ورقة احتفالية بالشاعر خالد محادين في برنامج "شعراء رواد"
في ورقة احتفائية بالشاعر خالد محادين ضمن برنامج (شعراء رواد) الذي يقدمه الزميل إبراهيم السواعير في المركز الثقافي الملكي ،قرأ الشاعر ثلاث قصائد من ديوانه الجديد (قبل إغلاق النوافذ)، وهو نتاج تفرغه الابداعي مع وزارة الثقافة. كما استعرض ملامح من سيرته الذاتية.
الكاتب والشاعر الزميل خالد محادين، دائما يحلم بالأفضل ويعلن «رهاني على الغد الجميل يكبر كل يوم»، يحلم بزيارة مدينة القدس، يعلق قلبه وفكره في سماء بغداد، وعلى شاطئ غزة، ويحمل صورة سرايفيو بلا حزن وبلا دماء وبلا تدمير!!، فيما الكرك المدينة التي استقبلت مولده على ترابها وصخورها وكبريائها، تسبقه لتكون في انتظاره عند بوابات المدن التي يسافر إليها.
وعمان التي يعتبرها كما يقول محادين ذات حوار أجريته معه : "إنها مدينتي- المرأة، وهي امرأتي- المدينة». لم أكتب في عمان قصيدة واحدة أو ديوانا شعريا واحدا فقد كانت ولم تزل المدينة التي تزداد دفئا وجمالا ومراهقة كلما تَقدمَت وتقدمتُ أنا في العمر، هي مدينتي- المرأة، وهي امرأتي- المدينة، وأتحدث هنا عن عمان التي كانت، وليست عمان التي صارت وتغيرت وترجلت واكتفت بعشاقها القدامى، حيث ولد لها أبناء كثر لا يعرفون كيف يعشقون، ويتفننون في ممارسة الحقد وإبداع أشكال الكراهية وإبداع أشكال وألوان منها، أحببت وعشقت عمان القديمة، عمان البريئة، وعمان الدافئة، وليست عمان التي حلت حجارتها وحل حديدها وأسمنتها مكان قلبها. هي عمان العاشقة التي لم يبق منها في قلبي سوى قدرتها الهائلة على مبادلة الحب بالحب.
ولد شاعرنا في مدينة الكرك على بعد خمسين مترا من قلعتها، في بيت تطل نوافذه على الغرب، حيث يمكن مشاهدة البحر الميت نهارا، وأضواء فلسطين ليلا، أشعرته هذه المدينة أنه ولد لأُمين يصعب التفريق بينهما، أمه التي حملت به، وا�لكرك التي استقبلته على ترابها وصخورها وكبريائها.
كل حجر في الكرك، كل نسمة هواء، كل وجه طيب، وكل فقر، تحتل منازل في القلب، هي كل واحد مثل أمي التي حملت بي وولدتني وأرضعتني وظلت تعلمني كيف أحبها؟.
مدن كثيرة سكنت فيها وسكنت في قلبي وعقلي، عمان هي حببية الحبيبات، والقدس التي سعدت بزيارتها أسبوعيا حتى سقطت في الاحتلال، وطرابلس الغرب التي قضيت فيها تسعة أعوام، الآن أعلق قلبي وفكري في سماء بغداد، وعلى شاطئ غزة، كل مدينة مقاومة وصامدة هي جميلة بصمودها ومقاومتها.
عن ديوانه "قبل إغلاق النوافذ"
منذ العنوان، وعلى إمتداد صفحات الديوان التسعين، نجد الحضور الطاغي لثنائية (المدينة/ المرأة)، أو (المرأة/ المدينة)، عبر 18 قصيدة، وهذا يتكرر في عناوين القصائد ومتنها، كما في "لم أعد أحتاج لمدينة سواك"، "لقد هرمت المدينة أيتها الصديقة".
وفي قصيدته "بيننا الآن مدينة أخاف أن نفقدها بالوحدة"، يخاطب المدينة: "أيتها المدينة المتعبة بما تحمل من العشق
ما الذي يمنحك الدفء
وقد اخترت أن نفترق؟" (ص 57)
كما يستحضر في قصيدته، "النهر والمدينة"، ليس نهر المدينة فحسب، وإنما نهر الحب الذي لا يجف وفيها يقول
"كل هذا النهر الذي داخلي وداخلك
يقف الآخرون عند منبعه
ولا يهتدوا إلى مصبه
فما الذي لا يدعونا إلى الفرح في ظل هذا الثراء.." (53).
ما الذي يميز قصيدة محادين
استطاع محادين النجاح في قصيدة التفعيلة، كما في القصيدة العمودية، وجلها يتغنى بالوطن والحببية، تحضر المرأة والمدينة في قصيدة خالد محادين بكثافة من خلال عنوان المجموعات الشعرية وعناوين القصائد، وفي جل مجموعاته تتماهى المرأة والمدينة كما في عنوان ديوانه «لكم تزدحم المدينة بالنساء المتعبات» الصادر عام 1999، والصادر أيضا عام 2007.
