الاختلاف السياسي والبلطجة
لميس أندوني
جو 24 : من حق الأطراف كافة التعبير عن رأيهم؛ المهم أن يكون التعبير سلمياً ما اختلفت الآراء والرؤية السياسية والأيديولوجية. لكن أن يصل الأمر إلى اعتداءات، كما حدث في إربد، بين مؤيدي النظام السوري ومناصري الثورة، فغير مقبول لأن في قبوله تشريعا للعنف والبلطجة بدلا من الحوار وحتى الجدل السياسي، مهما كانت حدته.
موقفي ضد النظام السوري،لا يبيح لي أو لغيري، التعدي على مؤيدي النظام، مهما كانت المنطلقات والخلفيات، وحتى بعض المبررات التي لا أؤمن بها بل وأجدها مستفزة، لكن من حقهم تنظيم فعالية ونشاطات، بغض النظر عن موقفنا منها.
من حق مؤيدي الثورة السورية، بأطيافهم كافة، أن يعترضوا بما في ذلك حمل اللافتات وترديد الشعارات، ما دامت بحدود السلمية، وإلا دخلنا حيز البلطجة وليس المعارضة السياسية مهما كانت القضية وصحتها.
الملاحظ أن بعض السلفيين أخذوا على عاتقهم، تمثيل الثورة السورية والشعب السوري، وفقا لفهمهم و نظرتهم الإقصائية والطائفية، فاختلط مفهوم حرية شعب من الاستبداد بمحاولة فرض رؤية استبدادية بديلة، ضيقة الأفق و معادية في جوهرها للعدالة والحرية.
المشهد في إربد يحمل صوراً من مأساة سورية: نظام قمعي، تجابهه انتفاضة شعبية، فيُجرى الدخول على خطها من دول وتنظيمات، لها حسابات ليس له علاقة بترسيخ أسس نظام مدني وتعددي، بل بعداء للعلمانية بعضه ناتج من نماذج الأنظمة المستبدة، وأغلبه نتيجة أيديولوجيات متطرفة تم تشجيعها و تمويلها لعقود لمواجهة الشيوعية في البدء والمشروعات الوطنية التحررية.
فلا يمكن لمن يؤمن بثورة وحرية وحريات أن يعتمد البلطجة والتفوه بشعارات طائفية إلا إذا كان الهدف، خطفها وتحطيمها، وبث الظلامية والتخلف، أي المشاركة ، عن وعي أو عن غير وعي بتدمير الدولة السورية، والكثير من هؤلاء دخلوا على خط الثورة، وحاولوا احتكارها واحتكار تمثيلها.
يجب الاعتراف أيضا أن هناك بلطجة كلامية، تمارس يوميا بين المثقفين، خاصة ضد أي صوت ينتقد النظام السوري، فيُجرى توجيه الاتهامات جزافاً؛ ويصبح الجميع خونة، أو عملاء، أو مهادنين للصهيونية والاستعمار - إذا عارضوا النظام السوري.
إذا كانت للسلفية الدينية رؤية ظلامية، فما حجة المثقفين، في الهجوم واستخدام لغة التشهير مع الذين يختلفون معهم ولو جزئياً؟ طبعاً إذا كانت التهم مبنية على حقائق فهذا منطقي، لكن إذا كانت مجرد أدوات لتفنيد الرأي الآخر فهي أدوات لا تليق بمن يقدم نفسه كمثقف أو مناضل سياسي.
من قال إن من يعارض النظام السوري يقبل بالاستعمار؟ نعم؛ إن هناك في المعارضة السورية انتهازيين وتبعًا، لكن هل ذلك يبرر القمع الدموي، حتى قبل أن تنقل الاحتجاجات السورية إلى حمل السلاح وقبل دخول جماعات مسلحة متطرفة.
يجب أن تكون هناك مساحة للحوار، فالكثير من مؤيدي الثورة أدانوا الاعتداء على منظمي التجمع المؤيدين للنظام، ومن يقبل بمثل هذه البلطجة لا يرى في سورية إلا ساحة تصفية حسابات وانتقام؛ نعم هناك من لا يستطيع تحمل ما يفعله النظام، لكن من لا يتحمل الجرائم لا يقبلها من أي طرف كان، خاصة من الطرف الذي يؤيده.
لا شك أن قرب انعقاد مؤتمر أصدقاء سورية في عمان ، هو حدث مستفز للمشاعر، حتى للكثير من مؤيدي الثورة، ففيه مصادرة مستقبل سورية لمصالح استعمارية، من تقاسم للنفوذ والثروات فلم تبق دولة، من القوى الكبيرة، تدّعي الاشتراكية ومواجهة الامبريالية، وهذا جزء من مأساة الثورات العربية.
