، وبمحاربة الفساد ومحاسبة كبار الفاسدين ، و وقف الانزلاق نحو الجريمة المنظمة التي تبدو معالمها واضحة من خلال انتشار المخدرات وسيادة فارضي الأتاوات على كثير من المناطق.

الأصل أن يُفكّر عقل الدولة في أهمية وحتمية تكليف حكومة انقاذ وطني  تملك برنامجا حقيقيا شاملا ، وتضمّ شخصيات وازنة من خارج الصندوق الاسود،  الطبقة المستحكمة على السلطة ،  التي اوصلتنا الى  هذا المأزق الخطير.  لا يجوز أن نبقى نفكّر في معالجات تجميلية تتركنا اسرى ذات النهج الفاشل ، مراوحين  داخل ذات الدائرة المفرغة من اوهام الاصلاح والنهضة ،  وإذا كان ثمن تغيير الحكومة هو حلّ البرلمان فحلّ البرلمان هو مطلب شعبي من أجل انقاذ البلاد من مغامرات ومقامرات هذه الحكومة منزوعة الدسم.

لقد أثبتت هذه الحكومة عجزها وعدم قدرتها على تحقيق شيء باستثناء ابتكار أساليب الاستعراض التي خبرها الشعب وحفظها عن ظهر قلب، حتى أصبحت تستنزف من رصيد الدولة ودوائر صنع القرار المختلفة والتي بات المواطن يشعر بحالة من القلق واليأس نتيجة استرخائها وصمتها غير المفهوم.

ثم ،ماذا عن خيارات الرئيس الرزاز ؟ ففي كل مرة يجري بها الرجل تعديلا ،تتضاعف الاشكالات وتتعمق القناعة بان خياراته كلها لم تكن موفقة . ماذا لو صدمنا هذه المرة ايضا بتعديل اخر بلا لون او طعم او فائدة ترجى؟ 

إذا أردنا الحصول على نتائج مختلفة، فمن غير المنطقي أن نستمرّ في الرهان على ذات الأدوات التقليدية، فهذا رهان خاسر ستكون نتائجه كارثية، والأصل أن نغيّر المقدمات والمدخلات حتى نحصل على مخرجات مختلفة.. وبغير ذلك فإننا نكون أمام استمرار للحالة العبثية التي نعيش ..
 
تابعو الأردن 24 على google news