محادين المهجوس بـ"الهم السياسي يمتلك شعره قدرة تستشرف المستقبل، حيث أفرد قصائد كثيرة لوجع لفلسطين والقدس وبكاء العراق، وهو ما يشير إلى القومية التي تسكن وجدانه، كما في قصيدة "رسالة اعتذار إلى بغداد"، التي تصف دمارها نتيجة مطامع الغرب في ثرواته، وما يقابله من صمت عربي.
الجرأة التي يتمتع بها محادين، واللغة الدافئة الدفاقة، انسكاب الرمز والتراث في قصائده بشكل فطري، توظيف المكان، حضور ذاكرة الطفل البكر، كل ذلك مشفوع بإحساسه المرهف بتفاصيل الحياة وبهجاتها الصغيرة، هو ما يميز شعر محادين.
فشاعرنا خالد محادين أنسان حر، مسكون بروح متمردة ورغبة جامحة في كتابة الحياة شعرا، يملك قدرة فذة في التعبير عن نفسه ومواقفه بلغة ساخرة وراقية، متغنيا بالوطن والحرية والحب.. ليكتب قصيدته.. ويدافع عنها.. ليقول كلمته ولا يمشي...
معلومات عن الشاعر :
وُلد خالد عطالله المحادين يوم 10/5/1941 في الكرك. حصل على شهادة الثانوية العامة/ الفرع الأدبي من مدرسة الكرك سنة 1958، وشهادة الدبلوم المتوسط في اللغة العربية وآدابها من دار المعلمين في عمّان سنة 1960.
عمل مساعداً لمدير دائرة الثقافة والفنون في عمّان (1978-1980)، ومستشاراً إعلامياً لوزير الثقافة والشباب (1980-1982)، ومستشاراً لوزير الإعلام (1983-1989)، ومستشاراً إعلامياً في الديوان الملكي (1989- 1992)، ومديراً عاماً لوكالة الأنباء الأردنية «بترا» (1993-1994)، ومستشاراً إعلامياً لرئيس الوزراء (1994)، ومستشاراً ثقافياً لأمين عمّان الكبرى (1999-2002).
نال جائزة الدولة التقديرية في حقل الشعر من وزارة الثقافة في ليبيا سنة 1971، وجائزة الحسين لأحسن كاتب مقالة صحفية (2007).
محادين عضو رابطة الكتاب الأردنيين، ونقابة الصحفيين الأردنيين، له العديد من المؤلفات الأدبية منها: «ونسي أنها عذراء»، قصص، دار عويدات، بيروت، 1960.»صلوات للفجر الطالع»، شعر، المطبعة الهاشمية، عمّان، 1969. «مسافرة في الجراح»، شعر، دار المسيرة، بيروت، 1978. «الحب عبر المنشورات السرية»، شعر، بيروت، 1978.»بطاقات لا يحملها البريد»، نصوص، وزارة الثقافة والشباب، عمّان 1980.»حصاد الرحلة الحزينة»، شعر، وزارة الثقافة والشباب، عمّان، 1982. «رسائل إلى المدينة لم تطهرها النار»، نصوص، وزارة الثقافة والشباب والآثار، عمّان، 1984. «أوراق جديدة من دفتر قديم»، نصوص، المؤسسة الصحفية الأردنية (الرأي)، عمّان، 1987. «الطرنيب»، قصص، المؤسسة الصحفية الأردنية (الرأي)، عمّان، 1987. «آخر الملكات»، شعر، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 1989. «ديوان الحجر»، شعر، المؤسسة الصحفية الأردنية (الرأي)، عمّان، 1990. «الأعمال الشعرية الكاملة»، مطابع المؤسسة الصحفية الأردنية (الرأي)، 1991؛ ط 2، الناشر نفسه، 2005. «من دفاتر امرأة متعَبة»، شعر، دار آرام، عمّان، 1993. «لم يبقَ لدي من الوقت إلا أنت»، نصوص، أمانة عمّان الكبرى، عمّان، 1998. «لَكَم تزدحم المدينة بالنساء المتعَبات»، نصوص، عمّان، 1999.»نركض وحيدين ولا نلتقي»، نصوص، وزارة الثقافة، عمّان، 2000. «ما تبقّى في مواقدنا يكفي لعشرة مواسم»، نصوص، وزارة الثقافة، عمذان، 2007.»مشان الله يا عبدالله»، مقالات، عمّان، 2010. «لا أملأ قلمي بحبر الآخرين»، مقالات، عمّان، 2010، كما أطلق موقعا الكترونيا شعاره «الحرية سقفها السماء». ومؤخرا ديوانه الأحدث (قبل إغلاق النوافذ)، الصادر في إطار مشروع التفرغ الإبداعي لوزارة الثقافة.