لكن على الأقل لنحافظ على مساحة للنقاش، إذا كان الهدف الحرص على مستقبل سورية، مهم أن تفهم القوى السلفية أن خطابها يدمر الثورات والحرية، لكن الحمل الأكبر يقع على عاتق المثقفين، خاصة العلمانيين منهم، بتقديم خطاب لا يبرر الإقصائية بدعوى التقدم والحرية.
l.andony@alarabalyawm.net
العرب اليوم
موقفي ضد النظام السوري،لا يبيح لي أو لغيري، التعدي على مؤيدي النظام، مهما كانت المنطلقات والخلفيات، وحتى بعض المبررات التي لا أؤمن بها بل وأجدها مستفزة، لكن من حقهم تنظيم فعالية ونشاطات، بغض النظر عن موقفنا منها.
من حق مؤيدي الثورة السورية، بأطيافهم كافة، أن يعترضوا بما في ذلك حمل اللافتات وترديد الشعارات، ما دامت بحدود السلمية، وإلا دخلنا حيز البلطجة وليس المعارضة السياسية مهما كانت القضية وصحتها.
الملاحظ أن بعض السلفيين أخذوا على عاتقهم، تمثيل الثورة السورية والشعب السوري، وفقا لفهمهم و نظرتهم الإقصائية والطائفية، فاختلط مفهوم حرية شعب من الاستبداد بمحاولة فرض رؤية استبدادية بديلة، ضيقة الأفق و معادية في جوهرها للعدالة والحرية.
المشهد في إربد يحمل صوراً من مأساة سورية: نظام قمعي، تجابهه انتفاضة شعبية، فيُجرى الدخول على خطها من دول وتنظيمات، لها حسابات ليس له علاقة بترسيخ أسس نظام مدني وتعددي، بل بعداء للعلمانية بعضه ناتج من نماذج الأنظمة المستبدة، وأغلبه نتيجة أيديولوجيات متطرفة تم تشجيعها و تمويلها لعقود لمواجهة الشيوعية في البدء والمشروعات الوطنية التحررية.
فلا يمكن لمن يؤمن بثورة وحرية وحريات أن يعتمد البلطجة والتفوه بشعارات طائفية إلا إذا كان الهدف، خطفها وتحطيمها، وبث الظلامية والتخلف، أي المشاركة ، عن وعي أو عن غير وعي بتدمير الدولة السورية، والكثير من هؤلاء دخلوا على خط الثورة، وحاولوا احتكارها واحتكار تمثيلها.
يجب الاعتراف أيضا أن هناك بلطجة كلامية، تمارس يوميا بين المثقفين، خاصة ضد أي صوت ينتقد النظام السوري، فيُجرى توجيه الاتهامات جزافاً؛ ويصبح الجميع خونة، أو عملاء، أو مهادنين للصهيونية والاستعمار - إذا عارضوا النظام السوري.
إذا كانت للسلفية الدينية رؤية ظلامية، فما حجة المثقفين، في الهجوم واستخدام لغة التشهير مع الذين يختلفون معهم ولو جزئياً؟ طبعاً إذا كانت التهم مبنية على حقائق فهذا منطقي، لكن إذا كانت مجرد أدوات لتفنيد الرأي الآخر فهي أدوات لا تليق بمن يقدم نفسه كمثقف أو مناضل سياسي.
من قال إن من يعارض النظام السوري يقبل بالاستعمار؟ نعم؛ إن هناك في المعارضة السورية انتهازيين وتبعًا، لكن هل ذلك يبرر القمع الدموي، حتى قبل أن تنقل الاحتجاجات السورية إلى حمل السلاح وقبل دخول جماعات مسلحة متطرفة.
يجب أن تكون هناك مساحة للحوار، فالكثير من مؤيدي الثورة أدانوا الاعتداء على منظمي التجمع المؤيدين للنظام، ومن يقبل بمثل هذه البلطجة لا يرى في سورية إلا ساحة تصفية حسابات وانتقام؛ نعم هناك من لا يستطيع تحمل ما يفعله النظام، لكن من لا يتحمل الجرائم لا يقبلها من أي طرف كان، خاصة من الطرف الذي يؤيده.
لا شك أن قرب انعقاد مؤتمر أصدقاء سورية في عمان ، هو حدث مستفز للمشاعر، حتى للكثير من مؤيدي الثورة، ففيه مصادرة مستقبل سورية لمصالح استعمارية، من تقاسم للنفوذ والثروات فلم تبق دولة، من القوى الكبيرة، تدّعي الاشتراكية ومواجهة الامبريالية، وهذا جزء من مأساة الثورات العربية.
لكن على الأقل لنحافظ على مساحة للنقاش، إذا كان الهدف الحرص على مستقبل سورية، مهم أن تفهم القوى السلفية أن خطابها يدمر الثورات والحرية، لكن الحمل الأكبر يقع على عاتق المثقفين، خاصة العلمانيين منهم، بتقديم خطاب لا يبرر الإقصائية بدعوى التقدم والحرية.
l.andony@alarabalyawm.net
العرب اليوم